37/03/01


تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 24.
كان الكلام في كيفية صرف الكفارة وقلنا بأنهم ذكروا في المقام عنوانين وخيروا المكلف بينهما, العنوان الاول هو الاشباع والعنوان الثاني هو التسليم, وذكروا ايضاً أن الاطعام المأمور به في الادلة يشمل كل منهما وقد تكلمنا عن الاشباع وعن الامور المتعلقة به وتبقى بعض الامور نتعرض لها عند التعرض لعبارة السيد الماتن, والكلام يقع في التسليم وفيه بحوث:-
البحث الاول: هل أن التسليم يقع على وجه التمليك أو على وجه الاباحة.
البحث الثاني: كفاية التسليم في مقابل احتمال اشتراط الاشباع, فهل يكفي التسليم وهل أن المكلف مخير بين التسليم والاشباع أم لابد من الاشباع.
البحث الثالث: يقع في مقدار ما يجب تسليمه فهل هو مد أم مدان؟؟
البحث الرابع: يقع في تساوي الصغير والكبير في التسليم وعدم تساويهما, فهل يدفع المد إلى الصغير والكبير ولا فرق بينهما؟؟ أم لا؟
أما بالنسبة إلى الأمر الاول فالظاهر من ادلة التسليم هو أنه يقع على وجه التمليك بأعتبار أن العناوين الواردة في ادلة التسليم في كثير من الروايات ورد عنوان التصدق والصدقة ويتصدق بكذا مثلاً, كما في الباب الثامن من ابواب ما يمسك عنه الصائم في الحديث الثالث والحديث الرابع والحديث الخامس حيث وردت كلها بعنوان الامر بالتصدق, والعنوان الاخر الذي ورد في المقام هو الاعطاء مثلاً يعطي كل فقير مداً وامثال هذه التعبيرات وهو موجود في بعض الروايات من قبيل رواية يونس في الباب السابع عشر من ابواب الكفارات ففي بعض النسخ يوجد (ايعطي) وفي نسخة اخرى يوجد (ايطعم) وبناء على النسخة الاولى يكون العنوان هو اعطاء الفقير مداً وكذلك في الباب السادس عشر الحديث الثاني ورد عنوان الاعطاء وفي روايات اخرى ورد عنوان (لكل مسكين مد) وهي روايات كثيرة أو لكل مسكين مدان كما في بعض الروايات وكل هذه العناوين ظاهرة في التمليك.
أما التصدق فواضح بأعتبار أن الفقير يملك الصدقة لا أنه يباح له التصرف بها فقط فالتعبير بالصدقة في هذه الروايات له ظهور في أن هذا التسليم على نحو التمليك لا على نحو الاباحة.
وكذلك الاعطاء له ظهور في التمليك بأعتبار أنه اعطاء من كل الجهات لا لمجرد الاكل وهذا (الاعطاء من جميع الجهات ) هو مقتضى اطلاقه.
وكذلك عنوان (لكل مسكين مد) ظاهر في التمليك بأعتبار أن اللام له ظهور اولي في أنها على نحو الاختصاص والتمليك.
وعلى كل حال فالعناوين الواردة في روايات التسليم لا تخلو من ظهور في انها على نحو التمليك لا على نحو الاباحة بخلاف الاشباع الذي لم يؤخذ فيه التمليك ولا يفهم منه ذلك فيكفي فيه الاباحة لأن الغرض منه اشباع الفقير وهو لا يتوقف على التمليك كما أن نفس الاشباع لم يؤخذ فيه التمليك فيكفي فيه الاباحة ولذا لا يشترطون التمليك في باب الاشباع ويشترطونه في باب التسليم.
هذا بالنسبة إلى الأمر الاول.
البحث الثاني: كفاية التسليم في مقابل احتمال اشتراط الاشباع, فهل يكفي التسليم وهل أن المكلف مخير بين التسليم والاشباع أم لابد من الاشباع.
تقدم سابقاً طرح احتمال وهو أن المراد بالإطعام المأمور به في ادلة الكفارة هو خصوص الاشباع بأعتبار أن الظاهر من الاطعام هو الاشباع خصوصاً اذا قلنا بأن الاطعام مأخوذ من (طعَم ) بفتح العين التي تعني شبع فحينئذ لا يبعد أن يكون للإطعام ظهور في الاشباع وحينئذ قد يقال بأن التسليم لا علاقة له في هذا الموضوع وقد يستشكل من هذه الجهة بكفاية التسليم ويقال بأنه لابد من اشباعهم.
لكن الظاهر أن هذا الاحتمال غير وارد في المقام لأن الظاهر من الاطعام هو الاعم من الاشباع والتسليم لصدق الاطعام على كل منهما, ويؤيد هذا التعميم لكل منهما ما تقدم من بعض الروايات التي تعبر بالإطعام في مورد التسليم كما في موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال : عليه إطعام ستين مسكينا، مد لكل مسكين) [1] فالظاهر من هذه الرواية انها تتحدث عن التسليم (مد لكل مسكين) لكنها عبرت بالإطعام.
وقد يناقش في ذلك فيقال بأن المراد فيها الاشباع لكن يخصص لكل مسكين مد.
لكن يجاب بأن التقدير بالمد لا يناسب الاشباع ولذا لا اشكال عندهم بأن الاشباع لا يقدر بقدر محدود وإنما يكون المدار مدار صدق الاشباع وعدمه, والتقدير بمقدار محدود يناسب التسليم وكأن الرواية تتحدث عن التسليم لكنها عبرت عن ذلك بالإطعام مما يوحي بأن الاطعام اعم من الاشباع ويشمل التسليم وهذا ما يؤيد المطلب الذي ذكرناه.
وهنا لابد من التأمل في نقطة مهمة وهي أنه بعد الفراغ من كفاية التسليم وعدم تعين الاشباع في محل الكلام يقع الكلام في أن هذا الاطعام الذي قلنا بأنه يصدق على التسليم وعلى ضوء هذا الصدق قلنا بكفاية التسليم هل يصدق على مجرد التسليم؟؟ فلو فرضنا بأن الفقير لم يأكل الطعام وإنما باعه واشترى به شيئاً آخر, فهل يصدق الاطعام في المقام؟ أو أنه لا يصدق الا مع احراز أن الفقير الذي يأخذ هذا المقدار سوف يأكله؟؟
ظاهر الفقهاء كفاية التسليم ولذا اتفقوا بكفاية اعطاء المد الواحد لستين مسكيناً بأن يعطيه للأول ثم يشتريه منه فيدفعه للثاني ثم يشتريه منه وهكذا الثالث والرابع .....إلى الخ.
والكلام في أن الاطعام يصدق على مجرد التسليم؟؟ فصدقه مع احراز الاكل واضح, لكن اذا اخذه ولم يأكله فهل يصدق أنه اطعمه أو لا؟
يبدو أنه يمكن التشكيك في ذلك, نعم يصدق التمليك, لكنه ليس العنوان المأمور به فالعنوان المأمور به هو الاطعام.
وهذه الملاحظة يمكن أن تجعلنا نتوقف في كفاية مجرد التسليم من دون احراز أنه يأكله, إذن لا اشكال في كفاية التسليم لكن مع هذا الاحتياط.
البحث الثالث: يقع في مقدار ما يجب تسليمه فهل هو مد أم مدان؟؟
تقدم ذكره مفصلاً وانتهينا إلى نتيجة كفاية المد وعدم الحاجة إلى ما هو اكثر من المد.