39/06/16


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 48 ) هل يجوز استعمال ألفاظ البيع في الشراء وبالعكس أو لا - المكاسب المحرّمة.

وإن شئت قلت في تبيان هذه الأقسام الأربعة[1] :- إنَّ القبول إما أن يشتمل على إنشاء كالإيجاب أو لا ، وعلى الأوّل فإما أن يكون مشابهاً لإنشاء الايجاب أو مغايراً ، فإن كان مشبهاً مثل المصالحة فلا يجوز التقديم بلفظ القبول أو بلفظ صالحتك كما أوضحنا ، وإن كان مغايراً كالبيع والنكاح والاجارة ما شاكل ذلك فيجوز التقديم لكن لا بلفظ قبلت بل باللفاظ الأخرى مثل تملكت واشريت وتزوجتك وما شاكل ذلك ، وأما إذا لم يشتمل القبول على إنشاء نقل ونحوه فإما أن تعتبر فيه المطاوعة فلا يجوز التقديم أو لا يعتبر فيه المطاوعة مثل الوكالة والعارية فيجوز التقديم.

ونحن نعلّق ونقول:- نحن ننظر إلى اطلاق أدلة العقود ، فأين ما صدق عنوان ذلك العقد عرفاً فسوف نتمسّك بالإطلاق ولا مشكلة ، وعلى هذا الأساس نأتي إلى الأقسام الأربعة التي ذكرها :-

أما في القسم الأوّل:- فإنه قال لا يجوز القديم بلفظ قبلت ويجوز بغيره لأنه يعتبر إنشاء النقل في الحال وكلمة قبلت لا تدل على ذلك ، وقد ناقشنا فيما سبق ثلاث مناقشات حيث قلنا نحن لا نعتبر إنشاء النقل ولا نعتبر في الحال وعلى تقدير التسليم فإنَّ كلمة ( قبلت ) لو تقدمت فهي تدل على الرضا بإنشاء النقل في الحال كما لو تقدمت فنتمسّك الاطلاق.وأما القسم الثاني:- فلا تعليق لنا عليه وإنما نوافقه على ذلك ، فنتمسّك بإطلاق الوكالة والعارية ولا مانع من التقدم.وأما الموردان اللذان قال بأنه لا يجوز فيهما التقديم:- فنحن نختلف معه هنا:-

ففي المورد الأول أنه قال:- إذا كان القبول يشتمل على إنشاء مشابه فهنا لا يجوز تقديم القبول بلفظ قبلت ولا بلفظ صالحتك ، لأنه لو كان متقدماً بلفظ قبلت فإنه لا يدل على إنشاء النقل في الحال , إذا كان التقدم بلفظ صالحتك يلزم تركّب العقد من ايجابين ، ونحن نقول:- يجوز التقدم في الاثنين فإننا نتمسّك بالإطلاق حيث قال الدليل ﴿ والصلح خير ﴾ يعني متى ما صدق الصلح ، فأنا أقول له أنا أقبل بالمصالحة التي تصالحني عليها وهو قال صالحتك على كذا فهنا صدق الصلح إلا إذا كانت تشكك عرفاً في هذا ولكني لا أرى موجباً للتشكيك فالإطلاق حينئذٍ يشمله حتى مع كون التقديم بلفظ قبلت ، وهكذا يجوز التقديم بلفظ صالحتك حيث قال يلزم تركب العقد من إيجابين ، ونحن نقول:- لا بأس بتركّبه من ايجابين مادام أحد الايجابين يدل ضمناً وملازمة على الرضا والقبول فحينما يقول صالحتك على داري مقابل دارك فصحيح أنها دالة على ايجاب الصلح ولكن في الأثناء أيضاً دالة على القبول وأنت تقول صالحتك على هذه الدار بدل تلك الدار ولا مشكلة في هذا ، نعم التركب من ايجابين بلا قبول هذا خلف عنوان العقد والمصالحة مثلاً ، وأما إذا فرض أنَّ أحدهما يتضمن بالدلالة التضمنية أو الإلتزامية الرضا فعلى هذا الأساس لو قال الطرف الآخر صالحتك بعد ذلك كفى والاطلاق يشمله ، وأما إذا كان القبول ليس فيه إلا الرضا ولكن بنحو المطاوعة فهنا نقول له الحق معك ، فإذا اعتبر الرضا بنحو المطاوعة فما قلته مقبلو ولكن نقول من أين لك أنَّ المعتبر في القرض الرهن معتبر الرضا بنحو المطاوعة فإنَّ هذا لا مثبت له ؟!! فمادام عرفاً هو يصدق مع تقدّم الرضا فنتمسّك بمطلقات العقود والقرض وغير ذلك ولا داعي للتوقف ، نعم إذا ثبت ذلك فهذا مقبول ولكنه لم يثبت ، وإذا شككنا فيكفي التمسّك بالإطلاق لإثبات الجواز ، إلا إذا شككنا في عنوان القرض وأنه من قال أنه رهن أو قرض ولكن هذا خلاف الوجدان العرفي ، فإذا قلت لك ( أنا أقبل إن تقرضني مبلغ كذا من المال ) وأنت قلت ( أقرضتك ) فهنا صدق القرض ولا نقول لابد من المطاوعة ومن دونها لا يصدق القرض ، فإنَّ التشكيك في صدق القرض أراه صعباً.

والنتيجة النهائية:- هي أنه يجوز تقديم القبول في جميع الأنحاء الأربعة تمسّكاً بإطلاق ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و ﴿ أحل الله البيع ﴾ و ﴿ والصلح خير ﴾.

المسألة الثانية:- هل يجوز تقديم القبول بصيغة الأمر ؟

ذكر الشيخ الأعظم(قده)[2] أنَّ في صحة تقديم القبول بلفظ الأمر اختلافاً كثيراً بين الأصحاب ، ثم أخذ بنقل كلماتهم ، ثم قال قبل ذلك[3] : أنا أختار أنه لا يصح التقديم لأنَّ كلمة ( بعني ) إذا تقدم لا يدل على إنشاء النقل في الحال.

وجوابه ما تقدم ولا نكرر.

وقد يستدل على جواز تقديم القبول بصيغة الأمر بالرواية المعروفة:- وهي ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن العلاء بن رزين عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: زوجني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لهذه ؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله زوجنيها ، فقال: ما تعطيها ؟ فقال: ما لي شيء ، قال: لا ، فأعادت فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام فلم يقم أحد غير الرجل ، ثم أعادت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في المرّة الثالثة: أتحسن من القرآن شيئاً ؟ قال: نعم ، قال: زوجتكها على ما تحسن من القرآن فعلِّمها إياه )[4] .


[1] وهذا ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) ايضاً.