34/11/01


تحمیل
 الموضوع: السفر بعد الظهر لايبطل الصوم
 قلنا فيما تقدم ان المسافر بعد الظهر في نهار شهر رمضان يبقى على صومه لوجود أدلة تقول بصحة صومه مع ان الاية القرانية قالت ان المسافر يفطر فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر وهي مطلقة ولكن الروايات قالت ان المسافر لو سافر قبل الظهر فيفطر وان سافر بعد الظهر فلا يفطر وصومه صحيح
 قلنا ان جمع كبير من العلماء ذهب الى هذه المسألة من ان الميزان في الصوم والافطار للمسافر هو قبل وبعد الظهر فقبل الظهر يفطر وبعد الظهر لايفطر، هذا أحد الأقوال
 وقول آخر يقول ان الميزان ليس بالسفر قبل الظهر أو بعده بل ان الميزان هو تبيت النية في الليل فلو بيتها فانه يفطر سواء سافر صباحا أو عصرا وان لم يبيتها فانه لايفطر صباحا سافر أو عصرا
 وبخصوص كل واحد من القولين توجد روايات تدل عليه والقولين متعارضين في موردين:
 الأول: لو سافر قبل الزوال ولم يبيّت النية فان الطائفة الاولى تقول يجب الافطار بينما الطائفة الثانية تقول يجب الصوم
 الثاني: لو سافر بعد الزوال وقد بيّت النيّة فالطائفة الاولى تقول بالصوم والطائفة الثانية تقول بالافطار
 هنا يوجد قول ثالث تبناه السيد الخوئي ولكنه لم يفتي على وفقه في الرسالة العملية بل احتاط احتياطا وجوبيا وهو انالميزان في الافطار شيئان وهما تبيت النية والسفر قبل الظهر
 نحن قلنا ان التعارض موجود بين دليل القول الأول والثاني فأوّل حل للتعارض هو كما ذكره البعض من انه لابد من الأخذ بالمشهور من القولين وهو القول الأول
 الاّ ان السيد الخوئي اعترض على ذلك حيث قال بأن القول الثاني هو أيضا مشهور
 هنا ذكر السيد الحكيم بأن حل التعارض يكون بالأخذ بما خالف العامة وهو القول الأول فإن القول الثاني هو موافق للعامة، وقال ان صاحب الحدائق قد ذكر ذلك نقلا عن العلامة في المنتهى حيث قال ان الشافعي وابي حنيفة ومالك والاوزاعي وابي ثور وجمع اخر منهم انهم جعلوا الإعتبار في الصوم والافطار بتبيت النية وعدمه ومعه فيكون القول الثاني موافق للعامة ومع تعارض الروايات فنأخذ بالقول الأول لأنه مخالف للعامة
 نحن نقول عند التحقيق فيما ذهب اليه العامة في المسألة نرى ان ابن قدامة في كتابه المغني وشرحه يذكر ان الحاضر اذا نوى صوم يوم ثم سافر فقال ابن قدامة في شرحه الكبير اذا سافر في اثناء يوم من رمضان فهل له فطر ذلك اليوم فيه روايتان أصحهما جواز الافطار وهو قول الشعبي واسحاق وداود وابن المنذر، والثانية لايباح له الفطر وهو قول الزهري ويحيى الانصاري ومالك والاوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي أي ابي حنيفة لأن الصوم عبادة تختلف بالحضر والسفر فاذا اجتمعا غلب حكم الحضر وفرض ابن قدامة ان من يعرض له الصوم صباحا بعد نية الصوم فهو لم يبيت النية والمسألة خلافية أيضا
 ويظهر من هذا الكلام ان هؤلاء قالوا بعد الفطر ولم يقولوا بالفطر خلافا لما ذكره صاحب الحدائق
 اما اذا قلنا بانه بيت الصوم وليس الكلام بالنسبة للنية فتكون المسـألة غير مذكورة في المغني اصلا وعليه فتكون النسبة غير تامة
 فتبيت النية عند الجماعة لايجوّز الافطار عندهم كما نسب صحاب الحدائق الى جماعة منهم الحكم بالافطار
 والخلاصة ان مسألة الصوم في السفر وعدمه خلافية عندهم وأما تبيت النية فلايوجد عندهم حكم فيها حيث ان المغنى وشرحه لم يذكرا ذلك، وان من نسب اليهم صاحب الحدائق هذا القول هم قالوا بالصوم
 وعند المراجعة لم نجد ولا رواية واحدة في مسألة تبيت النية عن رسول الله (صلى الله عليه واله) بل كل الروايات في مسألة تبيت النية وعدمه واردة عن الامام الصادق والامام الكاظم والامام الراضا (عليهم السلام) وبما ان القوم لايعملون بهذه الروايات حيث يرون انها مرسلة فلايصح البحث عن رأيهم في هذه المسألة
 ولم نكتفي بهذا المقدار من المراجعة بل راجعنا مجموع فتاوى ومقالات ابن باز فقد تعرض للصوم في السفر ولكنه لم يتعرض لتبيت النية أصلا
 وأيضا راجعنا كتاب الشرح الصغير على أقرب المسالك الى مذهب الامام مالك للعلامة أبي البركات حيث يقول: وفطر بسفر قصر ابيح ان بيته فيه وان بأول يوم ان شرع قبل الفجر والاّ فلا وكفّر ان بيته بحضر ولم يشرع قبل الفجر وأفطر قبل الشروع ففيه الكفارة
 وشرح هذه العبارة هو ان الصائم اذا بيت الفطر في السفر أول يوم فيجوز الإفطار اذا وصل الى محل القصر قبل الفجر، فيجوز الإفطار بشروط أربعة وهي ان يكون سفر قصر وان يكون مباحا وان يشرع قبل الفجر في أول يوم وان يبيّت النية
 أقول ان هذه مسألة اخرى تختلف عن مسألتنا فإنّ مسألتنا ان يكون قد بيت النية وان يكون السفر صباحا وعليه فاننا لم نجد في كتب العامة اشارة الى مسألتنا
 ثم ان السيد الخوئي لم يقبل بالجمع الأول وهو كون القول الاول هو المشهور ولم يقبل بالجمع الثاني وهو الأخذ بما خالف العامة بل يقول بانه لايوجد هنا تعارض بحيث يوجب الرجوع الى المرجحات فإنّ المعارضة نشأت من اطلاق الطائفتين فاذا قيدنا الطائفة الاولى القائلة بأن السفر قبل الزوال يوجب الإفطار فنقيده ويكون السفر بعد الزوال على صومه ويبقى السفر قبل الزوال فنقيده بتبيت النية الذي قالت به الطائفة الثاني فتكون صحيحة رفاعة وموثقة علي بن يقطين تقييد للقول الأول وهما وجه جمع للطائفة الاولى والثانية
 موثقة علي بن يقطين في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله؟ قال اذا حدّث نفسه بالليل في السفر أفطر اذا خرج من منزله وان لم يحدّث نفسه من الليل ثم بدى له السفر من يومه أتم صومه
 وصحيح رفاعة قال سألت الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح؟ قال يتم صومه ذلك
 فالسفر قبل الزوال يوجب الافطار اذا بيت النية ولامعارضة في البين
 ولكن مع هذا احتاط السيد الخوئي وقال عند تبيت النية لو سافر قبل الزوال فيفطر وان لم يبيت النية وسافر قبل الزوال فيبقى على صومه ولكن يقضيه، هذا رأي السيد الخوئي في هذه المسألة