34/08/19


تحمیل
 
  الموضوع : المسألة (2) : يجوز للمعتكف الخوض في المباح والنظر في معاشه مع الحاجة وعدمها .
 تقدم الكلام في ذلك وانه يجوز للمعتكف الاشتغال بالمباح ولا مانع منه .
 المسألة (3) : كلما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف اذا وقع في النهار من حيث اشتراط الصوم فيه فبطلانه يوجب بطلانه .وكذا يفسد الجماع سواء كان في الليل او النهار وكذا اللمس والتقبيل بشهوة بل الاحوط بطلانه بساير ما ذكر من المحرمات من البيع والشراء وشم الطيب وغيرها مما ذكر .
 يقع الكلام هنا تارة في ان حرمة هذه الامور هل هي حرمة تكليفية او انها حرمة وضعية ؟ مثلا حرمة شم الطيب او الريحان او البيع والشراء او التجارة هل حرمتها حرمة تكليفية او ان حرمتها حرمة وضعية ؟ يقع الكلام تارة في الجماع واخرى في سائر المحرمات ,
 اما الجماع : فلا شبهة في ان حرمته تكليفية ووضعية معاً , فانه لا شبهة في حرمته سواء كان في الليل او في النهار وسواء كان في المسجد او خارجه في جميع الحالات لا يجوز للمعتكف الجماع مع اهله , فانه موجب لبطلانه وهو محرم , فحرمته تكليفية ووضعية , ونقصد بالحرمة الوضعية انه مانع عن صحة الاعتكاف وعدمه قيد له فان عدم المانع قيد وشرط للصحة ويمكن الاستدلال على ذلك ( حرمة الجماع التكليفية ) بامرين :
 الاول : ترتب الكفارة عليه فان ترتب الكفارة على الجماع في حال الاعتكاف دليل على انه حرام فلو كان جائزا فلا مقتضي للكفارة.
 الثاني : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتكف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر يوما من شهر رمضان (الوسائل (آل البيت) / ج 10 / ص 547 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 2 [1] ) . فان هذا التنزيل يدل على ان الجماع محرم , كما انه في نهار شهر رمضان محرم فكذلك في الاعتكاف محرم , فهذا التنزيل يدل على الحرمة .
 وهل يمكن الجمع بين الحرمة التكليفية والحرمة الوضعية في دليل واحد؟ وهل يمكن استفادة كلتا الحرمتين من دليل واحد ؟ فقد جاء في تقرير السيد الاستاذ (قده) انه لا يمكن فان الحرمة اذا كانت وضعية فمفاد الدليل الارشاد , والارشاد معناه الاخبار عن شيء , والاخبار لا يمكن ان يجتمع مع الانشاء في دليل واحد , فاذا ورد في الدليل (لا يجوز للمعتكف المواقعة مع اهله) لا يمكن ان يراد منه الحرمة التكليفية والوضعية معاً , لان معنى الحرمة الوضعية اخبار , ومعنى الحرمة التكليفية انشاء , والجمع بين الانشاء والاخبار لا يمكن , هكذا جاء في تقرير بحث السيد الاستاذ (قده) ,
 اما على مسلكه (قده) فالظاهر انه لا مانع من الحكم فانه يرى ان الانشاء عبارة عن اظهار الامر الاعتباري النفساني , فيمكن للمولى ان يعتبر كلا الامرين في نفسه اعتبار الحرمة التكليفية واعتبار الحرمة الوضعية فاعتبر كلا الامرين في نفسه ويبرز ذلك في الخارج بمبرز ولا مانع من ذلك ولا يبرز منه اي محذور , هذا مضافا الى ان الحرمة الوضعية ليست مفاد الدليل الارشاد بمعنى الاخبار , فان الحرمة الوضعية حكم وضعي مولوي ومجعول من قبل المولى غاية الامر تارة يكون المجعول الحرمة التكليفية واخرى يكون المجعول مانعية الشيء او شرطية الشيء , فالإرشاد انما يكون اخبارا اذا لم يكن متكفلاً لاي جعل كالامر بالطاعة والنهي عن المعصية فانه في الحقيقة اخبار والنهي ارشاد محض ولا يتكفل اي جعل للحكم , فالامر بالاطاعة اخبار في الحقيقة , واما في المقام فالحرمة الوضعية معناها جعل المانعية , فالشارع جعل الجماع مانعاً عن صحة الاعتكاف , وجعل عدم الجماع شرطاً في صحة الاعتكاف , ومعنى الارشاد هنا في مقابل جعل الحرمة التكليفية اي جعل الحرمة الوضعية لا جعل الحرمة التكليفية , وعلى هذا فلا مانع من الجمع بينهما على مسلك السيد الاستاذ (قده) , فان المولى في نفسه اعتبر امران اعتبر مانعية الجماع واعتبر الحرمة التكليفية ويبرزهما في الخارج بمبرز , فلا مانع من ذلك , غاية الامر في مقام الابراز بحاجة الى قرينة تدل على انه اعتبر في نفسه امرين احدهما الحرمة التكليفية والآخر الحرمة الوضعية فعلى مسلكه (قده) لا مانع من الجمع بينهما , وليس الجمع بينهما كالجمع بين الانشاء والاخبار , اذ ليس في المقام اخبار , بل جعل , اما جعل الحرمة التكليفية او جعل المانعية , وكيفما كان فلا شبهة في ان الجماع مانع عن صحة الاعتكاف كما انه لا شبهة في انه محرم تكليفاً وعليه عقوبة وأثم , بلا فرق بين ان يكون في الليل او النهار او في المسجد او خارجه فلا فرق من هذه الناحية .
 واما سائر المحرمات : اما التقبيل واللمس بشهوة فقد تقدم انه لا دليل على حرمته , واما البيع والشراء والتجارة فقد ورد النهي عنهما , ونهي عن شم الطيب والريحان , ولا شبهة في ان هذا النهي ظاهر في المانعية فان النهي الوارد في ابواب العبادات وابواب المعاملات من العقود والايقاعات ظاهر في الارشاد الى المانعية , انقلب ظهوره من الحرمة الى الارشاد الى المانعية فان النهي في نفسه ظاهر في الحرمة , واما اذا كان في العبادات مثل ما لو ورد ( لا تصلي في ما لا يأكل لحمه ) فان هذا النهي ارشاد الى مانعية لبس ما لا يأكل في الصلاة او ( لا تصلي في الثوب النجس ) فان هذا النهي ارشاد الى مانعية لبس النجس في الصلاة , فالنهي في باب العبادات وكذلك في باب المعاملات كالنهي عن البيع الغرري ارشاد الى مانعية الغرر عن صحة البيع , فالنهي الوارد في باب العبادات وفي باب المعاملات انقلب عن الظهور الاصلي الى الظهور الثانوي وهو ظهوره في الارشاد الى المانعية , والامر الوارد في باب العبادات والمعاملات ايضأ كذلك , فان الامر في نفسه ظاهر في الوجوب واما اذا ورد في باب العبادات والمعاملات انقلب ظهوره عن الوجوب الى الشرطية كما اذا ورد في دليل ( صلّ مستقبل القبلة ) فانه ارشاد الى ان استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة , او(صلّ في ساتر مباح ) فانه ارشاد الى شرطية الاباحة في الساتر , او(صلّ في ثوب طاهر ) ارشاد الى شرطية طهارة الثوب في الصلاة وهكذا . فالامر ظاهر في الارشاد الى الشرطية , فالامر الوارد في باب العبادات وكذلك في باب المعاملات من العقود والايقاعات ظاهر في الارشاد الى الشرطية , وعلى هذا فالبيع والشراء مانع عن صحة الاعتكاف , فاذا باشر البيع والشراء في حال الاعتكاف فهو مانع عن صحة الاعتكاف , او شم الطيب او الريحان فهو مانع عن صحة الاعتكاف , وكذلك الاستمناء اذا ثبت حرمته (فانه حلال), فاذا ثبتت حرمته فهو كذلك مانع عن صحة الاعتكاف , فمحرمات الاعتكاف تختلف عن محرمات الاحرام , فمحرمات الاحرام حرام فقط وليست مانعة عن صحة الاحرام , واما محرمات الاعتكاف فهي مانعة عن صحة الاعتكاف .


[1] .