37/12/25


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

تحصل مما ذكرنا ان الدين اذا كان عرفيا فلدائن حقوق ثلاثة.

الحق الاول:- يحق للدائن ان لا يقبل الدين في بلد اخر غير بلد الدين كما اذا فرضنا ان بلد الدين هو النجف الاشرف فله ان لا يقبل اداء الدين في بلد اخر.

الحق الثاني:- يحق للدائن ان لا يقبل الدين من جنس اخر كما اذا فرضنا ان المدين مديون بالمثلي فلدائن ان لا يقبل اداء الدين من القيمي.

الحق الثالث:- يحق للدائن ان لا يقبل الدين من شخص اخر غير المدين سواء أكان متبرعا ام كان وكيلا من قبل المالك فله ان لا يقبل الدين الا من نفس المدين.

هذه الحقوق الثلاثة ثابتة للدائن في الدين العرفي.

واما اذا كان الدين شرعيا فلا دائن له حينئذ ، فان الشارع جعل الفقير شريكا مع المالك او جعل الامام (عليه السلام) والسادة شريك في مال الاغنياء ، اذن ليس هنا دائن ، والذي هو مالك للخمس او الزكاة هو طبيعي الفقير لا الفقير الخاص الموجود في الخارج ، وعلى هذا فليس هذه الحقوق ثابتة للفقير المستحق ، فاذا اعطيت الزكاة له سواء كانت الزكاة من جنس كما اذا كان المالك مدينا بالمثل وهو اعطى بالقيمة فليس للفقير الرد وعدم القبول ، وكذا اذا اعطي الفقير في بلد غير بلد الزكاة فليس له الامتناع عن القبول ، وكذا اذا اعطى الزكاة المتبرع فليس له الامتناع وعدم القبول.

نــعــم اذا كان في ذمة المالك المثل كما اذا تلفت الحنطة التي هي زكاة فتكون ذمة المالك مشغولة بالمثل فاذا أدى المثل فحينئذ يجوز للمتبرع ان يؤدي المثل فان المثل مصداق للطبيعي والكلي الذي في ذمة المالك ولم يعطي القيمة لكي يقال ان البدلية بحاجة الى ولاية فان المتبرع اعطى فرد من الزكاة ومصداق من الزكاة للفقير ، فللمتبرع ان ينوي القربى في ذلك إذ لا شبهة في ان التبرع بالزكاة أمر مستحب فله ان ينوي القربى بالنسبة الى الامر الاستحبابي.

مضافا الى ان دفع هذا المثل امر محبوب الى الله تعالى فاذا كان محبوبا فهو قابل للتقرب ، فللمتبرع ان يدفع المثل وبذلك يتحقق قصد القربى ولا اشكال في الصحة.

نــعــم لا يجوز للمتبرع ان يعطي الزكاة من جنس اخر مثلا كانت ذمة المالك مشغولة بالمثل والمتبرع يدفع الزكاة من القيمي فحينئذ هو بدل للزكاة ، وكونه بدلا للزكاة بحاجة الى ولاية والمفروض انه لا ولاية للمتبرع على هذا التبديل ، اذن لا يجزي اعطاء المتبرع بعنوان الزكاة ولا يتمكن من قصد القربى ايضا ولا يكفي قبول الفقير لان الفقير ليس مالكا لما في ذمة المالك حتى يكون قبوله للبدل ينتقل ما في ذمة المالك اليه.

هذا بالنسبة الى المسالة السابقة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الحادية عشر: إذا وكل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير هل تبرأ ذمته بمجرد ذلك أو يجب العلم بأنه أداها، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لا يبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلا بمجرد الدفع إليه))[1] .

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) انه لا يبعد انه تبرأ ذمة المالك بمجرد الدفع الى الوكيل ان كان الوكيل عدلا.

واما سيدنا الاستاذ (قدس الله نفسه) فقد ذكر في تقرير بحثه ان هذا هو الاقوى يعني براءة ذمة المالك عن وجوب اداء الزكاة بمجرد دفعها الى الوكيل سواء أكان الوكيل عادلا أم كان ثقة ، ولا يعتبر العدالة في الوكيل بل يكفي الوثاقة ايضا ، وقد أفاد في وجه ذلك على ما في تقرير بحثه بان الزكاة امانة شرعية بيد المالك والمالك امين فاذا دفع الزكاة الى الوكيل وفرضنا انها تلفت فاذا لم يكن التلف بتفريط من الوكيل فلا ضمان على المالك وذمة المالك فارغة على كلا التقديري سواء تلفت ام لم تلف ، وهذا معناه انه تبرا ذمة المالك عن وجوب ادائها بمجرد دفع الزكاة الى الوكيل سواء تلفت عند الوكيل ام لم تتلف ، هكذا موجود في تقريري بحثه.

ولكن الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه ، فان في ما ذكره في تقريره مبني على الخلط بين ضمان الزكاة بالتلف او عدم ضمانه بالتلف وبين براءة ذمة المالك عن وجوب ادائها ، فهنا مسالتان ، المسالة الاولى عدم ضمان المالك بالتلف اذا لم يكن بتفريط منه ، والمسالة الثانية براءة ذمة المالك عن وجوب اداء الزكاة وايصالها الى الفقير بدفعها الى الوكيل.

واما اذا تلفت عند الوكيل فان لم يكن بتفريط منه فلا ضمان لا على الوكيل ولا على المالك ، أما براءة ذمة المالك عن وجوب اداءها فهو ينتفي بانتفاء موضوعها فان موضوع وجوب الاداء كون الزكاة موجودة ، واما اذا تلفت الزكاة كما انه لا ضمان لا وجوب لأدائها ايضا ، لان وجوب الاداء ينتفي بانتفاء موضوعها ، اذن ذمة المالك فارغة من هذه الناحية.

اما الضمان فهو غير موجود من جهة انه امين والتلف كان من غير تفريط ، واما وجوب الاداء فهو ساقط من جهة سقوط موضوعها وهو الزكاة والزكاة تلفت ، واما اذا بقيت الزكاة عند الوكيل فهل تبراء ذمة المالك عن وجوب الاداء اولا؟ هذا هو محل الكلام ، فاذا بقيت الزكاة في يد الوكيل قبل دفعها الى مستحقيها وقبل ايصالها الى الفقير فهل تبراء ذمة المالك عن وجوب الاداء اولا؟ هذا هو محل الكلام.

الجواب:- مقتضى قاعدة الاشتغال عدم براءة ذمته عن وجوب الاداء ، وكذا مقتضى الاستصحاب أي استصحاب بقاء هذا التكليف فان هذا التكليف وهو وجوب اداء الزكاة ثابت في ذمة المالك ويشك في سقوطه بمجرد دفع الزكاة الى الوكيل ومقتضى القاعدة عدم السقوط وعدم براءة الذمة لان الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية ومع الشك فقاعدة الاشتغال محكمة وكذا قاعدة الاستصحاب ، فما ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) على ما في تقرير بحثه لا يمكن الاعتماد عليه ، هذا مقتضى القاعدة.

ولكن هل هنا روايات يمكن الاستدلال بها للخروج عن مقتضى هذه القاعدة اولا؟ نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.