32/04/15


تحمیل

الموضوع: المسألة ٢٥٩

 كان الكلام في ازلة المحرم الشعر عن نفسة

والكلام يقع في نقاط

النقطة الاولى: وهو ان اصل الحرمة مسلم في الجملة ولكن لايوجد لدينا اطلاق يمكن التمسك به في موارد الشك

النقطة الثانية: كذالك لايجوز للمحرم ان يزيل شعر غيره سواء كان الغير محرما او محلا ومستنده صحيحة معاوية بن عمار

 والسيد الخوئي حاول التمسك بشيئ اخر تعرضنا له مع التعليق

النقطة الثالثة: تستثنى من حرمة ازالة الشعر موارد اربعة

الاول: ما اذا فرض ان اصل وجود الشعر كان مضرا ومؤذيا بقطع النظر عن قلته وكثرته كالذي ينبت في جفن العين فيجوز ازالة مثله

الثاني: ما اذا كانت كثرته موجبة للضرر كما اذا اوجبت كثرة الشعر الصداع فتجوز ازالته ايضا

الثالث: ما اذا كانت ازلته علاجا للضرر وازالة له كما اذا فرض تكاثر القمل في الشعر فانه لاجل العلاج لابد من حلق الشعر وازالته

 ففي هذه الحالات الثلاث تزول حرمة الازالة

الرابع: ان يفترض عدم تحقق الضرر من وجود الشعر ولاضرورة الى ازالته وانما يتساقط من نفسه كالشعرات التي تتساقط حالة الوضوء او الغسل او التيمم ففيه لااشكال في ذالك

 اذاً الجامع بين الموارد الثلاثة الاولى هو كون الازالة لاجل دفع الضرر بينما في المورد الرابع يكون السقوط عفويا

 وقبل بيان مستند هذا الاستثناء بموارده الاربع

نشير الى قضية فنية وهي

 ان الكلام ليس في الكفارة فاصل البحث عن الكفارة ياتي في المسائل البعدية انشاء الله انما الكلام في الحرمة وعدمها فيراد ان يقال انه لاحرمة في هذه الموارد

 وكان من المناسب دمج الموار الثلاثة الاولى تحت عنوان واحد بل كلمة واحدة بلا حاجة الى الاطالة لبيان المورد الاول والمورد الثاني وهكذا فان هذا تطويل بلا طائل بل هو ممل

 والمناسب ان يقال تجوز ازالة الشعر اذا كان لاجل ضرورة او لدفع الضرر فهذا تعبير جامع لهذه الموارد الثلاثة

 فهذه قضية فنية كان من المناسب مراعاتها

 ولعله (قده) في المعتمد ج4 ص 200 حاول ان يتغلب على هذا الاشكال الفني حيث قال (قده)

الفارق بين هذه الموارد انه في المورد الاول يكون الضرر ناشئا من اصل وجود الشعر ونباته بقطع النظر عن الكثرة، بينما في المورد الثاني كثرته تكون موجبة للصداع وليس اصل وجوده، وفي المورد الثالث يكون حلق الشعر وسيلة للعلاج ودفع القمل فانه هكذا ذكر

 ولكن هذا لايدفع الاشكال الفني الذي اشرنا اليه فان الاختلاف بهذا المقدار لايبرر ذكر موارد ثلاثة بعنوان موارد ثلاثة بل المناسب ما اشرنا اليه

بل نضيف شيئا آخر ونقول لعل ذكر المورد الرابع بعنوان الاستثناء يكون محل تامل ايضا باعتبار ان سقوط الشعر يحصل من دون قصد واختيار فالحرمة لامعنى لها وبالتالي لامعنى لاستثناء هذا المورد من موارد الحرمة فيقال يحرم ازالة الشعر الاّ في مثل هذا المورد فان هذا حصل عفوا ومن دون قصد

 نعم لابأس بالااشارة اليه بشكل اخر بان يقال ما يحصل من تساقط عفوي لامحذور فيه لانه لم يصدر من قصد واختيار

 والمهم ان نعرف مستند هذا الاستثناء بموارده الاربعة

وفي هذا المجال نذكر عدة وجوه

الوجه الاول: التمسك بفكرة القصور في المقتضي بمعنى انا ذكرنا فيما سبق انه لايوجد لدينا اطلاق يمكن من خلاله اثبات الحرمة في جميع الموارد والحالات والتي منها حالة الضرورة او التساقط العفوي فلايوجد مقتضي للتحريم كي نحتاج للبحث عن المخرج عن ذالك المقتضي بل بما ان مقتضي التحريم قاصر في حد نفسه فنتمسك بالبرائة

الوجه الثاني: قوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله فان احصرتم فما استيسر من الهدي ولاتحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا او به اذي من راسه ففدية من صيام او صدقة او نسك البقرة 196

 فانه بناء على استفادة تحريم الحلق من الاية الكريمة فهي قد استثنت حالة المرض والاذى الذي هو عبارة عن الموارد الثلاثة الاولى وبذالك يثبت الجواز فيها بالاية الكريمة بلا حاجة الى بحث عن مدرك اخر

الوجه الثالث: التمسك بقاعدة نفي الضرر بناء على ان المقصود نفي الحكم الضرري اما من باب نفي المسبب وارادة نفي السبب او من باب نفي الحكم بنفي موضوعه فعلى احد هذين يثبت انتفاء الحرمة في الموارد الثلاثة

 نعم بناء على تفسير شيخ الشريعة الاصفهاني اي كون المقصود هو النهي عن الضرر والاضرار بنحو النهي التحريمي فلايمكن التمسك بها

 وتوضحيه انا قرانا في مبحث القواعد الفقهية ان في تفسير قوله (صلى الله عليه واله) لا ضرر ولا ضرار الذي هو من الكلمات القصار للنبي (صلى الله عليه واله) عدة احتمالات

ولعل ابرزها ثلاثة

الاول: ما افاده الشيخ الاعظم

 من ان المقصود نفي الحكم الشرعي متى ما سبب او تسبب الى الضرر، فوجوب الوضوء اذا تسب الى الضرر فيكون الوجوب منتفيا فالحكم الشرعي سبب للضرر في المثال المذكور والضرر مسبب فنُفي المسبب اي الضرر والمقصود الحقيقي نفي السبب

 ووافقه الشيخ النائيني والسيد الخوئي

 وبناء على هذا التفسير فكلما لزم الضرر من الحكم الشرعي فنتمسك بالقاعدة لنفي الحكم الشرعي

الثاني: ماذهب اليه الشيخ الخراساني

 في باب الانسداد وحاصله ان الحديث ينفي الحكم بلسان نفي الموضوع فينفى الربا الذي هو موضوع للحرمة والمقصود الحقيقي نفي الحكم

 وهنا الامر يكون كذالك فان الوضوء الضرري موضوع ومتعلق للوجوب فينفى الوضوء الضرري والمقصود الحقيقي نفي الحكم

 اذا كلا العلمين اتفقا على ان المقصود نفي الحكم ولكن الطريق مختلف

 فالشيخ الاعظم يقول نفي الحكم بلسان نفي المسبب وارادة نفي السبب بينما الشيخ الخراساني يقول نفي الحكم من باب نفي الموضوع وارادة نفي حكمه

 وهل يترتب على ذالك اثر عملي او هو مجرد فارق فني ونظري؟

 ذكر (قده) في باب الانسداد موردا للثمرة

 ولكن اقول لافرق بين المسلكين عملا وان كان هناك فارق فهو ينحصر في دائرة ضيقة

 فاتضح انه على كلا هاذين التفسيرين يصح التمسك بقاعدة نفي الضرر لنفي الحكم

الثالث: ماذهب اليه شيخ الشريعة

 حيث قال ان المقصود هو النهي من قبيل لاجدال ولارفث فان المقصود لاتجادل اي قُصد من النفي النهي

 فبناء على هذا المعنى لانستفيد من القاعدة في مقامنا اي لاثبات الموارد الثلاثة للاستثناء

 اذا انما يصح ان نتمسك بناء على احد التفسيرين الاولين دون التفسير الثالث وهذا مطلب جانبي اشرنا اليه

الوجه الرابع: حديث نفي الاضطرار اي رفع عن امتي ما اضطروا اليه

 بتقريب ان الذي يوجد في جفن عينه شيئ من الشعر يكون مضطرا الى ازالته فيتمسك بالحديث لنفي الحرمة

الوجه الخامس: قاعدة نفي الحرج التي مستندها قوله تعالى ماجعل عليكم في الدين من حرج ولا اشكال ان بقاء الحرمة حيث انه موجب للحرج فيكون التحريم منتفيا بمقتضى القاعدة المذكورة

الوجه السادس: ان يقال لانحتاج الى آية ولارواية بان يقال نحن لانحتمل في حق الاسلام الذي هو شريعة مبنية على التسامح والتساهل فلانحتمل انه يحرم ازالة الشعر عن مثل جفن العين ويقول يلزمك ان تبقى هكذا رغم ما يحصل لك من تألم واذى فان ثبوت الحرمة شيئ غير محتمل سواء كانت عندنا قاعدة لاضرر وفسرناها بتفسير العلمين وسواء كان عندنا حديث نفي الضرر فانه حتى لو ناقشناها جميعا يبقى الفقيه يقول مع نفسه انا لااحتمل ان التحريم ثابت في هذه الموارد الاربعة

 وعليه فلاتحريم من باب الجزم والقطع بعدم الحرمة