1440/10/07


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/10/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 66 ) – شروط المتعاقدين.

ويرد عليه:-

أولاً:- إنَّ هذا البيان يختص بحالة غصبية البائع ونحن كلامنا أعم من ذلك ، كما لو باع الباع لا من باب الغصبية بل باعتقاد انه مالك فلا يتم هذا البيان هنا ، مضافاً إلى ذلك إنه مع فرض علم المشتري بغصبية البائع ، فإذاً أخذ قيدان في هذا البيان وكلامنا لا يختص بذلك بل هو أعم منه ، فإذاً هذا البيان لو تم فهو أخصّ من المدّعى من ناحيتين ، فهو لا يتم فيما إذا كان البائع ليس غاصباً وإنما كان يعتقد أنه مالك أو فرض ان المشتري لم يكن عالماً بغصبية البائع.

ثانياً:- إنه لم يثبت ما نقل عن الأصحاب فإنَّ هذه مجرد دعوى ، ولا تذهب وتفتش وتأتني بواحدٍ أو اثنين أو عشرة من الأصحاب فإنَّ هذا لا ينفع ، فنحن نريد مدركاً شرعياً والمدرك الشرعي فيما إذا كان هناك إجماع ثابت ، أما أنك تأتي بواحد أو اثنين فهذا لا يثبت أنَّ الأصحاب يذهبون إلى أنَّ المشتري لو سلّط البائع الغاصب على الثمن وهو يعلم أنه غاصب صار الثمن ملكاً للغاصب ولا يحق للمشتري أن يرجع على الغاصب لو ردّ المالك ولم يجِز البيع فإنَّ هذا غير ثابت عن الأصحاب ، وإذا ثبت عن بعضهم فهو لا ينفع.

وإذا قال قائل نصرة لما نسب إلى الأصحاب:- إنه مع علم المشتري بغصبية البائع ورغم ذلك قدّم له الثمن فهذا واضح أنَّ المشتري ملّك البائع الغاصب الثمن فصار الثمن ملكاً للبائع.

وجوابه:- لعلّ المشتري دفع الثمن إلى البائع الغاصب من باب الاباحة لا من باب التمليك ، وحينئذٍ لا يلزم من ذلك ملكية البائع للثمن ، إذ المشتري لم يدفعه إليه بعنوان التمليك وإنما يحتمل أنه دفعه إليه بعنوان الاباحة.

ثالثاً:- لعل المشتري دفع الثمن إلى البائع رغم علمه بكونه غاصباً ونسلّم أنه قد سلّطه على الثمن وملّكه إياه ولكن يحتمل أنه ملّكه على تقدير الردّ ، يعني إذا فرض أنَّ المالك ردّ فحينئذٍ لا نعتني للمالك وخذ الثمن وأعطني المبيع وإن كان مغصوباً ، فيمكن أن يقصد المشتري تسليط البائع فقط وفقط في حالة ردّ المالك ، وأما في حالة اجازة المالك فلا يقصد المشتري تسليط البائع وتمليكه ، وإنما على تقدير اجازة المالك فالمالك يأخذ الثمن من باب كونه ثمناً لمبيعه ولملكه.

وأضاف الشيخ الأعظم(قده) إشكالاً آخر[1] وحاصله:- إنَّ هذا إن تم فهو يتم على مسلك النقل دون الكاشفية ، يعني لو قلنا بأنَّ الاجازة ناقلة فيمكن أن يتم الاشكال الثالث ، يعني يمكن أن نقول بأنَّ المشتري سلّط البائع على الثمن وبالتالي البائع بتسليط المشتري ملك الثمن ، وحينئذٍ المعاملة حينئذٍ تكون فاقدة لأحد العوضين ، فإنه يوجد فيها عوض واحد دون الثاني ، فلا توجد معاوضة ، ولا يتم بناءً على كاشفية الاجازة ، والوجه في ذلك: هو أنه بناءً على النقل عند اجازة المالك يصير الثمن ملاكاً للمالك من حين الاجازة ، وحيث إنَّ المفروض قبلاً أنَّ البائع قد سلّط المشتري على الثمن فحينئذٍ لا يعود هناك شيء على الأرض كي يلمكه المالك ، لأنه بتسليط المشتري البائعَ على الثمن صار هذا الثمن ملكاً للبائع ، فإذا أراد المالك أن يجيز فلا توجد معاوضة ولا يوجد ثمن حتى يملكه المالك من حين الاجازة.

فالإشكال إن تم ويكون وجيهاً بناءً على كون الاجازة ناقلة ، وأما بناءً على الكشف فلا يتم الاشكال ، والوجه في ذلك إنه بناء على الكشف يكون الثمن ملكاً للمالك من حين العقد فإذاً المالك صار مالكاً للثمن من حين العقد ، وتسليط البائع على الثمن من قبل المشتري حصل بعد العقد كما هو واضح ، فإذاً صار الثمن ملكاً للمالك بالعقد وحينما سلّط المشتري البائعَ على الثمن ودفعه إليه فهو قد دفع إليه ملك غيره - أي ملك المالك - فلا يكون مجدياً في تمليك البائع وإنما يكون مجدياً فيما لو فرض أنّ الثمن كان باقياً على ملك المشتري وهذا المشتري يسلّط البائع على الثمن ، وهذا يتم بناءً على النقل ، إذ بناءً على النقل يكون الثمن للمشتري من حين العقد وليس من حين الاجازة ، أما من حين العقد فلا يكون ملكاً للمالك بل يكون بَعدُ ملكاً للمشتري ، فإذا دفع المشتري الثمن للبائع فقد دفع ملكه وسلّط البائع على ملكه فتأتي الشبهة ويأتي الاشكال ، أما بناءً على مسلك الكشف فالمفروض أنَّ الثمن صار ملكاً للمالك بالعقد وخرج عن ملك المشتري فتسليط المشتري - بمعنى دفع الثمن للبائع - هو دفع لملك غيره لا ملك نفسه ، فلا يكون موجباً لتمليك البائع بل يكون باقياً على ملك المالك ولا يأتي الاشكال.

وفيه:- إنه ما معنى كون الاجازة كاشفة ، فهل معناه أنَّ الملكية تثبت من حين العقد حتى قبل تحقق الاجازة أو أنَّ المقصود هو أنه إذا تحققت الاجازة فبعد تحققها يصير الثمن ملكاً من حين العقد ؟ ، وما أفاده الشيخ الأعظم(قده) من الاشكال يتم على التقدير الأول ، يعني إذا قلنا إنَّ الثمن انتقل إلى المالك من حين العقد قبل تحقق الاجازة ، إذ يقال إنه بناءً على الكشف هو من حين العقد كان ملكاً للمالك فتسليط المشتري على الثمن من قبل البائع هو تسليط على ملك الغير ويتم إشكال الشيخ الأعظم(قده) ، أما إذا بنينا على الثاني يعني قلنا إنه ملك للبائع من حين العقد ولكن بعد صدور الاجازة لا قبل صدورها فحينئذٍ نقول حيث إنَّ تسليط المشتري البائعَ على الثمن تحقق قبل صدور الاجازة وقبل صدور الاجازة الثمن ليس ملكاً للمالك وإنما هو باقٍ ملكاً للمشتري فيكون المشتري قد سلّط البائع على ملكه لا أنه سلّطه على ملك الغير.

إذاً ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) يتم باءً على تفسير الكشف بالأول ، أما بناءً على تفسيره بالثاني فلا يتم.

ولعل المناسب هو التفسير الثاني:- إذ قبل صدور الاجازة وفرض صدورها لا معنى لصيرورة الثمن ملكاً للمالك ، إذ المفروض أنه لم تصدر منه الاجازة فلماذا يصير الثمن ملكاً له ؟!! وإنما المناسب أن يصير ملكاً له بعد تحقق الاجازة وصدورها ، ويكون ملكاً له من حين العقد فإنَّ الأمور الاعتبارية سهلة المؤنة من هذه الناحية ، فالوجيه هو الاحتمال الثاني دون الأول ، فما أفاده الشيخ الأعظم(قده) من الاشكال محل تأمل.

إذاً اتضح أنَّ المناقشات على الاشكال الثالث هي ثلاثة من دون اضافة الاشكال الرابع الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده).


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج2، ص388.