36/01/29


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة لا عن عمد.
الكلام يقع في الواجب غير المعين ( عدا قضاء شهر رمضان)
والظاهر انه لا ينبغي الاشكال في عدم البطلان بناء على ما انتهينا اليه في عدم البطلان عند البقاء على الجنابة عن عمد في الواجب غير المعين , فيثبت الحكم بعدم البطلان في المقام بالأولوية .
غاية الامر ان عدم البطلان الذي يثبت هنا يكون على غرار عدم البطلان الثابت في الصوم المندوب وفي مطلق الواجب غير المعين, وقد قلنا سابقا ان الدليل الذي اعتمدنا عليه لأثبات عدم البطلان في صورة العمد في الصوم المندوب هو التعليل الوارد في موثقة ابن بكير ( اليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار ) ثم استفدنا منه التعميم لمطلق الصوم الواجب الذي يكون المكلف بالخيار فيه الى الزوال؛ وعممنا هذا الحكم لمطلق الصوم الواجب غير المعين والتزمنا على اساس هذا الدليل بعدم البطلان , لكنه على غرار عدم البطلان في الصوم المندوب والذي اطلقنا عليه ( عدم المانعية في الجملة).
ونفس هذا المعنى يثبت في محل الكلام لأن الدليل هو عبارة عن عموم التعليل, حيث انه ثبت لنا سابقا عدم المانعية في صورة العمد , ونحن في المقام نثبت عدم المانعية في صورة عدم العمد بالأولوية , فيثبت بها في المقام نفس عدم المانعية الثابت سابقا وهو ( عدم المانعية في الجملة) , فكما ان الصائم بالنذر يصح منه الصوم اذا اصبح جنبا عن عمد بعد الاغتسال كذلك الصائم بالنذر اذا اصبح جنبا لا عن عمد يصح منه الصوم بنفس الصورة ( أي بعد الاغتسال لا قبله).
وانما الكلام يقع عند افتراض البطلان عند تعمد البقاء على الجنابة فيه, فيأتي الكلام حينئذ هل ان الاصباح جنبا لا عن عمد في الواجب غير المعين ( كالنذر والكفارة ) يوجب البطلان ؟؟ ام لا ؟؟
وقد اُستدل على البطلان في الواجب غير المعين في صورة عدم العمد بالتمسك بأدلة القضاء الاتية التي تدل على بطلان قضاء شهر رمضان بالإصباح جنبا لا عن عمد وسيأتي التعرض اليها .
وقد اشرنا سابقا ان النكتة والتوجيه الذي ذكرناه يقتضي التعدي من نصوص عدم البطلان في صوم شهر رمضان الى مطلق الواجب المعين , ويقتضي التعدي من نصوص البطلان في قضاء شهر رمضان الى مطلق الواجب غير المعين .
فالنكتة في بطلان الصوم في قضاء شهر رمضان عند الاصباح جنبا لا عن عمد هو وجود البدل في عرضه, وحينئذ لا ملزم للاكتفاء بالصوم الناقص ( أي الصوم مع وجود الجنابة) وهذه النكتة موجودة في الصوم الواجب غير المعين , وعليه فلابد من التعدي من نصوص القضاء الاتية لمطلق الصوم الواجب غير المعين بإلغاء خصوصية قضاء شهر رمضان وحمله على كل صوم واجب غير معين وكأن موضوع الحكم هو الواجب غير المعين وليس قضاء شهر رمضان فحسب؛ واذا صار موضوع الحكم بالبطلان هو الواجب غير المعين فحينئذ يثبت البطلان في مطلق الواجب غير المعين.
وهذا الدليل مبني على التوجيه السابق وقد قلنا بأنه يحتاج الى الجزم بإلغاء الخصوصية والجزم بأن العلة في الحكم هي كون شهر رمضان لا بدل له في عرضه وان قضاء شهر رمضان له بدل ؛ وقد قلنا انه وان كان محتملا لكن الجزم به مشكل ؛ وعلى كل حال يكفينا لأثبات عدم البطلان بعض الادلة السابقة كالأصل وقاعدة ان المفطرات توجب فساد الصوم اذا صدرت عن عمد والا فلا توجبه, فعموم هذه القاعدة يشمل محل الكلام ويمكن الاستدلال بها في المقام.
والى هنا يثبت صحة ما ذهب اليه السيد الماتن بلحاظ المستثنى منه ( من ان جميع انواع الصوم _ بأسثناء القضاء حيث سيأتي البحث فيه _ لا تبطل بالإصباح جنبا لا عن عمد بحسب الظاهر ).

الكلام في الاصباح جنبا في قضاء شهر رمضان

ومن هنا يقع الكلام في الاستثناء حيث قال السيد الماتن (إلّا في قضاء شهر رمضان على الأقوى) وعبارة على الاقوى تشعر بأن هناك احتمال مقابل حتى في قضاء شهر رمضان, وان كان المشهور يستثني قضاء شهر رمضان من هذا الحكم, لكن هناك بعض الاراء لا تستثنيه, وترى بأن الاصباح جنبا لا عن عمد لا يبطل الصوم حتى في قضاء شهر رمضان.
وقد اُستدل على البطلان في قضاء شهر رمضان عند الاصباح جنبا لا عن عمد ببعض الروايات منها:-
الاولى :صحيحة عبدالله بن سنان، (أنه سأل أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع ؟ قال : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره )[1]
وقد حكم عليه السلام بفساد الصوم ؛ والاستدلال بها في المقام بدعوى انها مطلقة تشمل صورة العمد وصورة عدمه , فيمكن الاستدلال بها في صورة عدم العمد .
الثانية :صحيحة عبدالله بن سنان الاخرى (ـ قال : كتب أبي إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) وكان يقضي شهر رمضان وقال : إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر ؟ فاجابه ( عليه السلام ) : لا تصم هذا اليوم وصم غدا .)[2]
والجواب واضح في دلالته على البطلان و الفساد ولزوم الاتيان بالصوم في يوم اخر , وقد اُستدل بأطلاقها ولو بترك الاستفصال في مقام الجواب حيث ان الامام عليه السلام لم يستفصل من السائل في انه كان متعمدا او غير متعمد ؛ ومقتضى الاطلاق ولو بترك الاستفصال هو ثبوت الحكم بالفساد في قضاء شهر رمضان عند الاصباح جنبا سواء كان ذلك عن عمد او لا عن عمد .
الثالثة: موثقة سماعة بن مهران( قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى أدركه الفجر ؟ فقال ( عليه السلام ) : عليه أن يتم صومه ويقضي يوما آخر، فقلت : إذا كان ذلكمن الرجل وهو يقضي رمضان ؟ قال : فليأكل يومه ذلك وليقض فانه لا يشبه رمضان شيء من الشهور )[3]
والمقطع الاول من الرواية لا ينفعنا في الاستدلال حيث انه يتكلم عن صوم شهر مضان؛ ومحل الشاهد قوله (فقلت : إذا كان ذلكمن الرجل وهو يقضي رمضان ؟ قال : فليأكل يومه ذلك وليقض فانه لا يشبه رمضان شيء من الشهور) فأن المراد من قول السائل ( اذا كان ذلك...) هو ان نفس ما فرضناه في شهر رمضان نفرضه الان في قضاء شهر رمضان , فقال الامام عليه السلام في مقام الجواب (قال : فليأكل يومه ذلك وليقض فانه لا يشبه رمضان شيء من الشهور) وقد فُسر هذا الكلام في ان الحكم في الموردين (شهر رمضان وقضاءه ) هو فساد الصوم , الا انه هناك حكم بالإمساك تأدبا , ولا يجب الامساك في المقام , والاستدلال بهذه الرواية مبني على ان ذيلها محمول على صورة عدم العمد او لا اقل من اطلاقه ليشمل صورة العمد وعدمه , فيدل على البطلان في كلتا الصورتين .