36/11/15


تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار بالمحرم (الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه واله).
الكلام يقع في كفارة الكذب على ا لله ورسوله ( صلى الله عليه واله).
ظاهر الماتن وغيره الالتزام بكفارة الجمع كلما وقع الكذب على الله ورسوله من الصائم, ولا كفارة مخيرة في هذا المفطر لأنه لا يقع الا محرماً, لكنه يمكن التأمل بوجوبها كذلك فيه, وذلك لأن كونه (الكذب على الله ورسوله) من الافطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع يبتني على اطلاق ما دل على كفارة الجمع بما اذا افطر على حرام وشمولها له, وعدم اختصاصها بالجماع المحرم والاكل والشرب المحرمين, لكنه قد يستشكل في ذلك, لأن تلك الادلة عبارة عن روايتين وليس واضحاً شمولهما للكذب على الله ورسوله, واحتمال اختصاصهما بالأكل والشرب وارد, والروايتان هما:
الرواية الاولى :رواية عبدالسلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله قد روي عن آبائك ( عليهم السلام ) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات، وروي عنهم أيضا كفارة واحدة، فبأي الحديثين نأخذ ؟ قال : بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، وقضاء ذلك اليوم، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة، وإن كان ناسيا فلا شيء عليه)[1]
والوارد في هذه الرواية (متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات.....)
الرواية الثانية :مكاتبة أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي، فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ـ (يعني عن المهدي (عليه السلام ) ـ فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا بجماع محرم عليه، أو بطعام محرم عليه، أن عليه ثلاث كفارات)[2]
وشمول هذه الرواية لمحل الكلام بعيد جداً لأنها تحدد الكلام في الجماع المحرم والطعام المحرم وكلاهما لا ينطبقان على محل الكلام.
أما الرواية الاولى ففيها (متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات.....).
والكلام يقع في قوله عليه السلام (افطر على حرام في شهر رمضان) فهل يشمل هذا المقطع من الرواية محل الكلام؟ أو لا؟
فقد يقال بأختصاصه بالأكل والشرب بقرينتين.
الاولى: العطف على قوله (جامع), لأنه لو كان غير مختص بالأكل والشرب وكان المراد بقوله ( افطر على حرام) افسد صومه, لا معنى لعطفه على قوله (جامع) لإمكان الاختصار على عبارة واحدة (افطر على حرام) وهي تشمل الجماع المحرم ايضاً.
الثانية: تعدي الفعل إلى الحرام ب(على).
ومن هنا يظهر التشكيك في شمول الرواية لمحل الكلام.
مضافاً إلى ما ذكره اكثر من واحد من المحققين مما استظهروا من الروايات من انها ناظرة إلى المفطر الذي له فردان (حلال وحرام), وكأنها تريد أن تقول بأن هذا ا لمفطر الذي له فردان تجب الكفارة المخيرة في الحلال منه وتجب كفارة الجمع في الحرام منه, وهذا ينطبق على الجماع الذي له فردان وكذلك على الاكل والشرب ولا ينطبق على الكذب على الله ورسوله لأنه ليس له الا الفرد المحرم.
ومن هنا يمكن التوقف في وجوب كفارة الجمع في هذا المفطر ومقتضى القاعدة وجوب الكفارة المخيرة لا كفارة الجمع.
قال الماتن
مسألة 5 ) : إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي(.[3]
لا اشكال في وجوب الباقي عند تعذر بعض الخصال في الكفارة المخيرة, ولم يتعرض السيد الماتن لذلك لوضوحه, والكلام في كفارة الجمع عند تعذر بعضها كالعتق فهل يسقط الباقي؟ أم لا ؟
وهذا البحث يبتني على فكرة أن الواجب في المقام عندما تدل الادلة على وجوب الخصال الثلاث, فهل أن وجوب هذه الخصال على نحو العموم المجموعي ؟ أو على نحو العموم الاستغراقي؟
فإذا كان على نحو العموم المجموعي ولم يقدر على احدها فهذا يعني أنه غير قادر على المجموع ومقتضى القاعدة سقوطه وعدم وجوب الكفارة.
واذا كان على نحو العموم الاستغراقي وكل فرد له وجوب على نحو الاستقلال, فأن عجزه عن بعضها لا يسقط الوجوب عن البعض الاخر.
السيد الحكيم (قد) استشكل في المستمسك في لزوم الباقي عند تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع ومنشأ الاشكال هو ما قلنا, ويقول (لأن الظاهر من الدليل كون التكليف بالجمع ارتباطيا . وعليه فمقتضى القاعدة الأولية سقوطه بالعجز عنه ولو للعجز عن بعض أجزائه . إلا أن تثبت قاعدة الميسور.....)[4]
ولكن بناءً على هذا الكلام يكون من افطر على حرام عند عدم قدرته على الاتيان بالجمع _ بقطع النظر عن قاعدة الميسور التي تثبت وجوب الباقي في المقام على فرض تمامها _كمن لا يستطيع العتق في زماننا احسن حالاً ممن افطر على حلال وهو كما ترى!!
ويلاحظ على كلامه
أن ظهور الدليل بالارتباطية غير واضح فأن الدليل على كفارة الجمع هو رواية الهروي ومكاتبة الاسدي, والذي ورد في رواية الهروي (فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً) فهو لا يقول عليه كفارة واحدة وهي عبارة عن الخصال الثلاث لكي يكون وجه للارتباطية, فلا ارتباطية في كلام الرواية فهي كما لو قيل اذا بلغ الصبي وجب عليه الصوم والصلاة والحج فليس بين هذه الامور ارتباطية.
ونفس الكلام يقال في المكاتبة حيث ورد فيها (أن عليه ثلاث كفارات) .
والظاهر أن ما يقوله السيد الماتن من وجوب الباقي عند تعذر بعض الخصال هو الصحيح
قال الماتن
مسألة 6 ) : إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها وإن كان على الوجه المحرم تعدد كفارة الجمع بعددها.)[5]
هذا الكلام بناءً على مختاره, وأما بناءً على ما هو الصحيح فلا تتعدد, في كلا الموردين (أي سواء افطر على حرام أم حلال).
والظاهر أن منشأ ما ذهب إليه هو رواية الفتح بن يزيد الجرجاني (أنه كتب إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) يسأله عن رجل واقع أمرأة في شهر رمضان من حلال أو حرام في يوم عشر مرات ؟ قال : عليه عشر كفارات لكل مرة كفارة، فان أكل أو شرب فكفارة يوم واحد)[6]
والاستدلال بها بأعتبار انها ذكرت (عليه عشر كفارات لكل مرة كفارة) وعليه فأن كان ما فعله حلالاً فعليه عشر كفارات مخيرة وان كان ما فعله حراماً فعليه عشر كفارات جمع.
وقلنا بأننا لا نوافق بتعدد الكفارة مضافاً إلى ذلك أن هذه الرواية غير تامة سنداً ولا يمكن الاستناد اليها لأثبات هذا الحكم.
قال الماتن
مسألة 7 ) : الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعد إفطارا واحدا وإن تعددت اللقم فلو قلنا بالتكرار مع التكرر في يوم واحد لا تتكرر
بتعددها، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة(.
أي لا تتكرر الكفارة بتعدد اللقم لأن كل اللقم تعتبر اكلاً واحداً فلا تترتب عليه الا كفارة واحدة وكذا لا تتكرر بتكرر الجرعات من شراب الماء أو غيره لأنه لا يعتبر الا شرباً واحداً , وإنما تتكرر _ على القول بتكرر الكفارة بتكرر الاكل والشرب والسيد الماتن لا يقول بذلك _ اذا تكرر الاكل أو الشرب كما لو شرب الماء صباحاً ثم عصراً.
قال الماتن
مسألة 8 ) : في الجماع الواحد إذا أدخل وأخرج مرات لا تتكرر الكفارة وإن كان أحوط)[7]

وهو واضح نظير المسألة السابقة وذلك لعدم صدق الجماع في المرة الثانية والثالثة وليس هو الا جماعاً واحداً.