37/04/27


تحمیل
الموضوع: الخمس ـ القسم السابع ـ المال الحلال المخلوط بالحرام ـ تتمة النصوص ومناقشتها.
ومنها: موثق عمار عنه (عليه السلام): "أنه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل فقال: لا إلا أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فإن فعل فليبعث بخمسه إلى أهل البيت"[1].
ولكن الظاهر أن هذه الرواية خارجة عن محل الكلام، إذ لم يفرض فيها الاختلاط بالحرام بوجه لجواز أن يكون المال الواصل اليه من السلطان كله حلالا، وإن كان العمل له لولا الضرورة حراما او بالعكس بان يكون كله حراما وان حل العمل للسلطان للضرورة وعليه فيكون الخمس هنا اما بعنوان الفائدة التي تجب بعد مؤنة السنة، واما بعنوان انها فائدة خاصة يجب الخمس فيها فورا كمال الناصب، ولا يسوغ التصرف في المال الا بعد دفع الخمس.
هذا وقد نوقش في الروايات الأولى ايضا.
اما صحيحة عمار بن مروان فقد نوقش في سندها لتردد عمار بن مروان بين اليشكري الثقة وبين الكلبي الذي لم يرد ذكره في كتب الرجال
وقد عرفت ان الاقرب انهما واحد وعلى الاقل ان المنصرف منه عند الاطلاق هو اليشكري الثقة.
اما موثق السكوني فقد ناقش فيه الشيخ الأنصاري (ره) بما تضمَّن:- "الظاهر من الرواية... إرادة المعنى اللغوي سيما بملاحظة الأمر بالتصدق به، فإنّ الصدقة وإن أطلق في كثير من الأخبار على الخمس ـ كما قيل- إلا أن ظهوره في غيره أقوى من ظهور لفظ الخمس في المعنى المعهود، بل أمره بالتصدق من دون طلب نصفه المختص قرينة على عدم ارادة الحق الخاص ..."[2].
لكنه (ره) قال بعد ذلك: "إلّا أنّ هذا كلّه مدفوع بظهور قوله عليه السلام في ذيل الرواية: فإنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس، ومن المعلوم أنّ غير الخمس المصطلح غير معهود في الأشياء"[3]
ونزيد عليه: اولا: ان المنقول عن الصدوق ـ في هامش الوسائل عن هامش مخطوطة الفقيه ـ ان الرواية (أخرج خمس مالك) بدل (تصدق بخمس مالك) فلو تم تكون الرواية واضحة الدلالة على المطلوب.
وثانيا: ان الخمس في عصر امير المؤمنين ع غير معروف لعموم الشيعة، فلعله ع لهذا كنى بالصدقة عن الخمس سيما مع ما ذكره المستشكل (ره) من ان الصدقة في كثير من‌ الأخبار تطلق على الخمس.
وثالثا: تشابه رواية السكوني ورواية الحسن بن زياد، ولعلهما يحكيان واقعة واحدة. علما ان جواب امير المؤمنين ع في الاخيرة: "أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز وجل قد رضي من ذلك المال بالخمس، واجتنب ما كان صاحبه يعلم". ومثلهما الرواية الآتية للمفيد في المقنعة، حيث امر السائل بإخراج الخمس
ورابعا: ما ذكره الفقيه الهمداني (ره): "لا يبعد أن يقال: إنّ ظهور سائر الأخبار، خصوصا خبر ابن مروان في الخمس المعهود أقوى من ظهور هذه الرواية في الصدقة المعهودة، فتحمل هذه الرواية أيضا عليه بعد العلم بوحدة التكليف..."[4].
فالظاهر دلالة الرواية على المطلوب.
واما رواية الحسن بن زياد. فقد تأمّل الفقيه الهمداني (ره): في دلالتها وذلك لاحتمال ان يكون النظر فيها الى ما يؤخذ من الغير حيث يحتمل حلية المال المأخوذ من الغير كله، فلا يكون فيه مال مختلط فتكون اجنبية عن محل الكلام[5].
وفيه: بأنه لو سلمنا أن مورد السؤال فيها هو المال المنتقل إليه من الغير الذي لا يبالي بالحرام، ولكن ظاهر قول السائل "لا أعرف حلاله من حرامه" هو العلم بوجود الحلال والحرام في المال المنتقل اليه، والجهل بتمييز كل منهما عن الاخر. نعم لو قال: "لا اعرف انه حلال او حرام" تم ما ذكر.
فدلالة الرواية واضحة. إلّا أنها ضعيفة السند ب‌ «حكم بن بهلول» فإنه مجهول.



[5] قال (ره) في مصباح الفقيه: ج14 ص150: " وفي دلالة هذه الرواية على المدّعى تأمل، فإنه يظهر من ذيلها أنها وردت فيمن أصابه مال من شخص آخر لم يكن ذلك الشخص مباليا في كسبه بالحلال والحرام وكانت أمواله مجتمعة من الحلال والحرام، فيحتمل أن يكون المراد بالخمس هو الخمس المعروف الذي قدر اللّه تعالى في كل ما استفاده من حيث كونه غنيمة، لا من حيث كونه مما لا يعرف حلاله من حرامه، وأما من هذه الجهة فله المهنّا، ووزره على الآخر، كما يناسبه التعليل، ضرورة أن اللّه تعالى رضي من المال الذي اكتسبه بالخمس، لا من مال الغير الذي استولى عليه عدوانا، فعلى هذا التقدير يمكن تطبيق ما في الخبر على القواعد بتنزيله على الغالب من عدم إصابة مال ذلك الشخص كله إليه، واحتمال كون ما وصل إليه من حلاله، ولو بعيدا، كما هو الشأن فيما يؤخذ من السارق والعامل"