1441/02/03


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

الثاني:- أن يبنى على أنَّ الاجازة أمارة على صحة العقد وثبوت الملكية من البداية لا أنَّ العقد موقوف عليها، وربما يلوح ذلك من عبارة مفتاح الكرامة، فإنَّ له عبارة يلوح منها أنَّه يبني على الأمارية ، يعني أنَّ الاجازة لا يتوقف العقد عليها وإنما دورها دور الامارة والكاشف، قال(قده):- ( إنَّ العقد سبب تام مع الاجازة وإن تأخرت عنه فعلاً فهو مراعىً لا موقوفاً فإن حصلت كشفت عن تأثيره من حين وقوعه )[1] .

وربما يقصد من قوله ( فهو مراعى بالاجازة لا موقفاً ) هو ان الاجازة لا يكون عقد الفضولي معلقا عليها وإنما هي مجرد امارة، فعل الشيخ الأعظم(قده) قال لا يجوز التصرف وإن قطع الأصيل بعدم تحقق الاجازة يتكلم بناءً على كون الاجازة أمارة أنَّ العقد يتوقف عليها.

وسواء كان هذا هو مقصود مفتاح الكرامة أن لم يكن مقصوداً له فالمهم أن نقول إنه يوجد احتمالا في الأمارية: -

الاحتمال الأول: - أن يقال إنَّ الاجازة أمارة بمعنى أنه لا تأثير لها اصلاً وإنما تمام المؤثر هو العقد.

وإذا كان هذا هو المقصود فهو واضح الوهن، فإنَّ لازم هذا هو أنَّ العقد وحده يؤثر وضم الاجازة كضم الحجر إلى الانسان وهذا لا يحتمله متفقه فضلاً عن الفقيه، فهذا الاحتمال لا يمكن الالتزام به.

الاحتمال الثاني: - أنها تؤثر في حصول الملكية من البداية فهي أمارة على تحققه الملكية من البداية فالأمارية يقصد منها هذا المعنى أي أنها تكشف عن تحقق الملكية من حين العقد.

وهذا احتمال وجيه، ولكن نقول: - إنَّ هذا لا ينفع في حق الشيخ الأعظم(قده) لنه بالتالي تأثيرها من البداية مشروط بتحققها ولو بعد سنة ولكن نحن نشك هل تتحقق بعد ذلك أو لا والاستصحاب ينفي تحققها فلا مثبت لتحقق الملكية من البداية حتى يمتنع التصرف، بل إنَّ الشيخ الأعظم(قده) قال ( وإن قطعنا بعدم تحقق الاجازة )، يعني على هذا الاحتمال لازمه عدم تحقق الملكية فلماذا لا يجوز التصرف؟!!

وعلى أي حال ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) غريب ويصعب توجيهه.

والنتيجة من كل ما ذكرنا: - إنه لابد من التفرقة ين الفسخ وبين التصرف - والمقصود من الفسخ ما ذكرناه في الثمرة الثانية وبين جواز التصرف الذي هو الثمرة الثالثة - فالفسخ على ما ذكرنا يجوز مادام لم تصدر الاجازة من المالك حتى لو قطعنا بأنَّ المالك سوف يجيز ولكن مع ذلك يجوز الفسخ قبل صدور الاجازة، حيث قلنا إنه قبل صدور الاجازة لا يصدق عنوان العقد والمعاقدة بين الطرفين فإن العقد يحتاج إلى إيجاب وقبول من الأصيلين أو لا أقل الاجازة - ايجاب من طرف واجازة من الطرف الآخر إذا كان الطرف الثاني فضولياً - أما إذا فرض أنها بعد لم تتحقق وإنما ستتحقق بعد ذلك، فحينما تتحقق يصدق العقد أما قبل تحققها لا يصدق العقد فلا يجوز فسخه والفسخ هنا معنى التراجع، فيجوز للأصيل أن يتراجع، لأنَّ المفروض أن العقد بعد لم يصدق، فيجوز الفسخ على النقل بل على الكشف حتى لو قطعنا بأنَّ الاجازة سوف تتحقق فيما بعد، إذ عدم جواز التراجع فرع تحقق العقد وقبل تحقق الاجازة لا عقد نعم ربما يقال الملكية متقدمة من بداية عقد الفضولي أما العقد فلم يصدق بعد لأنه فرع الاجازة فيجوز الفسخ.

وأما التصرف: - فالمناسب أنه على الكشف لا يجوز للطرف الثاني التصرف مادام يقطع بصدور الاجازة فإنَّ الملكية آنذاك تكون متحققة من حين العقد، فلا يجوز للبائع الأصيل التصرف.

إن قلت: - كيف يمكن أن تكون الملكية ثباتة من بداية عقد الفضولي أما عنوان العقد والمعاقدة يصدق بعد تحقق الاجازة؟ يعني أنه قبل الاجازة لا عقد ولكن الملكية ثابتة، فلو كانت الاجازة ستصدر واقعاً على ما ذهبنا إليه نحن فإنَّ الملكية ثابتة من حين العقد ولكن المعاقدة والعقد يتحقق صدقه حين صدور الاجازة فكيف يصور هذا؟

قلنا: - إنَّ معنى الكشف الحقيقي هو هذا، أي أنَّ المتأخر الذي يأتي بعد يوم أو شهر أو سنة وهو إجازة المالك تؤثر في الملكية المتقدمة، يعني أنَّ العقد والمعاقدة يصدر حين الاجازة ولكن هذا العقد والاجازة رغم تأخرهما يؤثران من البداية، وهذا هو مبنى الكشف، فإن الكشف يفترض أنَّ الملكية متقدمة رغم تأخر الاجازة والعقد، ولا محذور في ذلك.

نعم عليك أن تنكر أصل فكرة الكشف، أما إذا قبلتها فلا يأتي هذا النقاش، فإذا قبلت بأنَّ التأخِّر يؤثر في المتقدِّم - باعتبار أنها أمور اعتبارية أو غير ذلك - فحينئذٍ نقول إنَّ العقد والمعاقدة متأخر ولكنه يؤثر في الملكية المتقدمة.

والخلاصة: - نحن إذاً نفصّل بين الفسخ وجواز التصرف، فالفسخ يجوز حتى لو علمنا بأنَّ المالك سوف يجيز فميا بعد، وهذا بخلافه في التصرف فإنا لو علمنا بأن المالك سوف يجيز حتماً - لا احتمالاً فإنَّ الاحتمال لا ينفعنا لجريان الاستصحاب الاستقبالي بنفي تحقق الاجازة - فهذا معناه أنَّ الملكية موجودة من بداية عقد الفضولي فلا يجوز آنذاك التصرف.

إذاً لابد من التفصيل بالشكل الذي ذكرناه، وذكرنا أيضاً أن سيرة العقلاء ولمتشرعة خير شاهد على هذا، فإنه إذا صدر عقد فضولي وفهم الأصيل بعد ذلك على أنَّ عقد فضولي فالسيرة جارية على أن يفسخ من دون تفصيل بين أن تكون الاجازة كاشفة أو ناقلة، ولاحظ هذا من نفسك فإنَّ هذا ارتكاز عقلائي متشرعي، وقد قلنا هو يصير كالقرينة المتصلة بالإطلاقات والعمومات فتقيدها، وهذا بخلاف التصرف فإنَّه ربما يقال إنَّ المتشرعة لا يقدمون عليه، اللهم إلا أن يقصد بتصرفه الفسح ولكن تلك قضية أخرى، أما إذا لم يقصد الفسخ وكان يبني على الكشف فيوجد مجال على أن نقول إنَّ المتشرع لا يقدم على التصرف.

والنتيجة النهائية من كل ما ذكرنا: - إنَّ التصرف على النقل جائز، وأما على الكشف ففي حالة احتمال الاجازة يجوز التصرف للاستصحاب الاستقبالي بنفي تحقق الاجازة، وأما إذا قطعنا بالاجازة فآنذاك لا يجوز التصرف.

وبهذا ننهي كلامنا عن هذه الثمرات الثلاث.


[1] مفتاح الكرامة، السيد محمد جواد العاملي، ج4، ص190.