15-11-1434


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/11/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 397 ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مضافاً الى أنه قد يتمسك بأصالة الاشتغال:- فإنه في موارد الشك في وقوع الفعل كما يمكن التمسك بالاستصحاب يمكن التمسك بقاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ القيني ) بمعنى أن الشك لا يكفي في فراغ الذمة فإنها اشتغلت بالذبح فإذا شككت هل هذا ذبحٌ أو لا حتى تفرغ ذمتي فيمكن التمسك بأصالة الاشتغال إضافةً الى الاستصحاب فكل واحدٍ منهما قابل للجريان في حدِّ نفسه ، وعادة في مثل هكذا موارد كلاهما قابل للجريان.
 وأما بالنسبة الى الحكم الثاني:- فقد ذكر(قده) أنه لو كان الوكيل ثقة وأخبر بأنه قد ذبح أكتُفِيَ بذلك .
 وهنا تساؤلان:-
  التساؤل الاول:- هل المدار على وثاقة الوكيل فمجرد كونه ثقة يكفي في حجية إخباره أو أن المدار في الحجية هو الوثوق بمعنى الاطمئنان ولا يكفي مجرد كون المخبر ثقة أو أنه لا يكفي هذا ولا ذاك ؟
 التساؤل الثاني:- هل يلزم أن يكون المخبر ثقة أو يكفي إخباره ولو لم يكن ثقة ولم يحصل الوثوق وذلك لبعض البيانات التي سنذكرها ؟
 أما بالنسبة الى التساؤل الاول:- فالمورد كما نعرف هو الموضوعات لأن الذبح موضوع من الموضوعات وقد وقع الكلام بين الأعلام في أن خبر الثقة هل هو حجّة في خصوص باب الأحكام أو يعمّ حتى الموضوعات ؟ فلينسب الى بعضٍ أن الحجّة هو خبر الثقة في باب الأحكام وأما في باب الموضوعات فنحتاج الى البيّنة بمعنى شاهدين اثنين عادلين ولا يكفي الواحد.
 ولكن جواب ذلك واضح حيث يقال:- إن المدرك لحجيّة خبر الثقة لو كان هو النصوص الشرعيّة فربما يقال إنها مختصة بباب الأحكام من قبيل ( العمري وابنه ثقتان فما أديا فعني يؤديان ) فمن الواضح أن الذي يؤدّى عن الامام عليه السلام هو الأحكام دون الموضوعات ، إنه من هذه الجهة وغيرها قد يشكّك في حجيّة خبر الثقة في باب الموضوعات لو كان المدرك هو النصوص الشرعيّة ، أما إذا كان يوجد مدرك آخر وهو السيرة العقلائية على العمل بخبر الثقة فمن الواضح أن السيرة المذكورة لا تختص في باب الأحكام بل هي جارية في باب الموضوعات أيضاً والعقلاء ببابك . اذن هذا تشكيك لا داعي اليه.
 وبعد أن ثبتت الحجيّة في باب الموضوعات فحينئذ نقول:- هل الحجّة هو خبر الثقة وإن لم يحصل وثوقٌ أو أن المدار على حصول الوثوق إما مع اعتبار الوثاقة أو من دون حاجة اليها فإنه قد يقال إذا كان المدار على الوثوق والاطمئنان فلا حاجة آنذاك الى وثاقة الراوي بل حتى لو كان الراوي مجهولاً فيكفي الوثوق ؟ والمسألة من هذه الناحية محلّ خلافٍ فذهب السيد الخوئي والسيد الشهيد(قده) الى حجيّة خبر الثقة في باب الموضوعات من دون قيد الوثوق يعني مادام المخبر ثقة يكفي حينئذ للحجيّة ومن هنا كتبوا في رسائلهم العمليّة أنه يكفي في إثبات الاجتهاد أو الأعلمية أو دخول الوقت أو كرّيّة الماء أو ما شاكل ذلك من الموضوعات خبر الثقة من دون اضافةٍ ، وفي المقابل يوجد رأي آخر يقول إنه لا بد من حصول الوثوق بتقريب أن العقلاء لا نجزم بأنهم يعملون بخبر الثقة بما هو خبر ثقة من دون وثوقٍ فإذا جاءك شخصٌ وأخبرك بأن اليوم لا يوجد درسٌ فاذا لم يحصل لك وثوقٌ وحصل عندك تشكيك فلا تعتمد عليه ، وعليه فيمكن أن يقال إن العقلاء يعتمدون على خبر الثقة فيما إذا حصل وثوقٌ - وهو إما مع وثاقة الراوي أو من دونها - والمسألة من هذه الناحية تتبع الوجدان ، ولأجل أن السيد الماتن(قده) يبني على كفاية وثاقة الراوي قال في المتن ( إذا كان الوكيل ثقة ) ولم يقل ( وحصل من كلامه الوثوق ) ، وليس ذلك ببعيدٍ.
 وأما بالنسبة الى التساؤل الثاني فقد يقال:- إننا لا نحتاج الى الوثوق ولا الوثاقة بل يكفي إخبار الوكيل بمجرّده وذلك لأحد بيانين:-
 البيان الأول:- التمسك بقاعدة ( إخبار صاحب اليد ) فإن صاحب اليد إذا أخبر بشيءٍ يرتبط بما تحت يده بأن قال هذا نجسٌ كما إذا دخلنا دار شخصٍ فقال هذا الشيء نجسٌ فحينئذ نأخذ بقوله ، وهكذا إذا أخبر بكلّ شيء يرتبط بحوزته وبما تحت يده وهذا ما يعبّر عنه بـ( إجبار صاحب اليد ) وقالوا إنه حجّة ، والمدرك في ذلك ليس آية ولا رواية بل سيرة العقلاء والمتشرعة على ذلك ، وقالوا هنا إن صاحب اليد لا يلزم أن يكون ثقة فإنه إذا أخبر بكون هذا المكان نجس أخذ بقوله من دون حاجةٍ الى أن يكون ثقة فإنه لو كان ثقة فاليد لا نحتاج إليها ويكفي كونه ثقة فنحن حينما نقول اليد كافية فلابد وأن تكون بما هي يدٌ بقطع النظر عن الوثاقة ولذلك لم يشترطوا - كلّهم أو الرأي المعروف عنهم - في صاحب اليد إذا أخبر عمّا في يده أن يكون ثقة ، إنه بناءً على قبول هذه الفتوى كالسيد الخوئي(قده) الذي يقبل بها فحينئذ لماذا لا نقول إن مقامنا مصداقٌ لذلك المورد أي إخبار صاحب اليد وبناءً عليه يكون إخباره حجّة بلا داعي الى إثبات كون المخبِر ثقة . هكذا قد يبين المطلب لإثبات عدم اعتبار الوثاقة أو الوثوق.
 وجوابه:- إن المورد ليس من موارد قاعدة إخبار صاحب اليد بل أنا جعلته وكيلاً في أن يذبح عنّي ومجرّد الطلب منه بأن يذبح عنّي نيابةً لا يعني أنه صار صاحب يدٍ وهو يُخبِر عمّا تحت يده فإن السيرة جرت فيما إذا فرض أن الشخص كان الشيء تحت يده فترة كالفراش في داره فقوله يكون حجّة أما أن أقول له اذبح عنيّ فمجرد طلب الذبح منه لا أرى أنه صار صاحب يدٍ في هذا المورد حتى يُصَدَّق ولو لم يكن ثقة . إذن المورد ليس من موارد إخبار صاحب اليد.
 البيان الثاني:- أن يقال:- سلّمنا إن المورد ليس من موارد إخبار صاحب اليد إذ بمجرد طلب أن يذبح عنيّ لا يستلزم أن يصير صاحب يدٍ ولكن لِمَ لا نطبّق قاعدة ( من ملك شيئاً ملك الاقرار به ) والمقصود منها هو أن الشخص إذا كان له حقّ في شيءٍ كأن يطلّق زوجته فإن الطلاق حق للزوج فهو مالك للطلاق - والملكيّة هنا بمعنى الحق - فحينئذ أذا أقر بالطلاق وأخبر به كان إخباره حجّة فلذلك قالوا أن الزوج متى ما قال إني قد طلقت زوجتي يُصَدَّق في ذلك لقاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به . ومدرك هذه القاعدة هو السيرة فإنها جارية على ذلك.
 وبعد أن سلمنا هذه القاعدة - إما للسيرة أو لغير ذلك - نأتي الى المقام ونقول:- إن هذا الشخص الذي وكلّته في الذبح هو قد ملك الذبح أي كان له الحق في أن يذبح عنيّ فإذا أخبر وقال ( أنيّ قد ذبحتُ ) فحينئذ كون مصدّقاً بلا حاجة الى اشترط كونه ثقة كما لو أخبر الزوج وقال ( أني قد طلقت زوجتي ) فلا يلزم أن يكون الزوج ثقة في إخباره بل يُصدَّق وإن لم يكن ثقة ، وهكذا لو وكّل الزوج غيره في طلاق الزوجة والوكيل أخبر وقال ( قد أجريت الطلاق ) فإنه يُصدَّق وأن لم يكن ثقة . فتعال في مقامنا وقل ذلك وقل مادمنا قد وكلّنا هذا الشخص في البذح فحينئذ إذا قال ( ذبحت ) يُصدَّق في ذلك وإن لم يكن ثقةً لهذه القاعدة ، فلماذا لا نتمسك بهذا البيان وننفي اعتبار الوثاقة في الوكيل ؟
 والجواب:- إن هذه القاعدة وأن كانت ثابتة في السيرة ولكنها ثابتة في موردٍ لا يوجد فيه اشتغال للذمة ففي مسألة الطلاق مثلاً لم تشتغل ذمة الزوج بالطلاق فإنه ليس بواجبٍ عليه بل هو من أبغض الحلال الى الله عز وجل ، وهذا الوكيل أيضاً هو لم تشتغل ذمته ولا ذمة الزوج بالاطلاق ، فلا يوجد اشتغال هنا ، وهنا نسلّم بأن السيرة منعقدة على قبول قول الشخص وإن لم يكن ثقة ، أما إذا فرض أنه كان يوجد في المورد اشتغال للذمة كما هو الحال في مقامنا فإن المفروض أن ذمة الحاج قد اشتغلت بالذبح فهل في مثل هذه الحالة جرت هذه القاعدة من العقلاء ويتمسكون بها في مثل هذا المورد الذي يوجد في اشتغال للذمة ؟ إن هذا شيءٌ مشكوك ويكفينا الشك باعتبار أن السيرة دليلٌ لبّي فيقتصر على القدر المتيقن وهو حالة عدم وجود اشتغال للذمة أما في حالة اشتغالها فلابد من ثبوت الفراغ بحجّة شرعيّة من قبيل كون الشخص ثقة أو من قبيل الوثوق أو ما شاكل ذلك . وعلى هذا الأساس يلزم في الوكيل الذي أخبر بالذبح أن يكون ثقةً لعدم جريان تلك القاعدة - أي قاعدة إخبار صاحب اليد - ولا هذه القاعدة - أي قاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به - لما أوضحناه.
 بهذا ننتهي من مسألتنا هذه ولكن قبل أن ننتقل الى المسالة الأخرى أشير الى قضية فنية:- وهي أنه بعد قليلٍ أي في مسألة ( 399 ) سوف يأتي أن الذبح لا تلزم فيه المباشرة بل يجوز فيه التوكيل فكان من المناسب أن تُؤخَّر هذه المسألة ويؤتى هناك.
 
 
 مسألة (398 ):- ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا يعتبر فيما يُذبَح كفارةً وإن كان الأحوط اعتبارها فيه.
 ..........................................................................................................
 مضمون المسالة واضح وحاصله أننا اشترطنا في الهدي في باب الحجّ شرائط منها السلامة من العيوب والسن المعيّن والسمنة دون الهزال وغيرها ، والسؤال:- هل أن هذه الشرائط تأتي في باب الكفارات أو لا ؟ فالشخص الذي عليه كفارة تظليلٍ مثلاً هل يلزم في الحيوان الذي يذبحه أن كون واجداً للشرائط ؟
 والجواب:- كلا لا يلزم ذلك بل يكفي أن يَصْدُق عليه عنوان الشاة أو البقرة سواء كان سميناً أو هزيلاً عمره كذا أو لا معيباً أو لا فإن كل ذلك لا يؤثّر ، والوجه في ذلك هو أنه إن كان يوجد إطلاق في دليل الكفارة - الذي يقول مثلاُ ( من ظلل فعليه دم ) - أو لا يوجد إطلاق ، فإن كان هناك إطلاقٌ فهو ينفي اعتبار هذه الشرائط فإن هذه الشرائط قد ثبتت في باب الهدي أما في باب الكفارات فهي لم تثبت فنتمسك بإطلاق الدليل ، وإذا فرض أنه لا يوجد إطلاق لسببٍ وآخر كفانا التمسك بأصل البراءة فنحن نجزم بأن ذمتنا قد اشتغلت بشاةٍ - أو بدمٍ - وأما الشاة المقيّدة بأن تكون سمينة أو يكون عمرها كذا فهذا مشكوكٌ لا نجزم باشتغال الذمة به فننفيه بأصل البراءة . إذن أمامنا طريقان إما الاطلاق إذا كان موجوداً وهو يكفينا ولا نحتاج الى أصل البراءة ، واذا كان مفقوداً أمكننا أن نتمسك بأصل البراءة.
 نعم احتاط(قده) استحباباً بوجود الشرائط فإنها إذا كانت متوفرة كان أحوط ، ولا دري هل توجد حاجة الى هذا الاحتياط ولو استحباباً أو لا ؟ فبعد الاطلاق وبعد البراءة هل يوجد داعي لذلك؟! إلا اللهم إذا كان هناك مخالفٌ في المسالة فإذا كان هناك مخالف فالاحتياط الاستحبابي يكون جيهاً وإلا فلا.