33/04/16


تحمیل
 الموضوع :- الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة( 314 ):- إذا زاد في طوافه سهواً فان كان الزائد أقل من شوط قطعه وصح طوافه وان كان شوطاً واحداً أو أكثر فالأحوط أن يتم الزائد ويجعله طوافاً كاملاً بقصد القربة المطلقة.

 كان كلامنا فيما سبق في من زاد في طوافه وقلنا أن الكلام تارة يقع في الزيادة العمديَّة وأخرى في الزيادة السهوية وكان ما سبق ناظراً إلى الزيادة العمدية وقد اتضح أن من زاد عمداً بطل طوافه لروايتين كما تقدم ، نعم استثنينا من ذلك زيادة بعض الشوط باعتبار أنا لا نجزم بصدق عنوان الزيادة عليه.
 ومن الآن يراد التحدث عن الزيادة السهوية فإذا فرض أن المكلف زاد شوطاً سهواً فصار العدد ثمانية فما هو حكمه ؟
 والجواب:- اختلفت الروايات في ذلك ، وتبعاً لاختلافها اختلفت كلمات الأعلام أيضاً فبعضها دل على أن الطواف يبطل بالزيادة السهوية وعليه يلزم الإتيان بطواف جديد بينما بعضها الآخر دل على أنه يكمل ذلك الشوط الزائد بستة أشواط فيصير الواجب في حقه أربعة عشر شوطاً.
 وقد تسأل عن الثمرة العملية بين البطلان ووجوب الإتمام بستة أشواط ؟
 إنها تظهر في موردين:-
 الأول:- إذا بطل ما سبق لزم أن يأتي المكلف بسبعة أشواط لا أن يأتي بستة ، بينما بناءً على وجوب الإكمال أسبوعين يلزمه أن يأتي بستة أشواط ، فالثمرة تظهر في شوط واحد فعلى البطلان يلزم الإتيان بهذا الشوط الزائد بينما على وجوب الإكمال تكفي الستة دون هذا الشوط الزائد
 والثاني:- صلاة الطواف ، فانه بناء على بطلان ما سبق لا حاجة إلى صلاة طواف أخرى بل تكفي صلاة واحدة ، بينما بناء على وجوب الإكمال من دون بطلان يلزم الإتيان بصلاتين.
 وبعد هذا نستعرض الروايات لنعرف النتيجة الشرعية ، والروايات الدالة على البطلان ثلاث أو ثنتان - وسيتضح سبب الترديد - بينما روايات وجوب الإكمال هي أكثر من ذلك ولعلها خمس أو أكثر.
 أما روايات البطلان فهي:-
 الأولى:- صحيحة أبي بصير المتقدمة ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال:- يعيد حتى يثبته ) [1] فإنها دلت على البطلان باعتبار أنه عليه السلام قال ( يعيد حتى يثبته ) أي يثبت الأسبوع ، وهي ليست خاصة بالناسي بل إطلاقها يشمل العامد والناسي ولذالك تمسكنا بها فيما سبق وذكرناها في جملة روايات الزيادة العمديَّة ، وقلنا هناك إن الشيخ الكليني رواها بالشكل المذكور أي ( يعيد حتى يثبته ) بينما رواها الشيخ الطوسي هكذا ( يعيد حتى يستتمَّه ) ، وبناءً على هذا ياتي احتمال أن المقصود ليس هو البطلان بل لزوم الإتمام - أي الإكمال بإضافة ستة أشواط - ويلزم أن نفسر كلمة ( يعيد ) بالإتيان ، أي أنه يأتي بستة أشواط حتى يتم بذلك أسبوع جديد ، وبناء على هذا النقل تصير هذه الرواية من روايات الطائفة الثانية الدالة على وجوب الإكمال بستة أشواط .
 إذن هذه الرواية مجملة ومرددة من هذه الناحية . اللهم إلا أن يدعى أن النقل الصحيح هو نقل الشيخ الكليني لا باعتبار أنه أضبط كما هو المعروف فان مجرد الأضبطية بشكل عام قد لا توجب الترجيح ما لم يصل الأمر إلى درجة الاطمئنان ، على انه قد يناقش في صغرى الأضبطية وأن ذلك هو أول الكلام - أي أن الشيخ الكليني أضبط من الشيخ الطوسي - ، وعلى أي حال لا يراد التمسك بذلك بل لنكتة أخرى وهي أن كلا النقلين اتفقا على ضبط الكلمة الأولى بأنها ( يعيد ) وتفسير يعيد بالإتيان كما هو لازم نقل الشيخ شيء صعب عرفاً ، مضافاً إلى أنه كان المناسب التعبير ( يعيد حتى يتمه ) لا أنه يعبِّر بـ( يعيد حتى يستتمَّه ) . إذن إن أمكن أن نرجح بذلك نقل الشيخ الكليني فبها وإلا فتكون الرواية مجملة ، وأما أنا فأعدّها من روايات الطائفة الأولى ، فيمكن التمسك بها في المقام لإثبات وجوب الإعادة.
 الرواية الثانية:- رواية أبي بصير أيضا ( قلت له فانه طاف وهو متطوع ثمان مرات وهو ناسٍ ، قال:- فليتمه طوافين وليصل أربع ركعات فأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط ) [2] وهي كما ترى واضحة في لزوم إعادة طواف الفريضة بزيادة شوط كما أنها مختصَّة بالناسي.
 ولكنها قد تناقش من حيث السند حيث ورود فيه إسماعيل بن مرار وهو لم تثبت وثاقته . على أنا ربما تكون عين الرواية السابقة وليست رواية مستقلة مغايرة لها فان المضمون واحد ومتقارب ولأجل هذا رددنا بين كون روايات الطائفة الأولى ثلاث أو ثنتين.
 الرواية الثالثة:- صحيحة عبد الله بن محمد المتقدمة عن أبي الحسن عليه السلام ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي ) [3] وهي كما ترى مطلقة من حيث السهو والعمد وذلك ذكرناه سابقاً عند البحث عن الزيادة العمدية فتشمل المقام أيضاً وقد دلت على البطلان بوضوح حيث قال عليه السلام ( فعليك الإعادة ) .
 نعم قد تبرز قرينة على اختصاصها بالعامد وعدم شمولها للناسي فتخرج من روايات هذه المسألة وتدخل في روايات المسألة السابقة فقط باعتبار أن الزيادة في باب الصلاة إنما توجب الإعادة إذا كانت عمديَّة وأما إذ كانت سهويَّة فهي لا توجب البطلان في الغالب ، وعليه تختص بالزيادة العمدية ، هكذا ذكر السيد الخوئي (قده).
 ولكنه كما ترى ، فان مجرد أن الغالب في الزيادة السهوية لا توجب البطلان لا يوجب اختصاص الرواية بالزيادة العمدية ، نعم لو فرض أن الأمر كان هو الصحة دائماً أمكن أن يكون ذلك قرينة أما مجرد كون ذلك غالباً لا دائما باعتبار أن الزيادة السهوية في الصلاة قد تجب البطلان كما لو كانت في الأركان فلا يوجب اختصاصها بخصوص الزيادة العمدية ، مضافاً إلى أنه حتى لو سلمنا أن الزيادة السهوية لا توجب البطلان دائما بل الصلاة صحيحة دائماً في الزيادة السهوية فمع ذلك هذا لا يوجب أن تكون هذه الرواية قد أريد منها خصوص الزيادة العمديَّة بل تبقى على إطلاقها وسعتها باعتبار احتمال أنها تريد أن تبين الإطلاق وان الزيادة في باب الصلاة وفي باب الطواف هي توجب البطلان مطلقاً ، غايته تصير معارضة للروايات الأخرى الدالة على عدم بطلان الصلاة بالزيادة السهوية ، وما أكثر الروايات المتعارضة.
 نعم إذا فرض أن عدم البطلان في الزيادة السهوية في باب الصلاة كان أمراً واضحاً بحيث يشكل قرينة متصلة فهنا لا بأس بأن يصير هذا الوضوح قرينة على إرادة الزيادة العمدية ، أما أن نفترض أن مثل الوضوح المذكور ليس موجوداً بل نحن بنينا أو بنى المشهور على ذلك فهذا لا يصلح للقرينية.
 وعلى هذا الأساس يكون الإطلاق ليس موجوداً ، وعليه فنقول إن هذه الرواية خاصة بالزيادة العمدية فقط لأنها ليس فيها إطلاق في المشبه به.
 ولكن يمكن الرد:- بأنه يكفي الإطلاق في المشبه فان الإمام عليه السلام يريد أن يقول ( إن الزيادة في الطواف تكون مبطلة مثل الصلاة ).
 وأما روايات الطائفة الثانية:- صحيحة عبد بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ( سمعته يقول:- من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطاً ثم ليصل ركعتين ) [4] .
 وهي واضحة في لزوم إضافة ستة أشواط ، كما أنها خاصة بحالة السهو بقرينة التعبير بكلمة ( فوهم ) . نعم هي ليست ناظرة إلى الطواف الواجب بالخصوص ولكن يمكن التمسك بالإطلاق وهو يكفينا.
 بل ربما يتمسك بالأولوية فيقال:- إذا ثبت هذا في النافلة فيثبت في الفريضة بالأولوية.
 ولكن الأولوية كما ترى:- فانه يحتمل أن الطواف الواجب يبطل فيجب الإتيان بسبعة أشواط جديدة بينما النافلة لا يبطل الطواف فيها فيكفي إضافة ستة وبذلك يكون أمر الفريضة أشد ، إن هذا احتمال وجيه ، فالأنسب التمسك بالإطلاق.


[1] الوسائل 13 363 34 من أبواب الطواف ح1.
[2] الصدر السابق ح2.
[3] الصدر السابق ح11.
[4] الصدر السابق ح7.