37/04/23


تحمیل
الموضوع: الخمس ـ القسم السابع ـ المال الحلال المخلوط بالحرام ـ عرض الآراء والنصوص
السابع: مما يجب فيه الخمس المال الحلال المخلوط بالحرام:-
كما في المبسوط والنهاية والجمل والغنية والسرائر والوسيلة وإشارة السبق والشرائع والنافع والمعتبر والتذكرة والقواعد والمختلف وعن أبي الصلاح وابن إدريس وغيرهم. ونسبه في المعتبر لكثير من علمائنا، وفي محكي المنتهى إلى أكثرهم، وفي محكي المفاتيح للمشهور. وفي ظاهر الغنية أو صريحها الإجماع عليه.
وقد يشهد له في الجملة عدة نصوص:-
منها: صحيح[1] عمار بن مروان: "سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس"[2].
ومنها: موثق السكوني عنه (عليه السلام): "قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: إني كسبت مالاً أغمضت في مطالبه حلالاً وحراماً، وقد أردت التوبة، ولا أدري الحلال منه والحرام، وقد اختلط عليّ. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تصدق[3]بخمس مالك، فإن الله [قد] رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال"[4].
ومنها: خبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: "إن رجلا أتي أمير المؤمنين عليه السلام فقال، يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه، فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز وجل قد رضي من ذلك المال بالخمس، واجتنب ما كان صاحبه يعلم"[5].
ومنها: مرسل الصدوق "قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه، أفلي توبة؟ قال: ائتني بخمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه"[6].
ومن الظاهر ان النصوص الثلاثة الأولى واضحة الدلالة على المطلوب لان الاغماض في المال يقصد منه عدم الفحص والتحقق من حليته.
واما الرابعة وهي مرسلة الصدوق فحيث لم يتعقب الاغماض ما يدل على الجزم بوجود الحلال والحرام واختلاطهما ـ كالنصوص التي قبلها ـ لا تصلح دليلا في المقام لتردد الاغماض وعدم التحقق بين حلية الجميع، وحرمة الجميع، واجتماع الحلال والحرام بدون اختلاط، او معه. وانما تكون دليلا في المقام إذا احرزت الصورة الاخيرة دون الصور الثلاث الاولى.
نعميحتمل ان تكون رواية الصدوق وموثقة السكوني يحكيان واقعة واحدة.
ومنها: ما رواه في الخصال بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "الخمس على خمسة أشياء: على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة، ونسي ابن أبي عمير الخامس"[7].
وغير خفيان هذه الرواية لم تتعرض الى المال الحلال المخلوط بالحرام فمن يستدل بها يعتمد على ما عن المستند عن بعض مشايخه عن الصدوق أنه ذيل الرواية فقال: "قال مصنف هذا الكتاب: الذي نسيه مال يرثه الرجل وهو يعلم أن فيه من الحلال والحرام، ولا يعرف أصحابه فيؤديه إليهم، لا يعرف الحرام بجنسه، فيخرج منه الخمس".
والملاحظ: ان المعلق على الوسائل (ط ـ الاسلامية) نقل عن الخصال ج1 ص140 فيه: "قال المصنف: اظن الخامس الذي نسيه مال يرثه الرجل وهو..."[8]. فساق التفسير لما نسيه ابن ابي عمير بنو الظن لا الجزم.
اقول: وكيف كان فسواء ذكره بنحو الظن ام الجزم، فهو لا يعدو ان يكون اجتهادا من الصدوق (ره) لا يعلم مستنده في هذا التفسير ليمكن التعويل عليه.
ومنها: قوله (عليه السلام) في صحيح ابن مهزيار: "والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء... ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب"[9].
وظاهر قوله"ومثل مال..." انه لا يعرف له مالك، لا ما له مالك ولا يعرف فالأولى حمله على احتمال بقائه على الإباحة الأصلية وعدم تملك أحد له، فيكون من مطلق الفائدة التي يجب فيها الخمس بعد المؤنة، التي هي مورد الصحيح، فيكون اجنبا عما نحن فيه وهو المال الحلال المختلط بالحرام،
ومنها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): "في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة. قال: يؤدي خمساً ويطيب له"[10].
وظاهراللواء وإصابة الغنيمة انهما كناية عن الجيش والحرب فإصابة الغنيمة في الرواية ظاهرة في غنيمة دار الحرب، ويكون الخمس خمس الغنيمة فتكون اجنبية عما نحن فيه.
ومنها: موثق عمار عنه (عليه السلام): "أنه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل فقال: لا إلا أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فإن فعل فليبعث بخمسه إلى أهل البيت"[11].
ولكن الظاهر أن هذه الرواية خارجة عن محل الكلام، إذ لم يفرض فيها الاختلاط بالحرام بوجه لجواز أن يكون المال الواصل اليه من السلطان كله حلالا، وإن كان العمل له لولا الضرورة حراما او بالعكس بان يكون كله حراما وان حل العمل للسلطان للضرورة وعليه فيكون الخمس هنا اما بعنوان الفائدة التي تجب بعد مؤنة السنة، واما بعنوان انها فائدة خاصة يجب الخمس فيها فورا كمال الناصب، ولا يسوغ التصرف في المال الا بعد دفع الخمس.



[1] قد تقدم منا في مبحث الغوص البحث مفصلا في عمار بن مروان المردد بين اليشكري الثقة والكلبي الذي لم يذكر في كتب الرجال وقربنا هناك وحدتهما وعلى الأقل انصرافه الى اليشكري الثقة، فالرواية صحيحة، فراجع.