38/03/18

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) : الحادية والثلاثون: إذا بقي من المال الذي تعلق به الزكاة والخمس مقدار لا يفي بهما ولم يكن عنده غيره فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة بخلاف ما إذا كانا في ذمته ولم يكن عنده ما يفي بهما فإنه مخير بين التوزيع وتقديم أحدهم)[1] .

ذكر الماتن ان ما بقي من العين الزكوية او الخمس يوزع بينهما بالنسبة فاذا فرضنا ان خمس هذا المال زكاة وعشره سهم الامام (عليه السلام) والسادة فيقسم بينهما الى ثلاثة اثلاث ثلثين للإمام (عليه السلام) والسادة وثلث للزكاة ، وهكذا اذا كانت النسبة الربع او الخمس فيقسم بينهما بالنسبة.

ولكن هذا التقسيم في بعض اصناف الزكاة غير متصور ، مثلا في زكاة الاغنام فالزكاة متعلقة بعين واحدة وهي شاة من اربعين شاة وتسعة وثلاثين شاة ليس متعلقة للزكاة ولهذا يجوز تصرف المالك في تسعة وثلاثين شاة ، واما الخمس فهو متعلق بأربعين شاة بنحو المشاع فخمس اربعين شاة وهو سهم الامام (عليه السلام) والسادة فمعناه ان كل واحد من الشياه مشترك بين المالك وبين الامام (عليه السلام) والسادة وأما الباقي وهو أربعة اخماس فهي للمالك ، فالخمس متعلق بالعين بنحو الاشاعة واما الزكاة فهي متعلقة بالعين بنحو الكلي في الذمة ، فالزكاة ليست مشتركة بين المالك وبين الفقير فان شاة واحد تماما هي الزكاة والباقي للمالك ولهذا يجوز تصرف المالك بالباقي من التصرفات الخارجية والاعتبارية كالبيع والهبة.

واما اذا بقي من اربعين شاة شاةٌ واحدة فهذه الشاة إما هي زكاة بتمامها او خمسها سهم الامام (عليه السلام) والسادة ، فيدور امر هذه الشاة بين كونها زكاة تماما وبين خمسها سهم الامام (عليه السلام) والسادة مشترك بين المالك والامام (عليه السلام) والسادة ولا يمكن التوزيع فالتوزيع منوط بالاشتراك بان يكون المال مشتركا بين الخمس والزكاة وشاة واحدة ليست مشتركة فهي اما زكاة بتمامها او خمسها للإمام والسادة ، اذن فهي اما متعلق للزكاة او متعلق للخمس وتعيين ذلك بحاجة الى القرعة.

واما في زكاة الابقار فالتوزيع غير متصور فان زكاة البقر في ثلاثين بقرة تبيع والتبيع هو الزكاة واما الخمس تعلق بنفس ثلاثين بقر فخمس الثلاثين بقرة هو سهم الامام (عليه السلام) وسهم السادة ، إذن لا اشتراك بينهما حتى يوزع فالتوزيع غير متصور في زكاة البقر.

وكذا الحال في زكاة الابل فان في خمس إبل شاة والخمس متعلق بنفس الابل بنحو المشاع فخمسها للإمام (عليه السلام) والسادة واربعة اخماسها للمالك فالمالك لا يشترك مع الفقير فان خمسة ابل ملك المالك تماما ويجوز تصرف المالك في خمسة ابل بدون أي مزاحم وزكاة خمسة ابل شاة أي شاة كانت سواء أكان اشترى شاة بعنوان الزكاة او كانت الشاة عنده دفعها للفقير بعنوان الزكاة.

النتيجة ان ما ذكره الماتن من التوزيع انما ينطبق على زكاة الغلاة وزكاة النقدين فان الزكاة في الغلاة الاربعة متعلقة بالعين بنحو كسر المشاع وكذا الزكاة في النقدين وعلى هذا فاذا بقي من الحنطة التي هي متعلقة للزكاة والخمس معا منها مقدار لا يفي بالزكاة والخمس معا فالماتن ذكر التوزيع ، فظاهر كلام الماتن الباقي مشترك بين الفقير وبين الامام (عليه السلام) والسادة مع ان الامر ليس كذلك فان تعلق الزكاة بالحنطة بنحو الاشاعة بمعنى ان كل جزء من اجزائه مشترك بين المالك والفقير واذا كانت متعلقة للخمس فكل جزء من اجزاء الحنطة مشترك بين المالك والامام والسادة فحينئذ اذا تلفت الحنطة بآفة سماوية او ارضية او اتلفها المالك عمدا فعلى الاول ليس المالك ضامنا للزكاة والخمس لان التلف ليس بتقصير منه وعلى الثاني تنتقل الزكاة والخمس الى ذمة المالك واما الباقي فهو مشترك بين الثلاثة بين المالك والفقير والامام والسادة لا انه مشترك بين الامام والسادة وبين الفقير لان هذه الحنطة مشتركة بين الجميع وفي كل جزء من اجزائها مشترك بين الثلاثة ، اذن ما يظهر من الماتن ان الباقي مشترك بين الزكاة والخمس ليس الامر كذلك ، اذن عشر هذا الباقي زكاة وخمسه سهم الامام والسادة والباقي ملك للمالك كما هو الحال في الذهب والفضة فاذا فرضنا ان اربعين مثقال من الذهب عند المالك فمثقال واحد زكاة وثمانية خمس والباقي ملك للمالك ، فما يظهر من الماتن لا يمكن المساعدة عليه.

هذا اذا كانت الزكاة متعلقة بالعين الخارجية والخمس متعلق بها ، واما اذا كانت الزكاة في الذمة وكذا الخمس فحينئذ لا تمييز بينهما في الذمة والتمييز انما هو بالقصد فحينئذ لا يجب على المالك التوزيع فالمالك مخير بين ان يدفع ما في ذمته بعنوان الزكاة او يدفع ما في ذمته بعنوان الخمس او يدفع نصف ما في ذمته بعنوان الزكاة ونصف ما في ذمته بعنوان الخمس فالمالك مخير ولا دليل على التوزيع بالنسبة الى ما في الذمة فان التوزيع بالنسبة الى ما في الذمة لا معنى له لان ما في الذمة امر اعتباري غير قابل للتقسيم والتوزيع لان التوزيع انما يتصور في الاعيان الخارجية لا في الامور الاعتبارية.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) : وإذا كان عليه خمس أو زكاة ومع ذلك عليه من دين الناس والكفارة والنذر والمظالم وضاق ماله عن أداء الجميع فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما على البقية، وإن لم تكن موجودة فهو مخير بين تقديم أيهما شاء ولا يجب التوزيع وإن كان أولى)[2] .

ذكر الماتن ان العين اذا كانت موجودة في الخارج وجب تقديم الزكاة والخمس على سائر الاشياء فان الزكاة متعلقة بالعين الخارجية وكذا الخمس واما الدين فهو متعلق بالذمة لا بالعين الخارجي وكذا المظالم فان المظالم متعلقة بالذمة واما الكفارة فهو مجرد تكليف فوجوبها ليس وجوبا ماليا بل وجوب تكليفي وكذا وجوب النذر فهو وجوب تكليفي محض وليس وجوبا ماليا فالمنذور ليس خارجا عن ملك المالك وصار ملكا لله تعالى فان النذر لله حاله حال قوله تعالى:﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[3] ، فان الحج ليس ملكا لله تعالى بل يدل على ان الحج واجب لأجل التقرب لله تعالى.

ولكن ظاهر الماتن ان وجوب النذر وجوب مالي بقرينة ذكره في سياق الزكاة والخمس والدين ورد المظالم ولكن لا دليل على ان وجوب الكفارة وجوب مالي بل هو وجوب تكليفي محض وكذا وجوب الوفاء بالنذر.

ذكرنا انه اذا كانت العين موجودة فلا يجب التوزيع بين الفقير وبين الامام والسادة بل يجب التوزيع بين ثلاثة اشخاص المالك والامام والسادة والفقير لأنه مشترك بين الجميع اذا كان من الاجناس الاربعة او من الذهب والفضة وان لم تكن العين الخارجية موجودة وكانت الزكاة في الذمة والخمس في الذمة فالمكلف مخير بين ان يدفع ما في ذمته بعنوان الزكاة او بعنوان الخمس او بعنوان رد المظالم او بعنوان الوفاء بالدين او النذر او الكفارة وذكرنا ان في الكفارة والنذر ان يكون المكلف ذمته مشغولة بالمال فان وجوب الكفارة والنذر وجوب تكليفي ليس وجوبا ماليا.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (نعم إذا مات وكان عليه هذه الأمور وضاقت التركة وجب التوزيع بالنسبة ، كما في غرماء المفلس، وإذا كان عليه حج واجب أيضا كان في عرضها)[4] .

ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.