37/11/25


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): ((السابعة: إذا علم إجمالا أن حنطته بلغت النصاب أو شعيره ولم يتمكن من التعيين فالظاهر وجوب الاحتياط بإخراجهما إلا إذا أخرج بالقيمة فإنه يكفيه إخراج قيمة أقلهما قيمة على إشكال لأن الواجب أولا هو العين ومردد بينهما إذا كانا موجودين، بل في صورة التلف أيضا، لأنهما مثليان، وإذا علم أن عليه إما زكاة خمس من الإبل، أو زكاة أربعين شاة يكفيه إخراج شاة، وإذا علم أن عليه إما زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة وجب الاحتياط إلا مع التلف ، فإنه يكفيه قيمة شاة وكذا الكلام في نظائر المذكورات))[1] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) في هذه المسالة فروعا.

الفرع الاول:- ما اذا كان طرفا العلم الاجمالي من المثليين ، كما اذا علم اجمالا ان الزكاة اما تعلقت بالحنطة او بالشعير وكلاهما مثلي ، ولا شبهة في ان هذا العلم الاجمالي منجز ، اذ لا تجري الاصول المؤمنة في طرفيه ، اما انها تسقط من جهة المعارضة او من جهة القصور في الدليل.

ولا فرق في ذلك بين ما قويناه من انه لا يجوز تبديل الزكاة بجنس اخر الا في الغلاة الاربع وفي زكاة النقدين فيجوز ان يعطي زكاة الذهب من الفضة وزكاة الفضة من الذهب وزكاة الحنطة او الشعير من النقدين ، اذن الواجب على المكلف هو الجامع بين الحنطة وبين قيمتها من النقدين ، والعلم الاجمالي منجز على كلا التقديرين ، وبين ما ذكره المشهور من جواز دفع الزكاة بجنس اخر سواء أكان من النقدين او من جنس اخر ، فيجوز دفع زكاة الحنطة من الحنطة او من احد النقدين او من جنس اخر ، ونتيجة ذلك ان المكلف مأمور بدفع الجامع بين الحنطة وقيمتها من النقدين وبين سائر الاجناس المالية وعلى كلا التقديرين العلم الاجمالي منجز.

الفرع الثاني:- اذا تلفت الحنطة والشعير معا بتقصير من المالك ، فلا شبهة ان المالك ضامن للمثل باعتبار ان الحنطة مثلية فيضمن مثلها وكذلك الشعير ، اذن الثابت في ذمة المالك هو مثل الحنطة والثابت في ذمة المالك هو مثل الشعير والمالك مخير بين دفع المثل او دفع قيمته من احد النقدين او دفع جنس اخر على المشهور.

واما بناء على ما ذكرناه فيجوز للمالك دفع المثل او دفع قيمته من احد النقدين ، وحينئذ ايضا يكون العلم الاجمالي بين المثلين في الذمة منجز.

اذن تارة يكون العلم الاجمالي بين عينين في الخارج كما في لفرع الاول ، واخرى بين المثلين في الذمة كما في الفرع الثاني ، فالعلم الاجمالي يكون منجز ويجب عليه الاحتياط بدفع زكاة الحنطة ودفع زكاة الشعير معا بمقتضى العلم الاجمالي.

الفرع الثالث:- ما اذا كان طرفا العلم الاجمالي من القيميين ، كما اذا علم اجمالا ان الزكاة اما تعلقت بشياته او تعلقت بإبله أي اما شياته بلغت حد النصاب او ابله بلغت حد النصاب ، وكلاهما من القيمي ، وهذا العلم الاجمالي ايضا منجز ، فالعلم الاجمالي بين دفع شاة من الشياه او دفع شاة من الابل منجز.

وكذا اذا علم اجمالا انه اما أبقاره قد بلغت حد النصاب وتعلقت بها الزكاة او شياهه قد بلغت حد النصاب وتعلقت بها الزكاة ، فان كانت أبقاره قد تعلقت بها الزكاة فزكاتها تبيع او تبيعة واما اذا كانت شياهه متعلقة للزكاة فزكاتها شاة اذا كانت اربعين شاة ، وحينئذ يجب عليه دفع الشاة ودفع التبيع معا بمقتضى العلم الاجمال لأنه منجز.

الفرع الرابع:- ما اذا تلفت الشاة او تلف التبيع او التبيعة بتقصير من المالك فيضمن المالك زكاة الشاة وزكاة البقر معا ، باعتبار انه اتلفه باختياره او تلف بتقصير منه فهو ضامن لقيمة الشاة وضامن لقيمة التبيع ، والمفروض ان قيمة التبيع اكثر من قيمة الشاة ، فلو فرضنا ان قيمة الشاة عشرين دينار وقيمة التبيع ثلاثين دينارا ففي مثل ذلك قد يقال ـــ كما قيل ـــ ان العلم الاجمالي ينحل باعتبار ان دوران الامر بين الاقل والاكثر ، فان ذمة المالك اشتغالها بالاقل معلوم فانه عشرين دينار ثابتة في ذمة المالك يقينا سواء أكان شياته متعلقة للزكاة او ابقاره ، فعلى كلا التقديرين ذمته مشغولة بالاقل وهو عشرين دينار يقينا واما الزائد فلا نعلم باشتغال ذمته به وحينئذ لا مانع من الرجوع الى اصالة عدم اشتغال ذمته بالزائدة وبذلك ينحل العلم الاجمالي حكما لا حقيقة أي بحكم الشارع وبجريان الاصل المؤمن في بعض اطرافه ، والسيد الماتن (قدس الله نفسه) احتاط في المسالة في انحلال هذا العلم الاجمالي.

ولكن تقدم سابقا ان هذا العلم الاجمالي لا ينحل ، باعتبار ان هذا العلم الاجمالي بالنسبة الى موضوعين ، فهو يعلم اجمالا ان شياته اما متعلقة بالزكاة او ابقاره متعلقة بالزكاة ، غاية الامر اذا كانت ابقاره متعلقة بالزكاة فقيمة التبيع اكثر من قيمة الشاة ، ولكن هذا الاكثر طرف للعلم الاجمالي لا ان مقدار منه طرف للعلم الاجمالي ومقدار خارج ، فليس الامر كذلك فان الاكثر اذا قسم الى فئتين فكلتا الفئتين طرف للأقل ، والاصل المؤمن في الاقل[2] معارِض للأصل المؤمن في كلتا الفئتين معا[3] على تفصيل تقدم سابقا.

نــعــم بناء على ما ذكرناه من انه لا يجوز تبديل الزكاة بشيء اخر حتى بقيمته وحتى بالنقدين في مثل زكاة الشياه وزكاة الابقار وزكاة الابل فانه لابد من دفع الشاة فقط ولا يجوز دفع قيمتها او جنس اخر من النقدين ، وهكذا في زكاة الابقار ففي مثل ذلك تنجيز العلم الاجمالي معلوم فان العلم الاجمالي بين الشاة وبين التبيع.

الفرع الخامس:- ما اذا كان احدهما مثليا والاخر قيميا ، كما اذا علم اجمالا اما ان حنطته متعلقة بالزكاة او شياته متعلقة بالزكاة فالشاة قيمية والحنطة مثلية ، فالعلم الاجمالي احد طرفيه مثلي وطرفه الاخر قيمي ، وهذا العلم الاجمالي منجز ويجب عليه الاحتياط بدفع زكاة الحنطة الى مستحقيها وكذا دفع زكاة الشياه الى مستحقيها ولا ينحل هذا العلم الاجمالي لا حقيقة ولا حكما ، فان الاصول في اطرافه اما انها لا تجري في نفسها او تجري في نفسها ولكن تسقط من جهة المعارضة.

الفرع السادس:- ما اذا تلفت اطرف العلم الاجمالي كما اذا تلفت الحنطة وتلفت الشاة فحينئذ تنتقل الى ذمة المالك قيمة الشاة واما بالنسبة الى الحنطة فتنتقل مثلها الى ذمته فأيضا هذا العلم الاجمالي منجز ولا شبهة في تنجيزه.

بقي هنا بعض الملاحظات نتكلم فيها ان شاء الله تعالى.


[2] - اصالة عدم اشتغال الذمة بالعشرين وهي قيمة الشاة.
[3] - اصالة عدم اشتغال الذمة بالعشرين وهي جزء قيمة التبيع و اصالة عدم اشتغال الذمة بالعشرة وهي جزء من قيمة التبيع.