32/01/29


تحمیل

الموضوع: الشرط الجزائي.

بالنسبة الى المسؤلية التقصيرية التي قال بها القانون الغربي هو ان كل شرط يقضي بالاعفاء من المسؤلية التقصيرية المترتبة على العمل غير المشروع باطل، ونحن ناقشنا وقلنا ان هذه الفقرة ليست صحيحة على الاطلاق وليست باطلة على الاطلاق، ففي بعض الموارد يصح لنا ان نعفي من عليه مسؤلية تقصيرية كما اذا فعل شيئا يوجب ضمانه فنعفيه من الضمان فالعبارة لا تشمل هذا المورد، ومن لم يعمل بل سوف يعمل عملا غير عمدي مضرا بي في المستقبل فانا الآن اعفيه من المسؤلية التقصيرية التي تحصل غدا فهذا أيضا ممكن وقد ورد فيه الدليل وهو لا يخالف النظام العام بان اعفيه من المسؤلية التقصيرية غير العمدية، اما ان اعفيه من المسؤلية التقصيرية التي تحدث فيما بعد وهي جريمة على الجسم او عمدية في غش فهذا لايجوز لان هذا يؤدي الى اختلال النظام، ومعناه جواز الغش والتشجيع على الجريمة وهذا اخلال بالنظام العام.

القانون الوضعي في النظام العام

يقول النظام العام في الفقه الغربي:

اولاً: ان وقوع الضرر باستحقاق الشرط الجزائي حكم لا يقبل ان يخالف، فلو اتفقنا على انك اذا لم تنفذ العقد فلابد ان تعطيني الف دولار سواء تضررتُ انا او لم اتضرر فقالوا ان هذا يخالف النظام العام، فوقوع الشرط الجزائي حكم لا يقبل ان يخالف فلو اتفقا على ان المتخلف عن التزاماته يجب عليه ان يدفع الشرط الجزائي سواء تضرر الطرف الاخر ام لا فهو اتفاق باطل لمخالفته النظام العام.

ثانياً: لو اتفق الطرفان على ان الشرط الجزائي واجب على كل حال عند مخالفة المشروط له حتى اذا كان الضرر اقل من تقديره كثيرا، يقول فهذا الاتفاق باطل لمخالفته النظام العام ويجوز للقاضي التدخل وتخفيف الشرط الجزائي.

ثالثاً: اذا كا الشرط الجزائي باهتاً كاعطاء دينار عراقي عند التخلف عن الشرط فكانه يعفي المسؤلية عن المتخلف، يقول هذا الاتفاق باطل لمخالفته النظام العام.

هذه فقرات ثلاث ذكرها السمهوري في الوسيط الجزء الثاني صفحة 876، هنا تارة نقول ان هنا نظام عام وهو ان الشروط لاتنفذ الاّ بالشرط الجزائي بهذه الشروط، فنقول عندنا في الفقه الاسلامي شيئ يخالف هذا تماما فالنظام العام عندنا هو (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) فالعقد اذا اشتمل على شروط صحيحة كونه ممكنا ومعقولا وغير مخالف للكتاب وغير ضرري وغيرها، فلابد من الالتزام بالشروط تضرر من شرط له او لم يتضرر وسواء كان الشرط اكثر من الضرر او اقل منه، فاذا كان المراد من النظام العام مطلقا في الشروط فهذا يضرب (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم).

اما اذا قلنا ان هذا الكلام ليس في الشرط الجزائي فنأتي ونحاسب هذه الفقرات الثلاثة حساب خاص، فنقول:

الفقرة الاولى التي تقول لابد من ضرر حتى يعوض اما انه يعطي المال بدون ضرر فهذا مخالف للنظام العام، فنقول هذه الصياغة باطلة اذا كان المراد هو مخالفة النظام العام في الشرط الجزائي، بل لابد أن تقولوا ان موضوع الشرط الجزائي هو الضرر المضمون والشرط الجزائي يقدره فاذا لايوجد ضرر فلا موضوع للشرط الجزائي فالشرط الجزائي يقدر الضرر، بل اتفقا على دفع الشرط الجزائي الذي موضوعه الضرر من دون ضرر فهو باطل لانه عبارة عن ايجاد الحكم بدون موضوعه وهو وجود الضرر ولا يصح ابطاله بحجة مخالفته للنظام العام.

الفقرة الثانية ان الطرفين اذا اتفقا على ان الشرط الجزائي الف دولار عند تاخير السلعة، فمن الاول نحن نقدّر الضرر الآن ولا نرجع الى اهل الخبرة، فهذا الشرط صحيح لان المتفقين يريدان قطع المجادلة والخصام، وهذا لايؤدي الى مخالفة النظام بل هو شيئ جيد موافق للنظام العام لانه ينفي الخصام والجدال.

الفقرة الثالثة وهي اذا كان الشرط باهتا اي ان المشتري المشترط للشرط الجزائي الباهت معناه يريد ان يعفي البائع من المسؤلية التقصيرية المالية وللمشتري تمام الحق في الاعفاء لان كل شخص متسلط على امواله مع كون تأخيره لعذر لا متعديا ولا متعمدا، ولا يؤدي هذه الى اخلال النظام .

اذاً لو كان القصد من هذه الفقرات الثلاثة ضرب قاعدة (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم)، فنحن نختلف معهم اختلاف كبير، فليس النظام العام هو ان يكون التعويض تابعا للضرر و مساوي للضرر او مقارب للضرر، فاذا كان هذا نظام عام في خصوص الشرط الجزائي فنناقش الفقرة الاولى بعدم حسن الصياغة ونناقش الفقرة الثانية والثالثة بانها غير صحيحة.

شروط استحقاق الشرط الجزائي

واما شروط استحقاق الشرط الجزائي اي شروط استحقاق التعويض، وهي شروط اربعة:

اولا: وجود خطأ من احد المتعاقدين وهذا المراد من الخطأ العقدي وهو عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد، وهذا نوعان: اولا لم يلتزم ببذل الغاية، ثانيا: لم يلتزم ببذل العناية، فهناك شروط في العقد ولكنه لم يعتني بالشروط فسلم المبيع فاقدا لالتزاماته، والشرط الجزائي هو اذا كان المبيع فاقدا للشروط فعليك كذا، فهنا يوجد خطأ من احد المتعاقدين اي لم يلتزم بتحقيق الغاية المرادة من العقد او لم يلتزم ببذل العناية، وهذا اول شرط للزوم الشرط الجزائي وهو الخطأ من المدين.

ثانيا: ان هذا الخطأ اوجب ضررا على المشترط .

ثالثا: ان تكون هناك علاقة بين خطأ المدين والضرر على الدائن ان الخطأ هو سبب الضرر، اما اذا كان الخطأ ليس هو سبب الضرر فلا يستحق الشرط الجزائي.

رابعاً: ان الدائن يعذر المدين، اي اعذار من يكون لصالحه الشرط الجزائي للآخر في الاحوال التي يمكن فيها الاعذار، اما اذا لم يكن الاعذار ضروريا فلا يشترط الاعذار.

هذه اربعة شروط ذكرت لاستحقاق التعويض في الشرط الجزائي، فهذه شروط لاستحقاق التعويض في موضوع خاص من الشروط، حيث قلنا ان الشرط الجزائي شعبة من شعب الشرط الواجبة الوفاء، فاحد الشروط الواجبة الوفاء الشرط الجزائي، فهذه شروط صحيحة اذا اشترطنا الشرط الجزائي الذي هو موضوعه وجود خطأ من المدين وضرر على الدائن وعلاقة بينهما وانذار من الدائن للمديون فهذا لاباس به.

هناك شي آخر: يقولون ان الالتزام بالشرط الجزائي تابع للالتزام الاصلي، اي عندنا ان الملتزم بالعقد او الملتزم بمصدر من مصادر الالتزام (فبعضهم يقول ان مصادر الالتزام خمسة، وهي: العقد وشبه العقد والجريمة وشبه الجريمة والقانون، بينما ان مصدر الالتزام عندنا شيئ واحد وهو الشرع (اوفوا بالعقود) و (من اتلف مال الغير فهو له ضامن) و ( يجب على الاب ان ينفق على زوجته واولاده) فالشرع هو مصدر الالتزام) فيقولون ان الالتزام بالشرط الجزائي تابع للالتزام الاصلي اي الملتزم سواء كان ملتزم بالعقد او غير عقدي فتارة يلتزم بنقل ملكية وتارة يلتزم بعمل وتارة يلتزم بالأمتناع عن عمل، فاذا اتفقنا على شيئ وجعلنا شرطا جزائيا فان الشرط الجزائي تابع للعقد فالعقد اذا بطل فيبطل الشرط الجزائي، فيقولون العبرة بالالتزام الاصلي لا بالشرط الجزائي، فبطلان الالتزام الاصلي يستتبع بطلان الشرط الجزائي اما اذا بطل الشرط الجزائي فلا يبطل العقد كما لو كان الشرط الجزائي هو فعل جريمة ، اما اذا كان الشرط الجزائي باطل دون ان يبطل العقد، الاّ ان يكون بطلان الشرط يؤدي الى عدم وجود شروط العقد فالعقد يبطل.

هذا الكلام يأتي عليه في عنوان الشرط الجزائي تابع للالتزام الاصلي.