36/12/16


تحمیل
الموضوع:يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام وإن كان الصلاة جهرية
كنّا في الطائفة الرابعة من المسألة التاسعة عشر حول التشهد ومرّ ان مقتضى الجمع بن الروايات المرخصة في التشهد مع الجلوس والنهي عن جهود التمكين هو من باب العام والخاص وليس من المتباينين فلايحمل على الكراهة أو على الندب
فتحصل مما تقدم ان التشهد في كل الروايات في نفسه بركة غاية الأمر ان الجلوس الصحيح هو التجافي وليس الجلوس متمكناً فيجمع بين المتابعة واللبث وبين الوظيفة
مسألة 21: إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءته فقرأها ولم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته، بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمد ذلك بل إذا تعمد الإتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الإمام فالظاهر عدم البطلان[1]فالمتابعة عند المشهور كما مرّ هي تكليفية وليست وضعية ولما مرّ من ان درك الجماعة يختلف عن درك الركعة ولما مر من ان درك الركعة هو بالدرك قياما وان لم يدر الركوع وعليه فكما مر فان الشقوق التي ذكرها الماتن صحيحة
مسألة 22: يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام وإن كان الصلاة جهرية، سواء كان في القراءة الاستحبابية كما في الأولتين مع عدم سماع صوت الإمام، أو الوجوبية كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين، ولو جهر جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته، نعم لا يبعد استحباب الجهر بالبسملة كما في سائر موارد وجوب الإخفات[2]
بالنسبة للشق الأول من المسألة فان وجوب الاخفات لازم في القراءة فقط وليس في كل الصلاة فإن بقية اذكار الصلاة كذكر الركوع وذكر السجود وذكر التشهد فان الإخفات مستحب أكيد فيها وان الجهر مكروه فإن إسماع المأموم للامام مكروه في بقية الاذكار وهذا منصوص عليه
أما في القراءة فحتى لوكانت استحبابية فإنه يتعين عليه الإخفات وهذا عكس الأذكار الاخرى فإن ذكر الركوع واجب بمقدار مسمى الذكر لكن الإخفات فيه مستحب والقراءة وان كانت إستحبابية الاّ ان الإخفات فيها واجب فهذا عكس متعاكس والدليل على ذلك جملة من النصوص
وقد خالف في ذلك النراقي (رحمه الله) حيث قال انه في خصوص القراءة الاستحبابية في الركعتين الاولتين من الجهرية مع عدم سماع الماموم للامام فقال ان المكلف مخيّر ولايتعين عليه الإخفات
لكن المشهور وهو الصحيح ذهبوا الى وجوب الاخفات مطلقا والدليل عليه جملة من الروايات بل سيأتي في الروايات ان الإخفات المطلوب من المأموم ليس فقط مطلق الاخفات بل ان الاخفات المطلوب من المأموم هو أنزل وأقل درجات الاخفات
وان تعريف المشهور للاخفات هو الجهر بجوهرة الصوت والحرف سواء أسمعت من خلفك أو لم تسمع، وان المشهور في تعريف الاخفات هو ان لاتبوح بجوهرة الحرف وجوهرة الصوت وان سمع من على جنبك
فالمقصود ان الاخفات المستحب في المأموم ليس مطلق الاخفات بل هو أنزل وأقل درجات الاخفات كما سنرى في الروايات الآتية:
صحيح زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف إمام في نفسه بأم الكتاب وسورة، فإن لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما، لان الصلاة إنما يقرأ فيها في بالأولتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما، إنما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام، فإذا سلم الامام قام فقرأ بأم الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد، ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة [3]فالمراد منه انه لايسمع الاّ نفسه
وان الإخفات درجات متعددة، فقد يقرأ اخفاتا في نفسه، وقد يقرأ اخفاتا في لسانه من دون تحريك الشفتين، وقد يقرأ اخفاتا مع تحريك الشفتين من دون إسماع النفس، وقد يقرأ إخفاتا ويُسمع نفسه دون غيره، وقد يكون اسماع النفس واسماع من على الجنب فالاخفات واجب سهل المؤنة ويرتفع بأدنى عذر
والخلاصة ان الجهر واجب يرتفع بأدنى عذر نظير السورة فان السورة تسقط عند العذر والعجلة ففي الجهر الوجوب أضعف من وجوب أصل السورة، فالمقصود ان الاخفات درجات
صحيح قتيبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ[4]وهذه ايضا تشير الى درجات القراءة فهنا يقرأ في نفسه
موثق سماعة (في حديث) قال: سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول، فقال: إذا سمع صوته فهو يجزيه، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه [5]
صحيح زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك [6] فالمراد من الانصات هو السكوت فالسكوت هنا بلحاظ تحريك الشفتين وأما التسبيح فهو درجة من القراءة من دون صوت، وكل هذا سائغ حتى في الجماعة الصورية
واما الشق الاخر من كلام الماتن حيث قالولو جهر جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته لعموم لاتعاد فانه ليس بركن وبخصوص ماورد في نفس الجهر
صحيح زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه فقال أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته[7]
هنا نذكر فائدة مهمة في هذه الرواية في كل العبادات فنلاحظ هنا الرواية حيث قابل عليه السلام في الخلل بين العمد ومظلق العذر كاجهل والنسيان والسهو فالعلاج في موارد الخلل لايقتصر على الناسي بل شمل مطلق المكلف
والثمرة العامة هي انه اذا قوبل الناسي في قبال العامد فهذا لايعني كون المراد من الناسي هو خصوص الناسي بل المراد من الناسي هو غير العامد كالجاهل والناسي والغافل وغير ذلك ويستفاد منه ماورد في خلل الطواف والسعي وأعمال الحج
والخلاصة فنرى في أبواب فقهية عديدة استعمل الشارع مقابل الناسي العالم العامد مراده من الناسي ليس خصوص الناسي بل مراده مطلق غير العامد وغير العالم