37/05/22


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, مسألة 2.

الرواية الثامنة: من الروايات التي قد يستدل بها على حجية خبر الثقة في الموضوعات _وهذه الروايات مأخوذة من كلمات السيد الخوئي (قد) في مواطن مختلفة ومن كلام السيد الشهيد (قد) عند بحث هذه المسألة _ موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها فحدثه رجل ثقة أو غير ثقة فقال : إن هذه امرأتي وليست لي بينة ، فقال : إن كان ثقة فلا يقربها وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه)[1]

قوله (فحدثه رجل ثقة أو غير ثقة) أما أن يكون مراد السائل الجواب عن كلا الفرضين أو هو متردد في كونه ثقة أو غير ثق.

وقد استدل بهذه الرواية على حجية خبر الثقة في الموضوعات بأعتبار إن وقوله عليه السلام (إن كان ثقة فلا يقربها) يعني أن كان ثقة يقبل قوله خصوصاً بعد مقابلته بقوله عليه السلام(وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه) فتكون دلالتها على حجية خبر الثقة في الموضوعات الخارجية واضحة, وليس المراد من قوله لا يقربها من باب الاحتياط بل المراد تصديق قوله وهو معنى الحجية.

واورد على هذا الاستدلال بأن مورد هذه الرواية الدعوى والخصومة في باب القضاء وهذا يظهر من قرينتين الاولى قول الرجل (وليست لي بينة) والبينة تستخدم في باب الدعوى والقضاء والقرينة الثانية أن المرأة تنكر زوجية هذا الرجل فيكون الرجل مدعي وهي منكرة, وهذا يعني أن الرواية ناظرة إلى باب الدعوى والخصومة ويكون الاصل مع المرأة المنكرة لأنها تكون مصدقة في نفي الزوجية فيقدم قولها ولذا قال الامام عليه السلام فلا يقربها وفي هذه الحالة لا معنى لإفتراض أن قول المدعي يكون حجة, لأنه لا يقبل في باب القضاء حتى على فرض حجية خبر الثقة في باب الموضوعات لأنه لا يقبل قول المدعي الا ببينة(شاهدين عادلين), فكيف قال الامام عليه السلام (إن كان ثقة فلا يقربها))؟؟!! ومن هنا يتعين حمل الرواية على انها من باب الاحتياط في الفروج, ولا يمكن الاستدلال بها على حجية خبر الثقة الواحد في باب الموضوعات.

ويمكن دفع هذه المناقشة والايراد بأن يقال لا يظهر من الرواية أن موردها الدعوى والخصومة, أما قول المدعي (وليست لي بينة) فهو امر طبيعي ويقال في كثير من الموارد غير الدعوى كما لو قال رجل لآخر لي على ابيك دين وليس لي بينة على ذلك أي لا دليل ولا برهان لدي لأثبات ذلك والزامك به فالرواية ناظرة إلى مسألة وهي أن شخصاً يسأل الامام عليه السلام عن حكم امر يدعيه ولم يكن له برهان ولا دليل والامام عليه السلام يبين له ذلك الحكم , وأما مسألة انكار المرأة وانها لابد أن تكون منكرة بطبيعة الحال, فمن اين نأتي بهذا؟؟!!!

ولماذا لابد من افتراض انكار المرأة دعوى الزوج الزوجية لكي نقول بأنه مدع وهي منكرة وندخل المسألة في باب الدعوى والخصومة والقضاء؟ والحاصل الرواية فيها دلالة على حجية خبر الثقة في نقل الموضوعات الخارجية ومقتضى اطلاقها انها تكون حجة سواء افادت الاطمئنان(الوثوق الشخصي) أم لا, لأن ظاهر الرواية أن موضوع الحجية هو أن يكون المخبر ثقة.

ويرد على ذلك أنه يجوز أن يكون المراد من البينة الشاهدين العادلين لكثرة استعمال هذا الاصطلاح في زمن الائمة عليه السلام في باب القضاء.

الرواية التاسعة: صحيحة علي بن يقطين (قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عمن يلي صدقة العشر على من لا بأس به ؟ فقال : إن كان ثقة فمره يضعها في مواضعها ، وإن لم يكن ثقة فخذها منه وضعها في مواضعها)[2]

والرواية يرويها الشيخ الكليني ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين وهؤلاء الثلاثة (الحسن بن علي بن يقطين ، وأخيه الحسين ، وعلي بن يقطين)ثقات بلا اشكال وقد نُص على وثاقتهم في كتب الرجال.

وقد وردت العبارة في بعض النقول من غير (على) ولعله الاقرب بلحاظ المعنى,

هذه الرواية ونحوها رواية شهاب بن عبد ربه( - في حديث - قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إني إذا وجبت زكاتي أخرجتها فأدفع منها إلى من أثق به يقسمها ؟ قال : نعم ، لا بأس بذلك ، أما انه أحد المعطين)[3]

ولا اشكال في وثاقة شهاب بن عبد ربه لكن الاشكال في سند هذه الرواية من جهة سهل بن زياد وصالح بن رزين فتكون مؤيدة للرواية السابقة.

وقد استدل بها على حجية خبر الثقة بأعتبار ظهورها في أن الثقة يمكن الاعتماد عليه في صرف الزكاة ووضعها في مواضعها.

والاستدلال بها يحتاج إلى شيء من الاضافة فصرف الزكاة ووضعها في مواضعها لا يثبت الحجية في باب الاخبار لأنه قد يكون من جهة كونه اميناً في ذلك, لكن قد يقال في تقريب الاستدلال أنه يفهم من الرواية أنه يمكن الاعتماد على الثقة في الجهة التي يكون ثقة فيها فإذا كان ثقة في الصرف والامور المالية يمكن الاعتماد عليه في ذلك واذا كان ثقة في نقل الاخبار والحديث يمكن الاعتماد عليه في هذه الجهة ايضاً.

أو يقال _ كتقريب آخر للاستدلال_ أن الاعتماد على الثقة في صرف الزكاة ووضعها في موضعها يلازم تصديقه في ما اذا اخبر بأنه صرفها في مواضعها والا لا يكون موضع اعتمادٍ, وبناءً على هذا لا يكون المقصود _من أنه يعتمد على هذا الشخص في ايصال الزكاة إلى مواضعها_ ملاحظة الجانب المالي فقط بل هناك جانب آخر يلحظ في هذا الخبر ايضاً وهو أنه لو اخبر بوضعها في مواضعها لابد من تصديقه لأن هذا هو مقتضى الاعتماد عليه لصرفها ووضعها في مواضعها.

ويبدو أنه لا بأس بالاستدلال بهذه الرواية.

الرواية العاشرة: صحيحة محمد بن أبي نصر البزنطي(قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يصيد الطير يساوى دراهم كثيرة وهو مستوى الجناحين[4] فيعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه ، فقال : لا يحل له امساكه يرده عليه ، فقلت له : فان صاد ما هو مالك لجناحه لا يعرف له طالبا ، قال : هو له)[5]

قوله (فيعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه) فيه فرضان الاول أنه يعرف صاحبه والثاني أن يجيئه شخص لا يتهمه ويطلبه منه, ومحل الشاهد في هذه العبارة أن الامام عليه السلام حكم بوجوب رده عليه على كلا الفرضين وهذا يعني تصديق المدعي فيكلامه ( على فرض عدم اتهامه).

والاستدلال بالرواية مبني على أن المراد من قوله (لا يتهمه) الوثوق به, في مقابل تفسيره بعدم القرينة على كذبه, فعدم الاتهام تارة يكون بأعتبار اقامة الامارات والقرائن على صدقه واخرى يكون لعدم القرائن على كذبه, والاستدلال مبني على التفسير الاول, فتكون الرواية دالة على خبر من يوثق به, بل يمكن أن نترقى اكثر من ذلك ونقول بإمكان الاستدلال بناءً على التفسير الاخر فيقال أن الرواية تقول يجب الرد عند عدم قيام قرينة على كذبة وهذا يثبت على أن من قامت قرينة على صدقه وانه ثقة يجب رده إليه من باب اولى.

الرواية الحادية عشر: رواية إسحاق بن عمار ، (عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها فيغلق عليها بابا ويرخي عليها سترا ويزعم أنه لم يمسها ، وتصدقه هي بذلك ، عليها عدة ؟ قال : لا ، قلت : فإنه شيء دون شيء ؟ قال : إن أخرج الماء اعتدت ، يعني إذا كانا مأمونين صدقا)[6]

والرواية معتبرة سنداً.

والاستدلال بها مبني على أن ذيلها (يعني إذا كانا مأمونين صدقا) من كلام الامام عليه السلام فالمراد بقوله مأمونين صدقاً أي كانا ثقتين, واذا قُرأت صُدقا أي فعل مبني للمجهول يكون المعنى يجب تصديقهما وعلى كلا التقديرين تكون دالة على تصديق الثقة المأمون صدقاً وترتيب الاثر على كلامه حيث أنه قال لم امسها والامام رتب الاثر على كلامه فقال بأنه لا تجب عليها العدة, وهذا الاستدلال تكون صورته اوضح عند ملاحظة روايات هذا الباب, حيث تدل على عدم تصديقه في دعواه في هذه الحالة (دخل بزوجته واغلق عليها بابا وارخى عليها ستراً وزعم أنه لم يمسها) وتعلل عدم تصديقه وعدم تصديقها فيما لو اتفقا أنه لم يمسها بأنهما متهمان لأنه بدعوى عدم المس يريد أن يدفع المهر وهي بتصديقها ذلك تريد أن تدفع عن نفسها العدة, ومن هذه الروايات رواية أبي بصير (قال : قلت لأبي عبد الله( عليه السلام ) : الرجل يتزوج المرأة فيرخي عليها وعليه الستر ويغلق الباب ثم يطلقها ، فتسئل المرأة هل أتاك ؟ فتقول : ما أتاني ، ويسئل هو هل أتيتها ؟ فيقول : لم آتها ؟ فقال : لا يصدقان ، وذلك أنها تريد أن تدفع العدة عن نفسها ، ويريد هو أن يدفع المهر عن نفسه يعني إذا كانا متهمين)[7]

ورواية أبي عبيدة ((عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، في الرجل يتزوج المرأة البكر أو الثيب فيرخي عليه وعليها الستر أو غلق عليه وعليها الباب ثم يطلقها ، فتقول : لم يمسني ، ويقول هو : لم أمسها ؟ قال : لا يصدقان ، لأنها تدفع عن نفسها العدة ويدفع عن نفسه المهر)[8]

وبناءً على ذلك يحصل التعارض بين روايات الباب فالرواية التي نريد الاستدلال بها (إسحاق بن عمار) تقول يصدّقان والروايتين الاخريين تقولان لا يصدّقان, ويمكن الجمع بينهما بما اشارت إليه الرواية (يعني إذا كانا مأمونين صدقا) فتحمل الروايتان اللتان تقولان لا يصدقان بما اذا لم يكونا مأمونين صدقاً, بل لقائل أن يقول حتى على فرض أن هذا الذيل ليس من قبل الامام عليه السلام بل كان من اضافات احد الرواة أو من اضافة الشيخ الكليني فمع ذلك مقتضى الجمع بين الروايات هو هذا الحمل, وبهذا تكون هذه الرواية (إسحاق بن عمار) قابلة للاستدلال بها على حجية خبر الثقة في الموضوعات الخارجية.

نعم الشيء الوحيد الذي يبقى هو أن الرواية تدل على تصديقهما معاً لا تصديقكل واحد منهما, خصوصاً أن ذيل الرواية يقول (إذا كانا مأمونين صدقا) وكأن الرواية تجعل الحجية لكلامهما لا لكلام احدهما.

الرواية الثانية عشر: صحيحة هشام بن سالم (عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الأمور وأشهد له بذلك شاهدين ، فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال : اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة ، فقال : إن كان الوكيل أمضى الأمر الذي وكل فيه قبل العزل فإن الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل ، كره الموكل أم رضى ، قلت : فإن الوكيل أمضى الأمر قبل أن يعلم العزل أو يبلغه أن قد عزل عن الوكالة فالأمر على ما أمضاه ؟ قال : نعم ، قلت له : فان بلغه العزل قبل أن يمضى الأمر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشيء ؟ قال : نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة .)[9]

ومحل الشاهد في الرواية قوله عليه السلام (حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة) ففيه دلالة على حجية خبر الثقة في الموضوعات.

 


[4] أي ليس فيه عيب أو نقص.