32/05/02


تحمیل

المحرم التاسع عشر ستر الرأس للرجال:-

مسألة 262 :- لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه ولو جزء منه بأي ساتر كان حتى مثل الطين بل وبحمل شيء على الرأس على الاحوط نعم لا باس بستره بحبل القربة وكذلك تعصيبه بمنديل ونحوه من جهة الصداع وكذلك لا يجوز ستر الأذنين .

 وهذا المحرم هو من المحرمات المختصة بالرجال خلافا للمحرمات السابقة فانها ولو بعضا عامة للرجال والنساء كالتدهين والطيب .

وتشتمل المسألة على مجموعة نقاط :-

النقطة الأولى :- لا إشكال في حرمة ستر الرأس للرجل المحرم في الجملة ، وإنما قيدنا في الجملة لان محل بحثنا في هذه النقطة هو في إثبات أصل الحرمة ، أما تفاصيلها وحدودها وسعتها وأنها تشمل ستر البعض مثلا أو تختص بستر الكل ، وهل تعم ستر الرأس بمثل الطين واليد أو بمثل القماش .. وهكذا ، إن هذه التفاصيل تأتي في النقطة التالية ، فكلامنا في إثبات الحرمة في الجملة وليس بالجملة .

 وعلى أي حال فالحرمة في الجملة مسلمة ومحل وفاق ، قال في الجواهر [1] ( إن ذلك بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه ، بل النصوص فيه مستفيضة إن لم تكن متواترة ) ، وبالجملة فالحرمة بنحو القضية المهملة مسلمة ولا خلاف فيها ، والنصوص الكثيرة قد دلت عليها كما سوف يتضح .

 وحينما ننقل النصوص الآن ينبغي الالتفات إلى أن الداعي لنقلها ليس هو إثبات أصل الحرمة فإنها مسلمة كما قلت ويكفينا نقل رواية واحدة للتبرك ، ولكن هنا ننقل أغلب الروايات لهدفٍ وهو أن نعرف أن هذه الروايات هل تدل على التفاصيل التي سنذكرها ، يعني هل تدل على أن الحرمة خاصة بستر جميع الرأس أو تعم ستر البعض ، وهل تختص بستر الثوب أو تعم الستر بمثل الطين والجلة الزنبيل فذكرنا هذه الأخبار لأجل ذلك.

الرواية الأولى :- صحيحة عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ( المحرمة لا تتنقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه )[2] ، وهذه الرواية صحيحة سندا وواضحة دلالة بل لعلها أحسن روايات الباب من حيث الدلالة .

الرواية الثانية صحيحة حريز ( سالت أبا عبد الله عن محرم غطى رأسه ناسيا قال يلقي القناع عن رأسه ويلبي ولا شيء عليه)[3] وهي خاصة بالقناع ، ومن هنا كانت الرواية الأولى أحسن حالا ، فان هذه مختصة بالقناع - أي بجنس القماش - وأنها أيضا مختصة بستر كل أو اغلب الرأس ، وهذا بخلاف الرواية الأولى حيث قالت ( إحرام الرجل في رأسه ) فانه يمكن أن يدعى إطلاقها من حيث الساتر ولا يلزم أن يكون قماشا كما لا يلزم أن يكون الستر لجميع الرأس .

 نعم توجد مشكلة في هذه الرواية وهي ليست مهمة وهي قول الإمام عليه السلام ( ويلبي ) والحال أن التلبية ليست واجبة ، فيمكن آنذاك أن نحمل الأمر بالتلبية بسبب الإجماع على الاستحباب ، ولعل هذا لا يشكل عائقا من التمسك الرواية المذكورة.

الرواية الثالثة :- صحيحة زرارة قلت ( لأبي جعفر عليه السلام الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب ؟ قال نعم ولا يخمّر رأسه ، والمرأة لا باس أن تغطي وجهها كله )[4] ودلالتها واضحة حيث قالت ولا يخمر رأسه ، ولكنها خاصة بالخمار ، وهذا معناه انه ليس لها إطلاق كما هو موجود في الرواية الأولى .

 وسندها معتبر فانه هكذا ( الشيخ الطوسي بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة )

وسند الشيخ إلى سعد جيد ، وسعد من وجوه أصحابنا ، والبقية كذلك ، ولكن يبقى علينا أن نعرف من هو( أبو جعفر) فالشيخ قال عن سعد عن أبي جعفر ؟ وهو احمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي صاحب الرضا عليه السلام وكنيته أبو جعفر .

الرواية الرابعة :- رواية أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام ( المحرم يغطي وجهه عند النوم وعند الغبار إلى طرار شعره )[5]

ووجه الدلالة :- فانه قد يفهم من تقييد الإمام التغطية إلى طرار الشعر عدم جواز التغطية أكثر من ذلك ، ولا بأس بهذا ، وسواء تم هذا الفهم أو لا فانه لا ينفع ، لان الرواية نقلها الشيخ ( عن عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمد عن أبي البحتري عن جعفر )

وطريق الشيخ إلى قرب الإسناد صحيح وعبد الله بن جعفر الحميري من مفاخر أصحابنا والسندي هو ثقة أيضا ، وإنما المشكلة في أبي البختري فانه لم يوثق ، بل قيل عنه هو اكذب أهل البرية واسمه وهب ابن وهب ، فالرواية ساقطة عن الاعتبار معتبرة .

الرواية الخامسة :- صحيحة زرارة عن احدهما عليها السلام ( في المحرم ، قال :- له إن يغطي رأسه ووجهه إذا أراد أن ينام )[6] وهذه قد تكون من الروايات المعارضة ، أي أنها تدل على الجواز لأنها قالت ( له أن يغطي رأسه ) فهي من الروايات المعارضة ، ولكن تختص معارضتها بحالة النوم

الرواية السادسة :- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( لا باس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس ولا باس بان يستر بعض جسده ببعض )[7] وهي ناظرة إلى التظليل من الشمس ، وقد يفهم منها أن الجواز يختص بستر البدن ببعضه - ومنه الرأس ، وأما ستره بساتر خارجي فلا .

الرواية السابعة :- صحيحة عبد الله بن سنان ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأبي وشكي إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به فقال ترى أن أستتر بطرف ثوبي ؟ فقال :-لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك وفي نسخة ما لم يصب راسك )[8]

[1] الجواهر 18 - 382

[2] الوسائل 12 505 55 تروك الإحرام ح2

[3] المصدر السابق ح 3

[4] المصدر السابق ح5

[5] المصدر السابق ح8 ، يقال طرة الشء بمعنى حافة الشيء .فالمقصود حافة الشعر وهو قصاص الشعر .

[6] الوسائل 12 507 56 من تروك الإحرام - ح2

[7] الوسائل 12 -524- 67 تروك الإحرام - ح3

[8] المصدر السابق ح4 .