37/04/23


تحمیل
الموضوع:العدالة ملكة الاجتناب عن الكبائر وعن الاصرار على الصغائر
فتحصّل من المسألة الحادية عشر ان الأقوى الكراهة فان المحدود اذا تاب وظهرت توبته فانه يكره له الامامة، الاّ ان السيد الخوئي والسيد الحكيم وبعض المعاصرين ذهبوا الى المانعية في المحدود من الامامة للصلاة حتى لو تاب.
والمهم مهما كان فسواء كانت المانعية بدرجة الكراهة أو كانت المانعية بدرجة المنع في امامة الجماعة الاّ انه في المقامات العالية كالفتيا أو القضاء حيث ان جملة من الأعلام قالوا بأنها شروط الزامية.
وهذا ليس من خواص امامة الجماعة بل انه بمراجعة شرائط الشاهد نرى انه فضلاً عن العدالة قالوا بوجود شروط غير العدالة، ومن تلك الشروط التي ذكروها في الشاهد تعدوا منها الى القاضي أو الى المفتي، وان الوجه في التعدي هو الأهمية والأولوية القطعية فان هذه المناصب العليا أخطر من الامامة في الصلاة جماعة، فضلا عن الامامة في الدين.
مسألة 12: العدالة ملكة الاجتناب عن الكبائر وعن الاصرار على الصغائر، وعن منافيات المروة الدالة على عدم مبالاة مرتكبها بالدين، ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنا عن تلك الملكة [1]فالقدماء عللوا وجه أخذهم للمروة هو ان عدم الاعتناء بأمر المروة يدل على عدم مبالاة هذا الشخص في الدين وهو قد يكشف ضعف ملكته في الدين.
هنا يوجد كلام للشهيد الثاني (رحمه الله) في شرحه لكتاب اللمعة الدمشقية في باب الشهادات وباب آخر قال اذا كان الأمر راجح شرعا وان كان خلاف الاستحسان العرفي فانه لايقبل كونه من خلاف المروة لأن هذه الأعراف هي أعراف فاسدة لايمكن تحكيمها، أو العكس بان كان الشيء مكروه ويتجنبه لكن في العرف يستهجن تجنبه، فقال الشهيد الثاني هذا لايخل بالعدالة ولابالمروة لأن المروة للعرف مجال للحكم والقضاء بها مالم يكن هناك تحديد من الشارع.
فوجه اخذ المشهور للمروة أو عدم منافاة المروة في العدالة ليس من جهة اللزوم والوجوب، فيكون الوجه في أخذ المروة هو ان ارتكاب منافياتها كاشف عن ضعف الملكة في الدين.
وهذا خلاف تعريف السيد الخوئي وغيره من ان العدالة ليست ملكة، بل العدالة هي هيئة منتزعة أو عارضة على عمل الانسان على الاستقامة على جادة الدين في العمل.
وعلى هذ فان هذا التعليل ليس بتام عند السيد الخوئي ومن تبناه من تلاميذه لأن المطلوب هو الاستقامة على جادة الشرع ولامعنى للملكة هنا فان المهم هو الاستقامة.
ولايخفى ان مدرك المشهور لاخذ المروة ه ماورد في باب شرائط الشاهد في أبواب الشهادات فان الرجل الذي يستجدي بكفيه لاتقبل شهادته وان لم يرى منه معصية، وان الذي يلعب بالحمام لاتقبل شهادته وان لم يرتكب حراما، وان الصعلوك وهو الذي لايستمر على عمل واحد معين ولايثبت على مهنة معينة فهذا لاتقبل شهادته، فقد علل في جملة من الموارد ان هؤلاء اذا منع فانه يشتم أو ان الذي يلعب بالحمام خفيف الدين.
قال الماتن: ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنا عن تلك الملكة فإن حسن الظاهر قامت عليه نصوص على انه دلّ على العدالة.
وان السيد الخوئي في باب الشهادات قد اعتمد على حسن الظاهر، والوجه في حجية الخبر الحسن هو هذا الوجه، فان الخبر الصحيح هو الذي علمت وثاقت الراوي أو علمت عدالته أما اذا لم يعلم وثاقته فان ظاهره حسن وه ممدوح فيكون خبر حسن وحجة لأنه امارة على العدالة، فان حسن الظاهر يدرج شرعا الخبر الحسن بالخبر الصحيح، والخبر القوي بدليل حسن الظاهر يندرج في حجية الخبر الموثق صغرويا.
والفرق بين الخبر القوي والخبر الموثق فان الموثق قد علم الشخص وثاقة الروي بينما في الخبر القوي قد ظن الشخص بظن معتبر بوثاقة الرواي، لذا نسب الى السيد الخوئي بنى كبرويا انه يعمل بالأخبار الحسان والأخبار القوية.
الكلام مع السيد الخوئي وكثير من تلاميذه ان هذا المبنى شيّده السيد الخوئي في البحث الكلي في بحث الخبر الواحد وفي باب الشهادات، ونعم ماشيّده الاّ ان السيد الخوئي وتلاميذه طلق هذا المبنى صغرويا في كتاب الرجال.
والصحيح ماذهب اليه المشهور من ان العدالة هي ملكة، هنا نذكر نكتة عقائدية وفقهية فانهم عرفوا العدالة بأنها اجتناب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر، أو كما عرفها السيد الخوئي من ان العدالة هي الاستقامة على جادة الشرع.
فاذا اشترطنا في العدالة الاجتناب عن الكبائر فلابد ان يكون العلم بالاجتناب عن كل الكبائر كبرويا وصغرويا والاّ فلايمكن ان يحصل الاجتناب، ولكن لا أحد يمكنه معرفة كل الكبائر كبرويا أومعرفة كل الكبائر في البيئة الموضوعية فلا يمكن ذلك لغير المعصوم (عليه السلام).
فاما ان نعرف العدالة بأنها ملكة الاجتناب عن الكبائر المعلومة المنجزة والاجتناب عن الصغائر المعلومه فهذا اله وجه، ولكن هذا يعتبر عدالة ظاهرية، فان العدالة الواقعية تساوي وتلازم العصمة، فان الحافظ لحدود الله تعالى هو المعصوم (عليه السلام)، وان المروة الواقعية هي عند المعصوم فقط اما غير المعصوم فقد تكون له درجات من العدالة وهي أمر نسبي وظاهر لغير المعصوم (عليه السلام).