37/08/17


تحمیل

الموضوع: لو نسي النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته

كان الكلام في هذه المسألة الخامسة عشر وهي: لو نسي السجدتين ولم يتذكر إلاّ بعد الدخول في الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته، ولو تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما، وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا وسهوا، كالحدث والاستدبار، وإن تذكر بعد السلام قبل الإتيان بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان لكن الأحوط التدارك ثم الإتيان بما هو مرتّب عليهما، ثم إعادة الصلاة، وإن تذكر قبل السلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته، وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه، وللتسليم المستحب[1] . ومر ان مقتضى القاعدة البطلان، هذا بالنسبة للصورة الاولى وهي فيما لو نسي السجدتين حتى دخل في الركوع.

واما لو تذكر قبل الركوع ولو بعد القيام فانه يهدم القيام ويسجد السجدتين ثم يعيد القيام ويركع لانه يمكنه التدارك كما مر بنا لوجود محل التدارك مع العلم بالفوت كما انه كذلك مع الشك، وان محل التدارك مع الشك أضيق من العلم.

لايقال: انه مع ترك السجدتين تبطل الصلاة ولايمكنه التدارك، وذلك لأن هدم القيام والقراءة والمجيئ بالسجدتين ثم قيام مرة اخرى هو بمثابة الزياد العمدية وان الزيادة العمدية مبطلة، فلماذا حكم الفقهاء بأنه يهدم أو يتدارك الركن ويعيد الأجزاء غير الركنية فان الإعادة هي زيادة عمدية، وهذا هو تقريب للبطلان.

فنقول: ان هذا التقريب مدفوع ومخدوش لأن المجيئ بالقراءة والقيام غير الركنين قبل السجدتين في الأصل هو زيادة فلاتكون زيادة بالتكرار، فهذا القيام والقراءة منذ البدأ قد جاء بهما بصورة سهوية، أما القيام والقرائة التي يأتي بهما بنحو التكرار هي امتثال وأداء، فالمأتي به من القيام والقراءة الثاني ليس بزيادة بل المجيئ الأول هو الزيادة.

وقد يقال ان الذي جعل المرة الاولى زيادة هو المجيئ الثاني، ولكن المجيئ الأول من الأول هو زيادة وان لم يأتي بالمجيئ الثاني.

فالصحيح ماذكره المشهور من هدم القيام والقرائة بالتالي تدارك السجدتين ثم مرة اخرى يصح، وهذه هي الصورة الثانية التي ذكرها في المتن.

واما الصورة الثالثة وهي وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا وسهوا، كالحدث والاستدبار وهذا أمر طبيعي فان التسليم وان لم يكن ركن الاّ انه عندما جاء بالحدث والإستدبار فان الصلاة قد فاتت منقوصة الركن لأنه لايمنه التدارك.

الاّ انه قد وردت نصوص انه يمكنه التدارك في أبواب الخلل الواقع في الصلاة الباب الثالث الحديث التاسع عشر والحديث العشرون حيث دلّا على انه حتى لو اتى بالمبطل بعد التسليم في غير محله فانه يمكنه ان يتدارك مانص من الأركان.

وفي قبالها روايات معارضة تدل على البطلان موجودة أيضاً في الباب الثالث الحديث السابع والعاشر والحادي عشر فانها تدل على البطلان وهذ المعارض أقوى لأنه موافق للقاعدة.

وأما الصورة الرابعة فان المشهور الصحة الاّ ان الماتن مع جماعة ذهبوا الى البطلان وإن تذكر بعد السلام قبل الإتيان بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان لكن الأحوط التدارك ثم الإتيان بما هو مرتّب عليهما فالجمع بين القولين هو أحوط استحبابي.

وقد تمسك الماتن بعموم مخرجية السلام، ولكن هذا العموم الصحيح انه مخصص بأن التسليم والسلام إذا جاء به في غير محله فانه لايوجب الخروج من الصلاة وإنما يكون زيادة ويستلزم سجدتي السهو، ورواياته في باب الخلل الواقع في الصلاة الباب الثالث.

وأما الصورة الأخيرة وهي الخامسة وإن تذكر قبل السلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته، وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه، وللتسليم المستحب فان سجدتي السهو للزيادة غير العدية.

مسألة 16: لو نسي النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته، سواء تذكر في الأثناء أو بعد الفراغ فيجب الاستئناف، وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام، وكذا لو نسي القيام المتصل بالركوع بأن ركع لا عن قيام[2] . فخمسة أكان لم تذكر في لاتعاد كما انه قد ذكر فيها خمسة أركان.

أما بالنسبة للنية فلو نسي النية التي هي بنفسها لها أركان فمنها المنوي والداعي ونفس القصد والتوجه، فالنية ثلاثة أركان وهذا مطرد في كل العبادات، وأما المعاملات فان الكلام الكلام الاّ انه في المعاملات الداعي غالبا ليس مدار وليس بركن، فهذا التقسيم في النية أمر حساس ومهم في باب العبادات والمعاملات والايقاعات.

فلو نسي النية كما لو نوى النافلة بدلا من ان ينوي الظهر فإنها لاتقع الظهر، وان كان سبق لسان فلايقع الخلل في النية لأن النية الأصلية هي الظهر ومن باب سبق اللسان تلفظ وقال بالنافلة.

وأما سبق الخاطر فان بنينا ان النية هي الخطور فهنا لاتقع ظهرا، أما اذا بنينا ان النية هي الداعي فهنا الداعي للظهر موجود وان مرر خاطرة النافلة، فهنا نلاحظ ان الخطور بارز في صفحة النفس وان الداعي هو شيئ كامن وانطوائي في النفس فالداعي هو أمر باطن.

فكما يتصور سبق اللسان فان سبق الخطور أيضاً يتصور وان الخطور والخواطر هي لسان من الألسنة، وان فرض نسيان النية يكن بعد تحرير النية فان النية هي داعي ومع وجود الداعي فلايوجد نسيان.

هناك ضابطة يذكرها الفقهاء في بحث النية فقالوا ان الفرق بين الخاطرة وبين الداعي هو ان الداعي ولو لم يكن الشيئ خطورا حاضرا الاّ انه اذا سُئل عنه أجاب وهذ هو الداعي.