35/05/23


تحمیل
الموضوع : الصوم النية مسألة 18
الوجه الثاني :هناك روايات متفرقة في ابواب متفرقة قد يدعى انه بملاحظتها يحصل الاطمئنان والوثوق بأن بطلان الصوم لا يلازم جواز المفطر , وانما في بعض الموارد يكون الصوم باطلا , ويجب على المكلف القضاء ومع ذلك يجب عليه الامساك احتراما لحرمة شهر رمضان , ويفهم من تعدد هذه الموارد عدم الخصوصية لها وانما هذا حكم عام يثبت حتى في غير الموارد المنصوصة , وهذه الموارد لابد من استعراضها وملاحظة الروايات الواردة فيها لينظر امكان الخروج بهذه القاعدة الكلية وتطبيقها في محل الكلام .
ومن جملة هذه الموارد
المورد الاول :الروايات الواردة فيمن تناول المفطر بعد الفجر من دون مراعاة فأنه هنا حكم ببطلان صومه ووجوب القضاء عليه وبنفس الوقت امر بأن يتم صوم ذلك اليوم (اي وجوب الامساك )ومن هذه الروايات .
الحلبي ( عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين ؟ قال : يتم صومه ذلك ثم ليقضه)[1]
فالإمام عليه السلام يأمره بقضاء ذلك اليوم وهذا يعني ان صومه باطل ومع ذلك قال (يتم صومه ) والمقصود بذلك هو الامساك بأعتبار انه لا معنى لأن يتم صومه ( اي الصوم الشرعي) ويحكم بلزوم قضاءه .
سماعة بن مهران (قال : سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ؟ قال : إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضى يوما آخر، لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الإعادة .)[2]
ومحل الشاهد هو الشق الثاني حيث امره الامام عليه السلام بالإعادة وهذا يعني بطلان صومه , ومع ذلك قال يتم صومه اي يمسك .
علي بن أبي حمزة ( عن أبي إبراهيم عليه السلام قال سألته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر وهو لا يعلم في شهر رمضان ؟ قال : يصوم يومه ذلك ويقضي يوما آخر )[3]
والمورد الاخر: ما ورد فيمن نام جنبا حتى اصبح فهنا ايضا يحكم ببطلان الصوم ووجوب القضاء مع لزوم الامساك والامتناع عن المفطرات التي عبرت عنها الروايات بلزوم الصوم .
ابن أبي يعفور( قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح ؟ قال : يتم يومه ويقضي يوما آخر، وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له)[4]
محمد بن مسلم (عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل ؟ قال : يتم صومه ويقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي يومه)[5]
ابن أبي نصر ( عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا ؟ قال : يتم ذلك اليوم وعليه قضاؤه .)[6]
سماعة بن مهران( قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر ؟ فقال : عليه أن يتم صومه ويقضي يوما آخر)[7]
المورد الثالث : ما ورد فيمن تعمد البقاء على الجنابة
الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : في رجل احتلم أول الليل، أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح، قال : يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه.)[8]
ابراهيم بن عبد الحميد، عن بعض مواليه( قال : سألته عن احتلام الصائم ؟ قال : فقال : إذا احتلم نهارا في شهر رمضان ( فلا ينم ) حتى يغتسل، وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه ولن يدركه أبدا)[9]
المورد الرابع : ما ورد فيمن ظن كذب المخبر بدخول النهار كما لو اخبره المخبر بدخول النهار وظنه يمزح فأكل .
صحيحة عيص بن القاسم (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع الفجر فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل، فقال : يتم ويقضي .)[10]
المورد الخامس : ما ورد في من تناول المفطر بعد الفجر اعتمادا على خبر المخبر وتبين خطأه .
معاوية بن عمار( قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : آمر الجارية ( أن تنظر طلع الفجر أم لا ) فتقول : لم يطلع بعد، فآكل ثم أنظر فأجد قد كان طلع حين نظرت، قال : اقضه، أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء.
والرواية بهذا المقدار لا يصح الاستدلال بها , لكن نقلها الكليني بتتمة وهي التي يصح الاستدلال بها
ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله، إلا أنه قال : تتم يومك ثم تقضيه)[11]
وهذه الموارد يمكن الاستفادة منها بالقول اننا نطمئن بعدم الخصوصية لها , وبإلغاء الخصوصية فيها بأعتبار تعددها يقال ان هناك قاعدة عامة تقول بوجوب الامساك لمن افطر في شهر رمضان عن عذر او غير عذر , وحينئذ يمكن تطبيق هذه القاعدة على محل الكلام .
الوجه الثالث : ما اشير اليه في الجواهر[12] وفي مصباح الفقيه[13] وفي كتاب الصوم[14] للشيخ الانصاري وهو التمسك بقاعدة الميسور .
وتقريب ذلك هو انه اذا كان هناك امر يتعلق بمركب ويتعذر على المكلف الاتيان بجزء من هذا المركب فيقال ان الجزء الاخر لا يسقط بتعذر هذا الجزء .
وتطبيق القاعدة على محل الكلام ان الواجب على المكلف هو الامساك مع النية فإذا فاتته النية (الجزء الاول من الواجب المركب) وتعذرت عليه (لأنه لا يعلم ان هذا اليوم من شهر رمضان ) فحينئذ يجب عليه الامساك ( اي الجزء الثاني من الواجب المركب ).
وكل من ذكر هذه القاعدة قال ان الاستدلال فيه ما لا يخفى , ولعل السبب ان هذه القاعدة تجري في المورد الذي فيه امر بالمتعلق المركب ومحل كلامنا ليس كذلك , فليس هناك امر للمكلف ولم يثبت عند المكلف ان هذا اليوم من شهر رمضان وانما هو حسب القواعد (كالاستصحاب ) يبني على انه ليس من رمضان فهو ليس مأمورا بالصوم اصلا لكي يقال انه تعذرت عليه النية ويجب عليه الجزء الاخر من المركب (وهو الامساك) هذا من جهة .
ومن جهة اخرى نجد ان جميع موارد القاعدة يحكم بصحة الفعل الذي يؤتى بالجزء الاخر منه , كالصلاة من جلوس عند تعذر القيام والصلاة من دون ساتر عند تعذر الساتر وهكذا في رواية عبد الاعلى عندما قال له امسح على المرارة فالبعض حللها بتطبيق قاعدة الميسور اي ان المعتبر هو المسح ومباشرة الماسح للممسوح فلما تعذرت المباشرة امره بالمسح وبناء على صحة هذا التطبيق يحكم بصحة الوضوء وجواز دخول الصلاة به .
ولازم تطبيق هذه القاعدة في محل الكلام الحكمُ بصحة هذا الصوم , وهذا لا يمكن الالتزام به لا بلحاظ قول الفقهاء حيث لم يقل به احد , ولا بلحاظ الروايات حيث انها تصرح بوجوب القضاء(الذي يلزمه البطلان) .
اذن تطبيق هذه القاعدة في محل الكلام ليس تاما
الوجه الرابع : الاجماع واعتبره كثير من المحققين عمدة الادلة , والظاهر وجود الاتفاق بين الفقهاء على وجوب الامساك في محل الكلام فالشيخ الطوسي في الخلاف ادعى الاجماع , والعلامة نسب الخلاف الى بعض علماء العامة ( عطا واحمد ) وذكر انه لم يقل بخلافه غيرهما من الخاصة والعامة , والمحقق الكركي ايضا ادعى الاجماع في محل الكلام , فالظاهر ان الكل متفقون على وجوب الامساك من الشيخ المفيد فنازلا .
الوجه الخامس : ما ذكره السيد الخوئي[15] وقد ذكر اولا ان الدليل على وجوب الامساك هو الاجماع فقط , ثم استدرك بعد ذلك وذكر دليلا اخر حاصله: يمكن التمسك بالروايات الواردة في الجماع والدالة على ترتب الكفارة عليه وهي روايات كثيرة منها :-
عبد الله بن سنان (عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا، قال: يتصدق بقدر ما يطيق)[16] فهذه الرواية حكمت بلزوم الكفارة على فعله.
إدريس بن هلال ( عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، قال عليه عشرون صاعا من تمر فبذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك.)[17]
سماعة ( قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال: عليه إطعام ستين مسكينا، مد لكل مسكين.)[18]
فهذه الرواية وان لم تصرح بشهر رمضان لكن لا يوجد احتمال بترتب الكفارة في غيره وقد ادرجها جميع العلماء في هذا الباب .
سماعة( قال: سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا ؟ قال: عليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم ومن أين له مثل ذلك اليوم.)[19]
يقول السيد الخوئي ان هذه الروايات يمكن الاستدلال بها في محل الكلام بعد بيان امرين (وان كانا مطويين في محل كلامه ).
الاول : ان الكفارة في هذه الموارد المراد بها كفارة العقوبة وليس كالكفارة على الشيخ والشيخة التي هي اشبه بكفارة الجبران .
الثاني : ان موضوع الحكم _(وجوب الكفارة) والذي يترتب على فعل الحرام _ ليس الصائم وانما من اتى اهله في شهر رمضان ومن لزق بأهلة في شهر رمضان .
وحينئذ يثبت ان الحكم لا يختص بالصائم وانما يشمل غيره فهو ايضا يحرم عليه الجماع ويجب عليه الامساك عنه في شهر رمضان , ثم يقول (قد) يمكن التعدي من الجماع الى سائر المفطرات للقول بعدم الفصل .


[13] مصباح الفقيه , آقا رضا الهمداني , ج14 , ص352.