35/07/13


تحمیل
الموضوع:التكاليف التي ترتبط بذمة المكلف حيا وميتا
بدأنا بطوائف الروايات على قاعدة أن كل واجب تكليفي على المكلف له بُعد دَيني حتى الواجب بالوجوب التكليفي المحض، وان استغراب المعاصرين أو متأخري العصر من هذا المبنى للسيد اليزدي صاحب العروة أو مبنى القدماء لتقريب مدعى جملة من القدماء والسيد اليزدي باعتبار ان المعاصرين يشكلون في تحوّل كل الواجبات التكليفية الشرعية الى أحكام وضعية والى دين مالي وكأن هذا لم ينزل الله به من سلطان، نعم اعتبار مال الغير في الذمة دين يمكن تعقله سواء كان الغير الناس أو الله تعالى كالخمس والزكاة فهذا قابل لتصويره كمفاد وضعي، أما اذا لم يعتبر المال بنفسه في الذمة للغير وإنما اعتبر فعل من الأفعال متعلق بالمال فضلا عما كان الفعل من الأفعال غير متعلق مباشرة بالمال فلايمكن اعتباره من الدين الوضعي، وهذا عمدة اشكال المعاصرين ومتأخري العصر
فعمدة اشكال المعاصرين هو ان الاعتبار الشرعي تارة يتعلق بنفس ذات المال في الذمة للغير سواء كان لله أو للناس فهو من الوضع كالزكاة والخمس وديون الناس فالاعتبار الشرعي انصب على ذات المال في الذمة للغير وهذا قابل للتصوير بأنه من الوضع، أما اذا جاء الاعتبار الشرعي وانصب على الفعل فهنا لايوجد وضع في البين حتى يعتبر دين ويخرج من اصل التركة ولو الفعل كان متعلقا بالمال كالكفارات فان الكفارات بالدقة لييست اعتبار مالية ستين طعام ملك للفقراء بل ان الكفارة عبارة عن وجوب التصدق ووجوب الإنفاق في سبيل الله للفقراء فان الانفاق هو فعل وان تعلق بالمال فليس وضع فالكفارة من قبل القسم الثاني ومن هذا القبيل نذر الفعل فانه متعلق بالفعل والفعل ليس وضع ومال بل ان الفعل هو تكليفي محض فضلا اذا كان الفعل غير متعلق بالمال مباشرة بل متعلق بوسائط المال، وهذا هو عمدة اشكال المعاصرين
والجواب عن هذ الاعتراض هو ان القائلين بأن كل واجب دَين ليس مرادهم الدَين بقول مطلق وعلى كل تقدير مثل ديون الناس أو مثل الخمس والزكاة بل مرادهم ان هذا الواجب التكليفي مع انه تكليفي محض هو في تقدير خاص وهو حصول الموت تلقائيا يتقرر انه دين، او لك ان تقول ان نفس هذا الواجب في حياة المكلف منذ البدأ لوحظ فيه حيثيتان وفردان وهما حيثية تكليفية محظة وحيثية وضعية يعني الصلاة والصيام والاعتكاف فكل الواجبات يريدها الشارع إما ان يأتي بها المكلف مباشرة وهو الواجب أو ان المكلف اذا عجز فيريدها الشارع بالتسبيب وهو في الغالب الزام بالمال
فجواب القائلين بهذه القاعدة من ان مطلق الواجبات دين ليس مقصودهم الغاء التقسيم الرباعي با هذا يقبلوه في ظرف حياة المكلف اما على فرض عجز المكلف بالموت أو الشيخوخة فإن الواجب لايبقى اعتباره بالفعل بل يكون اعتباره بالمال بمعنى انه لابد من ايجاد الواجب المال وهذا الاعتبار للتسبيب يمكن القول بأنه مخاطب به من الأول لكنه بالدرجة الثانية، فهو واجب ذو مرتبتين ففي المرتبة الاولى تكليفي محض وفي فرض الموت وضعي ولامانع من ذلك، فهذه الواجبات هي وضعية لكنها بنحو الوضع المعلق وليس بنحو الوضع الفعلي
تقدمت الطائفة الاولى من الروايات، وأما الطائفة الثانية وهي في الأصل واردة في الواجبات البدنية المحضة تكون بعد الممات من الوضع وليس من الضروري ان تكون وضعا فعليا بل ان الوضع يكون معلق، فمثلا لو كان الميت ضامن في حياته لشخص بعقد ضمان أو كفالة أو غير ذلك من أسباب الضمان لكن المعلّق عليه الضمان لم يحدث الاّ بعد موت الحي فهذا يدخل في عموم قوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين[1] فان الديون الحادثة على الميت بعد الموت كالديون الحادثة على الميت قبل الموت ويمكن تصوير ذلك كما لو غصب الميت شيئا وتلفت بعد الموت فيكون الميت غاصبا وتخرج من اصل تركته، فاشكال المعاصرين أو متأخري العصر قابل للجواب
وأما الروايات فإن جملة منها موجودة ومسندة في الكتب الاربعة ولكن جملة منها ذكرها السيد ابن طاووس في كتاب سلطان الورى لأهل الثرى وقد نقل أكثرها السيد ابن طاووس عن الاصول المشهور او الكتب الروائية القديمة المشهورة
وان اعتراض السيد الخوئي والمعاصرين ان هذه الروايات مرسلة باعتبار انه لايوجد لدينا سند السيد ابن طاووس الى أصل حمّاد بن عيسى وهكذا سند ابن طاووس الى كتب ابن أبي عمير وهذا شبيه اشكال السيد الخوئي على روايات مستطرفات ابن ادريس والإشكال هو ان سند ابن طاووس وابن إدريس غير معروف وقد يشكل السيد الخوئي نفس الإشكال على قطب الدين الراوندي مع انه من علماء القرن السادس فيقول ان رواياته مرسلة والحال ان كثير من روايات الراوندي غير مذكورة في الاصول الأربعمائة أو الى الكتب المشهورة، وللتوضيح ان الراوندي اثنين متعاصرين ومن مدينة واحدة وهي مدينة كاشان أحدهما سيد والآخر شيخ فهذان العالمان من أوائل علماء الإمامية في القرن السادس، ومثلها الميزرا جعفر المشهدي صاحب المزار الكبير فان الفاصلة بينه وبين الشيخ الطوسي واسطة واحدة فإن الطبقات مهمة، وهكذا يستشكل السيد الخوئي على ابن ادريس وهكذا على ابن طاووس بل وأكثر من ذلك فان روايات كتاب تفسير العياشي تتعامل معه الطائفة وكأنه مسانيد فيهتمون به جدا بينما عند السيد الخوئي وغيره من المتأخرين غير ذلك
وأيضا روايات القمي علي بن ابراهيم فبعضها مراسيل، وكذا كتاب كامل الزيارت لابن قولويه فجملة من روايات كتابه مرسلة باعتباره يروي عن أصل حماد وأصل ابان بل ويروي عن الاصول الأربعمائة ولايذكر سنده، وان من بدايات القرن الرابع الى القرن الثامن فأربعة قرون لدينا كم روائي في كتب حديثية عن الاصول الأربعمائة وعن كتب الحديث لم تُذكر أسانيدها فالمعاصرين ومتأخري العصر يتعاملون معها معاملة المراسيل لا اعتبار لها