37/05/05


تحمیل
الموضوع:نظام الإحراز
لازلنا في هذه المسألة الخامسة عشر في بحث نظام الإحراز كما مرّ بنا، ولأجل التوضيح وبيان ان هذا المبحث في هذه المسالة يبتني على هذا المبنى وهو مبنى منهجي ليس مختصا بصلاة الجماعة فهو منهج يجري في علم الرجال وفي أبواب الحجج ويجري في مجمل العلوم الدينة وهو عبارة عن انه توجد هناك أدلة خاصة على اعتبار ظنون خاصة ويعبّر عنها بالظنون النوعية بمعنى انه يعتمد عليها عند نوع العقلاء ويعبر عنه بالظن النوعي.
وهناك ظنون يعبر عنها بالظنون العامة أي ان أدلتها عامة كدليل الانسداد فإن دليله عام ويثبت حجية عموم الظنون وهذه الظنون التي لاتكون ظنون نوعية فيعبر عنها بالظن الشخصي.
هنا يأتي التسائل الذي أثرناه من انه اذا كان هناك ظن شخصي فانه من ضمن الأدلة العامّة التي تثبت الحجية هو تراكم الظنون بدرجة الاطمينان أو تراكم الظنون بدرجة الوثوق دون الاطمينان، فاذ قام الدليل العام عليه في الانسداد أو غير الإنسداد كما انه في باب العدالة فان الشسارع المقدس جعل نفس تراكم الظنون هو حجة حيث ان حسن الظاهر هو عبارة عن انظمام الظنون كحضور صلاة الجماعة وعدم الإغتياب وغير ذلك فإن الطاعات من السلوك الفردي، فإن الشارع المقدس جعل هذا المقدار من تراكم الظنون حجة.
وهذه النكتة التي لابد ان يعوّل عليها في علم الرجال خلافا للمنهج الذي أصرّ عليه السيد الخوئي وغيره كصاحب المدارك والأردبيلي وغيرهم من لزوم قيام دليل على الظن بالتوثيق.
ومن ضمن هذا المبنى الضيّق لهذه المدرسة هو لابد من وجود الشهادة الحسية على الوثاقة، ويندفع انه في باب العدالة فضلا عن الوثاقة ان الشارع المقدس اعتبر تراكم الظنون من عدم الغيبة ولايقوم بالفتنة بين المؤمنين وغير ذلك من الظنون التي اعتبرها الشارع المقدس.
وان الظن النوعي هو الذي يعوّل عليه نوع العقلاء على الظن هذا بمفرده فنوع العقلاء يعوّل عليه، وأما تراكم الظنون فهي الظنون التي ليست نوعية أي الظنون التي ليس عليها دليل خاص وهي غير منضبطة وهذا هو معنى تراكم الظنون.
وهذا شبيه من حصر حجية الخبر الواحد في خبر الثقة من السيد ابن طاوس الى السيد الخوئي وبين مشهور الفقهاء الذي هو اشهر واعظم سعة وهو حجية خبر الثقة وحجية الخبر الموثق به ولاتنحصر الحجية بحجية خبر الثقة فانهم يعولون على الظن النوعي ويعولون أيضا على الظن التراكمي.
هنا نثير هذا التسائل على المنهج التراكمي فانه كيف يمكن ان يكون تراكم الظنون وهو ليس نوعي ومع ذلك يعتبره العقلاء حجة فهذا تناقض، فمن جهة يدعى كونه حجة عقلائية ومن جهة ثانية هو خاص بنفس من قامت لديه الظنون.
والجواب: ان هذا الظن التراكمي التكديسي عندما نقول ليس نوعيا لانقصد به النفي على العقلائية مطلقا، فليس المراد النفي المطلق للنوعية واثبات الشخصانية بقول مطلق، بل المراد ان كل قطعة قطعة من هذه الظنون المتراكمة ان كل قطعة ليست نوعية ولايعوّل عليها العقلاء أما اذا تراكمت وتوالفت وتكدست فإن العقلاء يعملون بها نوعاً وهو عمل نوعي للمجموع، ولذا فإن مشهور الفقهاء والرجاليين في الظن التراكمي يتجادلون ويتباحثون علميا في تقييم النسبة المئوية بخصوص نسبة الظن الضعيف.
فتدقيق المشهور في درجة الضعف سببه عدم امكان جعل التراكم رجماً بالغيب لذا تراهم يدققون في الضعف فإن الدلالة الضعيفة تتراكم مع الدلالة الضعيفة الاخرى فينتج التراكم، فالظنون التراكمية ليست نوعية بمفردها لكن بمجموعها هي نوعية وموزونة وليست تسامحية وليست تسيّبيّة.
ولذا نراهم أصحاب هذا المسلك يستدلون بالأخبار الصحيحة المتعددة ولايكتفون بالخبر الصحيح الواحد وذلك لأن التراكم والمجموع له درجة قوة تقوى على درجة القوة في الفرد، ففي الارتكاز نرى ان المجموع غير الفرد
ثم ان الحجية هل هي لخبر صحيح واحد أو لأحدها على البدل أو لواحد غير المعين أو للمجموع على البدل، فنرى هنا للجميع الاستغراقي والمجموع.
وهذا الأمر واضح في الروايات الصحاح عن السيد الخوئي وتلاميذه، فيأتي عند المشهور ان الأخبار الضعاف ليس لها حجية الجميع لكن لها حجية المجموع وهذا الأمر يأتي في كل أبواب الفقه وفي كل علوم الدين وعلم الرجال.
هنا كذلك فنرى كفاية تراكم الظنون في العدالة والجماعة، بل في خصوص باب الجماعة أعتبر الشارع المقدس كل الظنون ليس فقط بنحو المجموع بل حتى بنحو الجميع.