35/05/22


تحمیل
الموضوع : الصوم : النية مسألة 17, 18
الوجه الرابع : هو ان يصومه بنية القربة المطلقة (بأن يقصد ما في الذمة ) واضاف اليها عبارة وكان في ذهنه انه اما من رمضان او من غيره فهو يقصد الامر المتوجه اليه وهو يعلم ان هذا الامر اما ان يكون من رمضان فهو وجوبي او من شعبان فيكون ندبا , لكن ما يقصده هو امتثال الامر الفعلي الجزمي , فليس لديه قصد على تقدير .
والظاهر عدم الاشكال في صحة هذا الوجه ولذا لم يتوقفوا بالحكم في صحة الصوم بهذه النية بأعتبار ان ليس هناك احتمال لدخول هذا الفرد في الادلة الناهية عن صوم يوم الشك حتى على فرض القول بشمولها للوجه الثالث , لإنه فيه قصد رمضان ولو على نحو التقدير والاحتمال , فيدخل في الادلة الناهية عن صومه بنية رمضان , واما في المقام فلا يدخل في ذلك لأنه لم يقصد رمضان اطلاقا , وانما هو في نية قصد الامر المتوجه اليه على نحو الجزم , وقد تقدم بأن صحة صوم رمضان لا يعتبر فيه الا الامساك بنية التقرب اليه تعالى .
نعم يقع الكلام في الفرق بين هذا الوجه والوجه الثالث فالسيد الحكيم[1] استشكل وقال بعدم الفرق , فأنه في الرابع يقصد القربة المطلقة ولا يريد بذلك قصد الامر الجامع بين صيام رمضان وصيام شعبان لأن هذا غير كاف لأن الذي في الشريعة اما صوم شعبان واما صوم رمضان , لأن الخصوصيات(رمضان او شعبان ) لابد من اخذها بنظر الاعتبار , و اذا اريد من الرابع قصد امتثال الامر الخاص الذي له موضوع خاص مع التردد في موضوع هذا الامر بين رمضان و شعبان فهذا عبارة عن الوجه الثالث .
ولكن يبدو ان التفريق بين الوجهين ممكن , ولا يتعين الارجاع لأنه في الوجه الاخير المفروض انه يقصد الامر الواقعي على نحو الجزم بلا تردد في النية والقصد , في حين انه في الوجه الثالث يقصد الامر الوجوبي على تقدير والامر الندبي على تقدير آخر, ففي الامر الرابع يوجد قصد واحد يتعلق بالأمر الفعلي على نحو الجزم فلا يوجد فيه تقدير ولا خصوصيات رمضان او شعبان , بينما في الوجه الثالث يوجد في عالم النية قصدان كل منهما على تقدير يختلف عن تقدير الاخر , والخصوصيات (رمضان , او شعبان ) مأخوذة في القصد والنية , وقصد صومه من رمضان على تقدير انه من رمضان يخلق شبهة دخوله في الادلة الناهية عن الصوم بنية رمضان بينما في الوجه الرابع لا توجد هذه الشبهة .
وحسب الظاهر عدم الاختلاف في الصحة على الوجه الرابع بينما تقدم الخلاف الحاصل في الوجه الثالث .
مسألة 18
قال الماتن (لو أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثم بان له أنه من الشهر فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء، وأمسك بقية النهار وجوبا تأدبا، وكذا لو لم يتناوله ولكن كان بعد الزوال، وإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر جدد النية وأجزأ عنه)
وفي هذه المسألة بحثان اساسيان الاول: في مسألة وجوب الامساك تأدبا فما هو الدليل عليه ؟
الثاني: مسألة ما اذا بان له رمضان قبل الزوال ولم يتناول المفطر اي يكون المقام نظير المسافر الذي يرجع الى بلده قبل الزوال ولم يتناول المفطر فيجدد النية وينوي الصوم ويكون مجزيا , وقد تقدم بحث هذه المسألة مفصلا[2] وقد ذكر الماتن هناك مسألة من ترك النية من الفجر عامد عالما وقلنا بأنه لا اشكال بأنه لا يجدد النية واخرى جاهلا او ناسيا فالجاهل هو محل كلامنا لأنه جاهل بالموضوع وقلنا هناك ان الادلة لا تساعد على القول بصحة الصوم فالظاهر انه لا يجدد النية حتى وان تبين له قبل الزوال ولم يتناول المفطر نعم الشيء الوحيد الذي وقف امامنا هو ان المشهور ذهب الى التفصيل بين ما لو ترك النية عالما عامدا فقال بالبطلان وبين ما لو لم ينو ناسيا او جاهلا حيث ذهب الى تجديد النية وصحة الصوم وهذا هو الذي جعلنا نقول بصحة تجديد النية على نحو الاحتياط .
اما المسألة الاولى
فما هو الدليل على وجوب الامساك تأدبا ؟
ذكر اكثر من واحد من المحققين بأنه لا يوجد دليل واضح يمكن التمسك به سوى الاجماع حيث اُدعي في كلماتهم , واذا نوقش الاجماع صغرويا او كبرويا فلا يبقى دليل على وجوب الامساك تأدبا .
ويمكن ان تذكر وجوه للأستدلال على وجوب الامساك تأدبا.
الوجه الاول : الروايات ومما ذُكر في كلماتهم رواية الاعرابي المتقدمة سابقا وهي غير مروية في الكتب الحديثية وانما نقلت في الكتب الاستدلالية كالمعتبر[3] ومذكورة ايضا في كتب العامة ويبدو انها رواية عامية وحاصلها (أن ليلة الشك أصبح الناس فجاء أعرابي شهد برؤية الهلال، فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا ينادي من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك)
والشاهد في العبارة الاخيرة (ومن اكل فليمسك ) وهذه الرواية لا سند لها والتمسك بها لأثبات هذا الحكم مشكل جدا .
وهناك روايات متفرقة في ابواب متفرقة قد يدعى انه بملاحظتها يحصل الاطمئنان والوثوق بأن بطلان الصوم لا يلازم جواز المفطر , وانما في بعض الموارد يكون الصوم باطلا ويجب على المكلف القضاء ومع ذلك يجب عليه الامساك احتراما لحرمة شهر رمضان , ويفهم من تعدد هذه الموارد عدم الخصوصية لها وانما هذا حكم عام يثبت حتى في غير الموارد المنصوصة , وهذه الموارد لابد من استعراضها وملاحظة الروايات الواردة فيها لينظر امكان الخروج بهذه القاعدة الكلية وتطبيقها في محل الكلام .