37/06/26


تحمیل

الموضوع: الخلل إما أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو اضطرار أو إكراه أو بالشك

فصل في الخلل الواقع في الصلاة أي الإخلال بشئ مما يعتبر فيها وجودا أو عدما [1] .

مسألة 1: الخلل إما أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو اضطرار أو إكراه أو بالشك، ثم إما أن يكون بزيادة أو نقيصة، والزيادة إما بركن أو غيره، ولو بجزء مستحب كالقنوت في غير الركعة الثانية أو فيها في غير محلها أو بركعة، والنقيصة إما بشرط ركني كالطهارة من الحدث والقبلة أو بشرط غير ركني، أو بجزء ركني أو غير ركني، أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة، أو بركعة [2] . كنّا في هذا الفصل وهو الخلل الواقع في الصلاة والمهم ان الماتن ذكر صور و أقسام البحث الموضوعي في وقوع الخلل، ومرّ بنا فرز وتمييز هذه الأقسام والصور بالغ الأهمية حتى في استنطاق الأدلة وشمول أدلة العلاج للخلل فالبحث فيها ليس فقط تنظيم مسائل بقدر ماهو استنطاق للأدلة.

مسألة 2: الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة بأقسامه من الزيادة، والنقيصة حتى بالإخلال بحرف من القراءة أو الأذكار أو بحركة أو بالموالاة بين حروف كلمة أو كلمات آية، أو بين بعض الأفعال مع بعض ، وكذا إذا فاتت الموالاة سهوا أو اضطرارا لسعال أو غيره ولم يتدارك بالتكرار متعمدا [3] . ففي هذه المسألة الثانية بشقيها يحاول ان يستوعب الماتن أقسام الخلل وأحكامها باعتبار ان الماتن في المسألة الاولى استعرض صور الخلل موضوعا.

فأوّل أقسام الخلل العمدي هو الزيادة، فالبحث في ان الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة باقسامه من الزيادة.

وهذا الحكم بعمومه يمكن لتدقيق فيه أكثر حيث قال الماتن ان الخلل العمدي في الزيادة يوجب البطلان، فالكلام في انه كيف يمكن تصوير تحقق الزيادة العمدية ؟

بالنسبة للأذكار القولية فان تصوير تحقق الزيادة محل تأمل واشكال كأذكار الركوع والسجود والتشهد والقرائة، فعنوان الزيادة لايثبت بمجرد قصد الجزئية لما هو جزء ففي الأذكار القولية والواجبات القولية تصوير الزيادة محل تأمّل.

نعم اذا كانت الوظيفة القوليّة ملازمة لهيئة بدنية فهنا يمكن تصوير الزيادة كما في التشهد بأن يجلس في التشهد بعد الركعة الاولى فهنا الزيادة من جهة الجلوس وهو الهيئة البدنية، فالوظيفة القولية سواء كانت لزومية أو ندبية إنما يتصور فيه الزيادة اذا اقترنت بهيئة بدنية او في التسليم، وقد ذهب الى هذا المسلك جملة من الأعلام.

فتنحصر الزيادة في الهيئات البدنية كالقيام والجلوس والركوع والسجود، ولايخفى ان هذا الكلام لايختص بصورة العمد بل يشمل العمد وغير العمد.

وأما حكم الزيادة العمدية، فنقول ان مقتضى القاعدة الأولية مع غض النظر عن الأدلة الخاصة هو عدم مبطلية الزيادة ولو العمدية حتى لو لم يكن دليل خاص لأن معنى مبطلية الزيادة هو مانعية الزيادة وان المانعية تحتاج الى تشريع واعتبار.

فاذا دار الأمر بين الاقل فهنا تجري البرائة وتقتضي عدم مانعية الزيادة، فلو كنا نحن ومقتضى القاعدة فان القاعدة لاتقتضي مبطلية الزيادة في نفسها.

فان الصحة أو عدم الصحة دائما تبحث من جانب حيثي لأن هذه الحيثية اما الصحة أو البطلان، أما إرادة تقرير مجموع المحصل لحال العمل فهنا لابد من البحث في مجموع الحيثيات، أما في حيثية واحدة فهذا ليس بصحيح.

وان الصحة التأهلية هي الصحة الاقتضائية بمعنى ان ترتب الفعل عليها يحتاج الى استكمال كامل، وان الصحة الفعلية يمكن ان نلتفت الى انها نمطان ان لم تكن انماط وهذه البحوث تبحث في بحث الصحيح والأعم ففيه يبحث معاني أقسام الصحة ومعاني أقسام الفساد.

ثم ان الصحة لها عدة معاني كما اذا وجد العمل لتمام الأجزاء والشرائط كما انه يمكن ان يقال للصحة الفعلية بمعنى آخر كما في الصلاة التي يتشاغل بها الانسان فهل هي باطلة أو صحيحة أو الصحيحة هنا فعلية أو غير فعلية؟ فهذه الفعلية بمعنى آخر مشروطة.

مثلا ان السفر يطلق على معنين فتارة اذا وصل الانسان الى مقصده فيقال ان فلان قد سافر مع ان الحركة قد انتهت وفي الواقع هو نتيجة السفر، وتارة يقال لفلان انه مسافر بمعنى كونه في حالة الحركة للسفر وهي الحركة التوسطية، وأما نتيجة الحركة التوسطية فهي الحركة القطعية وهي الانتهاء من الشيئ فهي نتيجة السفر، فإسم المصدر حركة قطعية كما ان المصدر نفسه حركة توسطية، فالفعلية تارة تكون بمعنى المصدر كما ان العليّة قد تكون بمعنى اسم المصدر وهذان القسمان من الصحة الفعلية هما في قبال الصحة التأهليّة.

هنا نبحث عن الأدلة الواردة في حكم الزيادة العمدية:

مصححة أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من زاد في صلاته فعليه الإعادة [4] . وهنا لم يقيد مقدارالزيادة وكون الزيادة الركوع او السجود فهنا يوجد اطلاق وهذا الاطلاق شامل للعمد والسهو والجهل فهو قاعدة عامة.

ثم ان دلالة هذه الرواية على البطلان وهنا تاتي قاعدة لاتعاد فهي تقول ان الزيادة العمدية في الأركان مبطلة وأما السهوية فان قاعدة لاتعاد تقول لاتبطل الصلاة الاّ في الاأكان فان لاتعاد تخصص هذا العموم.

هنا يجب ان نقف رواياً، فعندنا هنا الأدلة الاولية للصلاة وعندنا مصححة ابي بصير وعندنا طرف ثالث وهو قول لاتعاد الصلاة الاّ من خمس، فهل هذه الأدلة الثلاثة من رتبة واحدة أو من مراتب مختلفة؟ وهذا بحث صناعي فقهي لابد من الالتفات اليه.

فان الفقهاء والاصولييون لاسيما متأخري الأعصار قالوا ان المركبات لاسيما العبادات لها أدلة أولية وهي الطبيعة الاولية للصلاة فان اولها التكبير واخرها التسليم مثلا، ولها ادلة ثانوية مثل اذا نسيت التشهد فاقضه فهذه الأدلة ثانوية ، كما يمكن ان تسمى أدلة علاجية.

والفرق بين الأدلة الثانوية والأدلة العلاجية هو ان الأدلة الثانوية تبين بطلان العمل وتسمى ثانوية لأنها غير ناظرة الى أصل الجعل والتشريع قبل العمل وإنما هي ناظرة الى ما بعد وقوع العمل سواء تبطله أو تعالجه.

ومن أول الثمرات في ذلك ان الأدلة الثانوية حاكمة وناظرة على الأدلة الأولية ومقدمة على الأدلة الأولية، فجملة من القدماء يوقعون المعارضة بين الأدلة الأولية والثانوية سواء في العبادات او في المعاملات، ولكن هذا التصوير ليس بصحيح لأن الدليل الثاني ناظر وحاكم.

والثمرة الاخرى والتي قال بها المشهور هي ان الأدلة العلاجية الثانوية ليست مخصصة للأدلة الأولية وليست متصرفة في الأدلة الأولية.