37/06/12


تحمیل

الموضوع: تتمة الكلام في استثناء مؤنة التحصيل.

ويشكل ثانيا: بانه لو اغمضنا النظر عن ذلك فالنصوص الواردة في المؤنة حسب تتبعي وفهمي كلها ـ عدا هاتين الروايتين ـ واردة في مؤنة الرجل. فاذا ضممت اليها ما عرفت من حال الروايتين المتقدمتين تكون نصوص المؤنة ظاهرة في مؤنة الرجل وعياله لا مؤنة التحصيل خصوصا وان المؤنتين حقيقتان مختلفتان، فلو اريد غير مؤنة الرجل التي وردت بها جل الروايات للزم توضيح ذلك.

وما عن الجواهر من احتمال حمل المطلقات على المعنى الاعم لا قرينة عليه بل هو بعيد لعدم الجامع العرفي بين المؤنتين.

الطائفة الثانية: ما قد يظهر من النصوص انه وارد في استثناء مؤنة الاخراج. كصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: "سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس وقال: ما عالجته بمالك ففيه ـ ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى ـ الخمس"[1] .

فقد يدعى ظهوره في ان ثبوت الخمس في خصوص ما يبقى للمخرج صافيا بعد استثناء ما صرف في اخراجه.

لكن الانصاف ان الملحوظ للرواية هو المعدن او الركاز الخالص المصفى من الشوائب دون التصفية مما صرف في اخراجه. ولا اقل من احتمال ذلك الموجب للاجمال المانع من الاستدلال.

الطائفة الثالثة: النصوص المتضمنة لاستثناء مؤنة تحصيل الربح في خمس أرباح التجارات ونحوها من الفوائد، بعد إلغاء خصوصية مورده، أو بضميمة عدم القول بالفصل، كما عن الجواهر.

كخبر ابن مهزيار عن ابن شجاع النيشابوري "انه سأل أبا الحسن الثالث ع عن رجل اصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكي فاخذ منه العشر عشرة اكرار، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا، وبقي في يده ستون كرا، ما الذي يجب لك من ذلك، وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي‌ء؟ فوقّع ع لي منه الخمس مما يفضل عن مئونته"[2] .

وخبر أحمد بن محمد بن عيسى، عن يزيد قال: "كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها؟ رأيك أبقاك الله أن تمن عليّ ببيان ذلك لكي لا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم، فكتب: الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام، أو جائزة"[3] .

وفيه: اما الغاء خصوصية مورده فلا وجه لها بعد ما كان ثبوت الخمس فيه بعنوان مطلق الفائدة، بينما ثبوت الخمس في المعدن بعنوان كونه معدنا ـ كما هو المفروض ـ خصوصا مع افتراقهما في استثناء مؤنة الرجل وعدمه.

واما عدم القول بالفصل فهو ـ لو تم ـ لا ينفع، ما لم يرجع للإجماع الحجة على القول بعدم الفصل، وهو غير ثابت. ولو ثبت كان الاستدلال هنا بالإجماع على استثناء مؤنة تحصيل المعدن أولى، للإجماع هناك على استثنائها.

الدليل الثالث: أن المناسبات الارتكازية العرفية قائمة على اساس ان ملاك وجوب الخمس في المعدن والكنز والغوص كونها غنيمة وفائدة شأنها شأن غنائم الحرب، وأرباح المكاسب ونحوها من الفوائد، وأنها من صغريات كبرى الخمس التي تضمنتها الآية الشريفة، لا كبريات مستقلة في قبالها.

ويناسبه ظهور النصوص في المفروغية عن كون مصرف الخمس فيها هو نفس المصرف الذي تضمنته الآية الشريفة.

وحيث عرفت هذا فمن الظاهر حينئذ عدم صدق الغنيمة والفائدة عرفاً على المعدن وغيره إلا بعد استثناء مؤنة إخراجه وتحصيله، وبذلك يكون نفس دليل وجوب الخمس في الفائدة دالا على استثنائها.

ولعل هذا هو منشأ تسالم الأصحاب عليه ـ مع ما عرفت من عدم وجود دليل معتد به يشهد به ـ حتى جعل السيد الجد (ره) في المستمسك: أن الدليل في المسألة هو الإجماع. بل صرح جملة من الاصحاب باستغنائه عن الدليل.

والمتحصل: ان الحق استثناء مؤنة التحصيل. نعم لا يبعد اختصاص المؤنة المستثناة بمؤنة الإخراج والتحصيل، دون مؤنة الفحص عن وجود المعدن في موضعه، لعدم دخلها ظاهرا في الاسترباح.