31/12/15


تحمیل

الموضوع: المسالة 237 .

حكم الرياحين

 ماتقدم كان ناظرا الى حكم الطيب والآن نريد التحدث عن حكم الرياحين

 والفرق بين الطيب والريحان هو ان الاول عبارة عن العطور فكل عطر هو طيب بينما المقصود من الثاني كل نبات طري ذات رائحة طيبة يتخذ للشم عادتا مثل ورد الرازقي وماشاكل ذالك من الاوراد

وتنقسم الرياحين الى قسمين

الاول: رياحين برية تنبت في البر مثل الاذخر والقيصوم وماشاكلها

الثاني: غير برية مثل الاوراد المتعارفة كورد القداح والرازقي وماشاكلهما

اما بالنسبة للرياحين البرية فيمكن الحكم بجواز امساك المحرم لها وشمها لصحيحة معاوية بن عمار قال ابو عبد الله (عليه السلام) لا باس ان تشم الاذخر والقيصوم والخزاما والشيح واشباهه وانت محرم وسائل الشيعة ج 12 ص 453 الباب 25 من تروك الاحرام الحديث1

 وقد ذكر الطريحي في مجمع البيان عند ذكر هذه المفردات انه عبارة عن نبات بري

 اذاً لا ينبغي الاشكال في جواز الرياحين البرية للمحرم

وانما الكلام في الرياحين غير البرية

 وتوجد في هذا المجال روايتان

احداهما: لحريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) لايمس المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به...الخ المصدر السابق الحديث2

والدلالة واضحة حيث قال (عليه السلام) ولا الريحان اي لا يمس الريحان

 وليس المراد من المس هو ان المس الحقيقي لا يحتمل حرمته فان مناسبات الحكم والموضوع او الحس المتشرعي يقتضي ان المحرم المنهي عنه هو المس بنحو التلذذ كأن يقبض على الوردة بيده تلذذا برائحتها ومنظرها، فدلالة الرواية واضحة

اما سندها فقد تقدم الاشكال فيه فقد رواها الشيخ الطوسي باسناده عن موسى بن القاسم عن حماد عن حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) وهذا السند معتبر كما تقدم لان الطريق من الشيخ الى البجلي صحيح كما في الفهرست والمشيخة وكل واحد منهم من ثقات اصحابنا

 الاّ ان الشيخ الكليني رواها عن حريز عن من اخبره عن ابي عبد الله (عليه السلام) وحيث انه من البعيد سماع حريز للمتن الواحد مرة بالمباشرة من الامام (عليه السلام) واخرى بالواسطة فلابد وان يكون الصادر من الامام (عليه السلام) شيئا واحدا وحيث لايجزم بكون المتن الواحد قد وصل الى حريز بالمباشرة بل نحتمل انه وصل من خلال الواسطة المجهولة فتعود الرواية لذالك بحكم مرسلة

الثانية: صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال لاتمس ريحانا وانت محرم ولاشيئا فيه زعفران ولاتطعم طعاما فيه زعفران وسائل الشيعة ج 12 ص 443 الباب 18 من تروك الاحرام الحديث 3 وهكذا رواها في الباب 25 من تروك الاحرام الحديث3

ودلالتها تامة وسندها ايضا تام فالمناسب الفتوى بحرمة الريحان للمحرم تمسكا بهذه الصحيحة غير ان الشيخ الطوسي وجماعة ذهبوا الى الكراهة وممن صار الى الكراهة المحقق في الشرائع ووافقه صاحب الجواهر ج 18 ص 335 واختاره السيد الخوئي في المعتمد ج 4 ص 423 وذكر ثلاثة وجوه للكراهة

 وفي مقابل هؤلاء ذهب صاحب الحدائق في ج 15 ص 413 الى الحرمة فالمسألة خلافية بين الفقهاء

اما الوجوه التي استند اليها السيد الخوئي لاثبات الكراهة

الاول: انا ذكرنا فيما سبق ان المحرم من الطيب ليس جميع افراده بل خصوص خمسة منها وما عدى الخمسة فهو جائز وبقية افراد الطيب جائزة للمحرم وحيث ان الريحان اهون من الطيب وليس اشد منها فيلزم اذا جازت افراد الطيب غير الخمسة للمحرم فبالاولى يجوز الرياحين، ولذالك لم يصر الى الحرمة بل الى الكراهة

وفيه: انه اذا كانت له هذه الليونة بالشكل الذي سمح له ان يحكم بان غير الخمسة من افراد الطيب اذا جازت جاز بالاولى الريحان فكان من المناسب ان يحكم بحرمة كل فرد من الطيب هو اشد من الخمسة والحال هو تعبد بخصوص الخمسة، وهذا ليس من باب المناقشة

والمناقشة هي

اولا: انه لماذا لم يعكس الامر ويقول ان النهي عن مس الرياحين يمكن ان يستفاد منه ان حرمة الطيب لاتختص بخصوص الخمسة بل تعم غيرها بقرينة النهي عن مس الرياحين التي اخف حالا من الخمسة

ثانيا: من قال ان مس الريحان اهون حالا من بقية افراد الطيب فان المحرم اذا اخذ بيده وردة طرية من القداح او الرازقي التي لها رائحة طيبة فيمكن القول ان هذا مساوي لبقية افراد الطيب لو لم يكن اشد فالاهونية ليست جزمية

الثاني: ان صحيحة معاوية المتقدمة عطفت على الاذخر كلمة واشباهه حيث جاء فيها لاباس ان تشم الاذخر والقيصوم و... واشباهه وانت محرم، والمقصود من الاشباه يعم مثل ورد الرازقي والقداح من الرياحين غير البريّة ومعه يلزم حمل النهي الوارد في صحيحة ابن سنان على الكراهة لان الجواز قد ثبت من خلال صحيحة معاوية وكلما اجتمع حكمان متنافيان احدهما مضمونه الجواز والثاني ظاهر في النهي والحرمة فيحمل النهي بقرينة ذالك الجواز على الكراهة، هذا ما افاده ( قده)

وفيه: ما اشار اليه صاحب الحدائق في ج 15 ص 419 من ان المقصود من كلمة واشباهه اي واشباه ذالك من الرياحين البرية بقرينة ذكر المصاديق السابقة فانها باجمعها من الرياحين البرية، فلو قيل بعد ذكرها واشباه ذالك فان العرف يعرف الاشباه من رياحين البر فلاموجب لحمل النهي عن الكراهة فيكون المورد من موارد التخصيص

الثالث: ان صحيحة ابن سنان منعت من مس الرياحين وقالت لا تمس ريحانا وانت محرم والريحان يشمل جميع النباتات الطرية الطيبة فنقول حيث ان صحيحة معاوية المتقدمة جوزت شم الرياحين حيث قالت لاباس ان تشم الاذخر ..فيلزم حمل هذا النهي على الكراهة

 والفارق بين هذا الوجه وسابقه ان سابقه كان يسلط الاضواء على كلمة واشباهه ويقال ان كلمة واشباهه تعم النباتات غير البرية وهذا بخلافه في هذا الوجه فانه يراد غض النظر عن كلمة واشباهه ويقصر النظر على تجويز شم الاذخر والقيصوم وما شاكله فيقال ان الحكم بالجواز في هذا يلزم منه حمل النهي في صحيحة بن سنان على الكراهة

وفيه: ما اشار اليه صاحب الحدائق من ان هذا الوجه قد استند اليه القائلون بالكراهة، وقال ولكن يرده ان هذه العناوين اي الاذخر والقيصوم هي رياحين برية وليس بعضها ريحانا غير بري وما دامت كلها برية فيكون المورد من موارد التخصيص وليس من موارد الحمل على الكراهة

 وكان المناسب للسيد الخوئي (قده) الاشارة الى هذه المناقشة ثم ردها لا التجاوز عنها

اذاً اتضح من خلال هذا

 ان المناسب هو حرمة الرياحين على المحرم ايضا كالطيب تمسكا بصحيحة عبد الله بن سنان