33/04/13


تحمیل
 الموضوع :- الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 ثم إن هذا يتم فيما لو فرض أن الإتيان بالطواف حسب ما هو الثابت والمأمور به واقعاً - إذا قلنا أنه لا يكفي بل لابد من تعيينه وانه طواف الحج أو طواف النساء مثلاً - فيلزم إعادة كلا الطوافين حتى يحرز كلا العنوانين ، وأما إذا اكتفينا بالإتيان بالطواف حسب الأمر الواقعي كما هو الحال في من فاتته فريضة رباعية ولا يشخص أنها الظهر أو العصر فانه يكفيه الإتيان بواحدة حسب الأمر الواقع ، انه إذا اكتفينا في المقام بذلك - كما هو ليس ببعيد - فلا يكون مقتضى العلم الإجمالي هو الإتيان بهما معاً بل الإتيان بطواف واحد بنيّة الأمر الواقعي . إذن لا يتم ما ذكرناه بناءً على هذا بل يتعيّن أن نستظهر أن القران قد نُسِب إليهما معاً فيبطلان معاً كأن يتمسك بصحيحة زرارة التي قالت ( إنما يكره القران في الفريضة وأما النافلة فلا بأس ) هنا يقال أن القران لم ينسب إلى هذا الطواف بخصوصه أو ذاك بل هو منتسب إلى كليهما ، فإذا استظهرنا ذلك كما استظهر السيد الخوئي(قده) فهو وإلا فالحكم بلزوم إعادتهما معاً محل إشكال كما هو واضح بل يكتفى بالإتيان بأحدهما حسب الأمر الواقعي.
 وبعد الفراغ من هذا يقع الكلام في صور الزيادة التي ذكرها( قده) وهي خمس وهو قد عنونها كلها بعنوان ( صور الزيادة ) ولكن الأخيرتان ترتبطان بالقران ولكنه زجهما هنا ، والصور الخمس هي:-
 الصورة الأولى:- أن يقصد الطائف الإتيان بشوط أو شوطين بعد الأسبوع الأول من دون قصد أنهما جزء من الطواف الذي بيده كما أنه لم يقصد أنهما جزء من أسبوع جديد فإننا نفترض أنه لم ينوِ أسبوعاً ثانياً حتى يكونا جزءاً منه ، كلا بل هو يقصد الإتيان بشوطين مستقلين ، والمقصود أنه يأتي بهما بقصد الطواف لا أنه يمشي شوطين من دون قصده فان هذا لا ينبغي ذكره إذ من الواضح أنه لا إشكال فيه ، نعم قد يضر من باب فوات الموالاة بين الطواف والصلاة ، وفي هذه الصورة يكون المناسب هو الصحة إذ لا زيادة ولا قران ، إما أنه لا زيادة فلأنة لم يقصد كون الشوطين جزءاً من الطواف الذي أتى به وإنما قصد كونهما شيئين مستلقين ، كما أنه لا قران باعتبار أنه يتوقف على الإتيان بأسبوع كامل وهذا لم يقصد الإتيان به وإنما قصد الإتيان بشوط أو شوطين ، فلا مشكلة في هذه الصورة.
 الصورة الثانية:- أن يقصد الإتيان بشوط أو شوطين كجزءٍ من الطواف الذي بيده ويكون قصده المذكور ثابتاً من بداية الشروع في الطواف أو يقصد ذلك في الأثناء ، في مقابل ما سيأتي في الصورة الثالثة وهو أن يقصد بكونهما جزأين بعد الفراغ من الطواف ، والمناسب في هذه الحالة البطلان باعتبار أن ذلك مصداق واضح للزيادة ولا نحتاج إلى كلام زائد.
 الصورة الثالثة:- أن يقصد كونهما جزأين بعد أن يفرغ من الشوط السابع ، والمناسب هنا البطلان أيضاً والوجه في ذلك هو أنه يصدق هنا عنوان ( زاد في طوافه ) لا يتوقف على القصد من البداية كلا بل يصدق عرفاً أنه زاد في طوافه.
 إن قلت:- انه في باب الصلاة إذا قال الشخص ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ثم بعد ذلك قصد الإتيان بركوع أو بسجود كجزءٍ من صلاته فهل تبطل صلاته به ؟ فانه يوجد عندنا دليل يقول ( من زاد في صلاته أعاد الصلاة ) فهل يصدق عنوان الزيادة آنذاك ؟ كلا لأنه أتي بالزيادة بعد الفراغ . وليكن مقامنا من هذا القبيل فيقال انه قد فرغ من الطواف السابق فلا يمكن أن يصير الزائد جزءاً مما انتهى وفرغ منه كما هو الحال في باب الصلاة.
 قلت:- هذا قياس مع الفارق فانه في باب الصلاة قد حدَّد الشرع النهاية وقال ( إذا قال السلام عليكم فقد انصرف ) وهكذا ورد ( أن الصلاة أولها التكبير وآخرها التسليم ) فعند تحقق التسليم تنتهي الصلاة فلا يمكن إلحاق شيءٍ بها ، وهذا بخلافه في الطواف فلا يوجد عندنا نصً يقول ( إذا وصل إلى الحَجَر الأسود في الشوط السابع فقد انصرف وانتهى هذا الطواف ) بحيث لا يمكن حينئذ إدخال شيء فيه ، نعم الواجب هو الانتهاء إلى الحَجَر الأسود أما أنه فرغ بحيث لا يمكن أن يلحق به شيئاً فهذا لم يثبت ، وعليه فالمناسب كما قال (قده) هو صدق الزيادة.
 الصورة الرابعة:- وهي كما قلنا من صور القران وحاصلها أن يقصد المكلف الإتيان بشوطين لا كجزءٍ من الطواف السابق بل كجزءٍ من الطواف اللاحق - أي أنه يقصد الإتيان بأسبوع جديد - ويكون هذان الشوطان جزءاً منه وبالفعل نفترض أنه أتى بهما ضمن أسبوع كامل بعد الطواف الأوَّل ، والمناسب هنا البطلان لا من حيث الزيادة إذ لم تحصل الزيادة حيث لم يقصد كونهما جزأين من الطواف السابق بل من حيث محذور القران.
 الصورة الخامسة:- وهي نفس الرابعة ، أي أنه يقصد الإتيان بالشوطين كجزءٍ من طواف جديد ولكن نفترض أنه حينما أتى بهما وانتهى من الشوطين عدل عن قصد الأسبوع ، والمناسب هنا أنه لا زيادة ولا قران ، أما أنه لا زيادة فلأنه لم يقصد كونهما جزءاً من الطواف السابق ، وأما أنه لا قران فلأنه لم يأتِ بأسبوعٍ كاملٍ وشرط القران هو الإتيان بأسبوع كامل مقترن بالأسبوع الأوّل ، بيد أنه رغم عدم صدق عنوان الزيادة والقران يمكن الحكم بالبطلان وذلك من جهة عدم تحقق قصد القربة فيما إذا فرض أنه كان عالماً بحرمة القِران وبإبطاله للطواف فانه إذا كان عالماً بذلك كيف يتحقق منه قصد القربة وكيف يمكن للعاقل أن يقصد القربة بما يعلم أنه حرام ، نعم إذا كان جاهلاً بذلك فقد تحقق قصد القربة منه ونحكم بصحة طوافه أما إذا فرض أنه عالم فلا يتمشى منه قصد القربة.
 ثم انه ربما يظهر منه(قده) أن القران محرَّم تكليفاً ، وهذه قضية لم يسلط الأضواء عليها فانه لم يذكر أن القران محرم ولكن هذا العبارة يلوح منها ذلك فانه قال هكذا ( وذلك فيما إذا قصد المكلف الزيادة مع علمه بحرمة القران وبطلان الطواف به فانه لا يتحقق قصد القربة حينئذ ) أن هذا يظهر منه أنه يبني على حرمة القران لقرينتين:-
 الأولى:- العطف ، حيث عطف بطلان الطواف على حرمة القران وظاهر العطف المغايرة فالحرمة هي الحرمة التكليفية ثم عطف عليها البطلان الذي هو حكم وضعي.
 والثانية:- انه إذا لم يكن حرام تكليفاً فلماذا لا يتمشى منه قصد القربة ؟ أن قصد القربة لا يتمشى منه إذا فرض أنه كان عالماً بحرمة القران وأن المولى يبغضه فكيف يقصد التقرب بما هو مبغوض ، أما إذا لم يكن حراماً تكليفاً فيتمشى آنذاك قصد القربة.
 ولكن يمكن أن يقال:- حتى لو نبن على الحرمة التكليفية وحكمنا بأن القران باطل من دون حرمة تكليفية فانه لا يتمشى قصد القربة إذ كيف تقصد القربة بما هو باطل ؟ انه لا يمكن ذلك.
 إذن التعليل تام - أي عدم تمشي قصد القربة - سواءً قلنا بالحرمة التكليفية أم لم نقل بها.
 وقبل أن نختم حديثنا نشير إلى قضية فنية:- وهي أن الصورتين الأخيرتين هما من صور القران ولا داعي إلى زجهما في صور الزيادة ، وأيضاً إن التقسيم الخماسي الذي ذكره رغم أنه شيءٌ ظريفٌ إلا أنه يصعب هضمه كما يصعب حفظه ، على أن هذا العرض يتناسب مع الأبحاث العلمية أما مادام الكتاب يعرض كفتاوى للعوام فكان من المناسب اختصار المطلب ، بل كان من المناسب أن لا نذكر هذه الصور من الأساس لأنها من صور الزيادة العمديَّة وأين المؤمن الذي ذهب إلى الحج وهو يقصد الزيادة العمديَّة ؟!! فكان المناسب عدم التعرض إليها ، ولكن إذا أريد التعرض إليها فلابد من التعرض إليها بشكل عابر وبشكل يسهل هضمه وذلك بأن يقال هكذا ( إذا قصد المكلف زيادة شوط أو شوطين في طوافه وأتى بذلك بطل وأما إذا قصد الإتيان بأسبوع وأتى به فذلك القران وهو مبطل ).