36/06/24


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل لا بأس للصائم بمص الخاتم أو الحصى، ولا بمضغ الطعام للصبي، ولا بزق الطائر، ولا بذوق المرق ونحو ذلك.....)
الكلام في مسألة بل الثوب ووضعه على الجسد وذكرنا التعارض بين معتبرة الحسن بن راشد وصحيحة محمد بن مسلم لكن قد يقال بأنه لا تعارض بينهما لأختلاف موضوعيهما, فأن الوارد في صحيحة محمد بن مسلم هو التبرد بالثوب بينما الوارد في معتبرة الحسن بن راشد هو عنوان بل الثوب, لكن الظاهر أن الموضوع واحد لأن المقصود بالتبرد بالثوب هو بله ووضعه على الجسد.
وحمل الاصحاب الرواية المانعة على الكراهة جمعاً بين الدليل المجوز الصريح في الجواز والدليل المانع.
قال الماتن (ولا بالسواك اليابس بل بالرطب أيضا)[1]
والظاهر عدم الخلاف في جواز السواك اليابس بل ادعي الاجماع عليه, وقد دلت النصوص الكثيرة على ذلك ايضاً منها:
صحيحة عبدالله ابن سنان (عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يستاك الصائم أي ساعة من النهار أحب [2](.
هناك تركيز على تجويز السواك في جميع الاوقات في نهار الصوم, والظاهر أن ذلك في مقابل العامة حيث هناك رأي لهم يفرق بين ما قبل الزوال وبين ما بعده.
وصحيحة الحلبي (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام أيستاك الصائم بالماء وبالعود الرطب يجد طعمه ؟ فقال : لا بأس به )[3]

رواية أبي الجارود(عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن السواك للصائم ؟ قال: يستاك أي ساعة شاء من أول النهار إلى آخره)[4]

ورواية محمد بن مسلم (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم أي ساعة يستاك من النهار ؟ قال : متى شاء [5](.

روية الحسين بن أبي العلاء (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن السواك للصائم ؟ فقال : نعم يستاك أي النهار شاء[6] (.
وهي تامة سنداً.
والقدر المتيقن من هذه الروايات هو السواك باليابس.
أما السواك بالرطب فالجواز هو المشهور ايضاً وقد نقل الخلاف في ذلك عن العماني فقط, نقل ذلك العلامة في المختلف عنه (ولا يستاك بالسواك الرطب), وهذه العبارة ليست صريحة في المفطرية ولعل المقصود بها الكراهة أو النهي التكليفي فقط, ومن هنا يمكن القول بوجود الاتفاق من غير العماني على فرض الاجمال في عبارته على عدم المفطرية.
والنصوص في المقام متعارضة فمنها ما يمنع بشكل واضح جداً ومنها:
صحيحة الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الصائم، يستاك ؟ قال : لا بأس به، وقال لا يستاك بسواك رطب)[7]
وهي واضحة في النهي عن ذلك وهكذا صحيحة أبي بصير (عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يستاك الصائم بعود رطب( .[8]
وهي صريحة بالمنع.
وموثقة عمار بن موسى (عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم ينزع ضرسه ؟ قال : لا ولا يدمي فاه، ولا يستاك بعود رطب [9](.
وسندها تام وان كان روايتها من الفطحية لكنهم ثقات.
ورواية محمد بن مسلم ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يستاك الصائم أي النهار شاء، ولا يستاك بعود رطب . . الحديث [10](.
وهذه الرواية في سندها علي بن اسباط فيه كلام, هذه هي الروايات المانعة.
وفي قبالها الروايات المجوزة في خصوص الرطب منها:
صحيحة الحلبي (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام أيستاك الصائم بالماء وبالعود الرطب يجد طعمه ؟ فقال : لا بأس به )[11]
يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي وفي بعض النسخ لم يرد ذكر الحسن وعلى كلا التقديرين تكون الرواية تامة سنداً لأن الظاهر أن المراد بالحسن في هذه الطبقة الحسن بن علي بن فضال وهو ثقة.


وصحيحة عبد الله بن سنان (عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب، وقال : لا يضر أن يبل سواكه بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شيء [12](.
والظاهر من ذيل الرواية _على الاقل_ أن المراد بالكراهة الكراهة الاصطلاحية وان كانت بحسب اللغة ليست متعينة لذلك, فيكون جائزاً ولا يضر بصحة الصوم.
والمراد من قوله (لا يبقى فيه شيء) لا يبقى شيء من الماء, لكن الرطوبة تبقى وعندما يستاك يستاك بالرطب.
ومن جملة الرواية المجوزة رواية الحسين بن علوان يقول وبهذا الاسناد, والاسناد الذي قبله (عبدالله بن جعفر في ( قرب الاسناد ) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : كان علي ( عليه السلام ) يستاك وهو صائم في أول النهار، وفي آخره في شهر رمضان)
ثم يقول وبهذا الاسناد
(قال : قال علي عليه السلام : لا بأس بأن يستاك الصائم بالسواك الرطب في أول النهار وآخره، فقيل لعلي عليه السلام في رطوبة السواك، فقال : المضمضة بالماء أرطب منه، فقال علي عليه السلام : فإن قال قائل : لابد من المضمضة لسنة الوضوء، قيل له : فإنه لا بد من السواك للسنة التي جاء بها جبرئيل([13]

هذه هي الروايات المجوزة والروايات المانعة والظاهر الاتفاق على عدم التحريم (عدم المفطرية), ويدل على الجواز ايضاً اطلاقات استحباب السواك وهي تشمل محل الكلام (الاستياك بالرطب في شهر رمضان) وكذلك اطلاق ما دل على جواز السواك للصائم الشامل لليابس والرطب كل ذلك مضافاً إلى ا لروايات الخاصة المجوزة في السواك الرطب.
ومن هنا أما أن تحمل الروايات المانعة على الكراهة لأن ادلة الجواز صريحة فيه, وهناك احتمال أن تحمل على التقية بأعتبار أن العامة يتجنبون السواك في شهر رمضان أما في تمام اليوم أو بتفصيل كما هو منقول عن الشافعي وغيره قبل الزوال وبعده, لكن الظاهر _حسب ما نقل _ انهم يذهبون إلى الكراهة وليس إلى التحريم, فلو فرض أن هذه الروايات المانعة صادرة تقية فأن هذا يوجب نفي الكراهة ايضاً, لأنها(الروايات المانعة) تكون في مقابل الكراهة التي يراها العامة أي أن الحكم الواقعي ليس هو الكراهة ولا الحرمة, ويؤيد هذا الحمل _ بقطع النظر عما نقل عنهم فيما يلتزمون به_ الرواية المتقدمة ورواية موسى بن أبي الحسن الرازي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان ؟ قال : جائز، فقال بعضهم : إن السواك تدخل رطوبته في الجوف، فقال : ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في الحلق ؟ فقال : الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب فان قال قائل : لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم[14](.
وقلنا بأنها مؤيدة وليست دليلاً لعدم تمامية سندها.
لكن الاقرب هو ما ذهب إليه المشهور وهو الحمل على الكراهة والنتيجة هو الالتزام بكراهة الاستياك بالعود الرطب.
قال الماتن (لكن إذا أخرج المسواك من فمه لا يرده وعليه رطوبة وإلا كانت كالرطوبة الخارجية لا يجوز بلعها إلا بعد الاستهلاك في الريق )
لعدم الفرق بين الرطوبة الخارجية التي يكون منشأها الخارج وبين التي يكون منشأها الداخل وقد تقدم نظير ذلك فيما لو بل الخيط بريقه ثم اخرجه ثم ادخله في فمه.
نعم لا اشكال بعد الاستهلاك في الريق كما قال (إلا بعد الاستهلاك في الريق)
ذكر السيد الماتن (ولا بالسواك اليابس بل بالرطب أيضا، لكن إذا أخرج المسواك من فمه لا يرده وعليه رطوبة....) وقد يستشكل في هذا الكلام حيث أنه يجوز في البداية السواك بالعود الرطب, فكيف يمكن الجمع بينه وبين منع الصائم من أن يرجع المسواك مرة اخرى إلى فمه بدعوى أن فيه رطوبة خارجية _التي لا يجوز بعلها الا بعد الاستهلاك في الريق_ مع أن الرطوبة الخارجية ليست مانعة اساساً لأننا جوزنا الاستياك بالعود الرطب.
والظاهر أن هذا الاشكال وجيه والتخلص منه لابد أن يكون بأحد جوابين:
الاول: أن يقال بأن المراد بالعود الرطب ليس بسبب رطوبة خارجية تعرض له بماء أو نحوه, وإنما المقصود بالعود الرطب هو العود الاخضر الذي فيه رطوبة ذاتية, وهو الذي تعارضت فيه الروايات فبعضها يجوزه وبعضهما يمنعه, وبناءً على هذا يكون ما ذكره السيد الماتن طبيعي جداً, أي أن من استاك بالعود واخرجه وكان فيه شيء من ريقه لا يجوز له ادخاله لأن الرطوبة تكون بمثابة رطوبة خارجية وهذا لا ينافي تجويز السواك بالعود الرطب بالرطوبة الذاتية.
الثاني: الالتزام بشيء من التعبد _يلتزم به_ بحدود النص وفي غير هذا المورد نرجع إلى الاصول والقواعد وهي تمنع من ادخال هذه الرطوبة إلى الداخل, وان كانت في الواقع لا فرق بينها وبين الرطوبة الخارجية التي جوزنا للصائم أن يستاك بالعود اذا كان مرطوباً بها.
والجواب الثاني بعيد, ولا يبعد أن يكون الجواب الاول هو الاقرب والاصح, وعليه يكون المقصود بالعود الرطب هو الاخضر الذي تكون فيه رطوبة ذاتية (تخرج في العصر وامثاله) وهذا هو الذي تشير إليه الروايات.


ثم قال السيد الماتن (وكذا لا بأس بمص لسان الصبي)
لا يوجد نص خاص بمص لسان الصبي كما اعترف بذلك المعلقين على العروة لكن يكفي في اثبات الجواز ما دل على جواز مص لسان الزوجة بعد الغاء الخصوصية, نعم هناك ما يمكن أن يستدل به بشكل اوضح وهو صحيحة أبي ولاد الحناط (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : إني اقبل بنتا لي صغيرة وأنا صائم فيدخل في جوفي من ريقها شيء ؟ قال : فقال لي : لا بأس ليس عليك شيء .)[15]
ولا نحتمل خصوصية للصغيرة وهذه الرواية تدل على الجواز لما هو اكثر من مص اللسان حيث تقول (فيدخل في جوفي من ريقها شيء) فيمكن الاستدلال بها على جواز مص لسان الصبي في محل الكلام.
ثم قال (أو الزوجة إذا لم يكن عليه رطوبة)
ويدل على جواز مص لسان الزوجة روايات منها :
صحيحة أبي بصير (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : الصائم يقبل ؟ قال : نعم ويعطيها لسانه تمصه .)[16]
وفيها دلالة على مص لسان الزوج ولا فرق بينهما.
وصحيحة علي بن جعفر (عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل الصائم، يمص لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك ؟ قال : لا بأس)[17]
وقيد ا لسيد الماتن بجواز ذلك فيما لو لم يكن عليه رطوبة وظاهر العبارة المنع مما لو كان فيه رطوبة لكن الالتزام بهذا الكلام مشكل لأنه على خلاف اطلاق الروايات المجوزة خصوصاً بعد الالتفات إلى أن الغالب في اللسان أن يكون عليه رطوبة فالروايات عندما تجوز ذلك للصائم مع أن الغالب أن عليه رطوبة فمقتضى القاعدة التنبيه على وجوب تجفيف اللسان قبل مصه لو كانت ممنوعة , أو يسلك طريقاً آخر بأن يقال له لا يجوز لك ابتلاع الريق الذي يوجد على اللسان عند مصه فيجب اخراجه إلى الخارج مثلاً فمع عدم التنبيه على لزوم التجفيف أو الالقاء في الخارج تكون الروايات ظاهرة في جواز مص اللسان حتى مع الرطوبة.
ذكر السيد الحكيم (قد) بأنه قد يقال بأن هذه الروايات في مقام بيان اصل جواز المص وليس ناظرة إلى جهة الرطوبة وغيرها, ثم ذكر بعد ذلك (فتأمل ) وهو في محله بأعتبار أن الغالب هو عدم خلو اللسان من الرطوبة وحينئذ تكون الروايات التي تجوز المص فيها ظهور في ذلك وان وجدت الرطوبة.
ومن هنا الظاهر أنه ينبغي الالتزام بجواز ذلك حتى مع وجود الرطوبة وان كان الاحتياط في محله.