33/02/10


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة ( 297 ) / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 ولكن نقول:- ان ما ذكره الشيخ التبريزي(قده) ليس شيئاً يغاير ما أفاده الشيخ الخراساني(قده) في مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين فانه ذكر أنا لو شككنا في جزئية السورة للصلاة فهل يمكن التمسك بحديث ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) لنفي الجزئية المشكوكة ؟ أجاب (قده) بالإيجاب وقال نعم انه شيء ممكن فانه يمكن رفع الجزئية ولكن من خلال رفع منشأ الانتزاع - أي منشأ انتزاع الجزئية - وهو الأمر النفسي بالكل - أي المقيد بالسورة - فبرفع ذلك الوجوب الذي هو بيد المولى ترتفع الجزئية بالتبع.
 ثم أشكل صاحب الكفاية على نفسه وقال:- صحيح أنه يمكن رفع الجزئية ولكن هذا لا ينفع فان المهم هو أن إثبات وجود أمر بالأقل - أي الفاقد لهذا الجزء المشكوك - وإلا فرفع الأمر بالكل من دون إثبات الأمر بالأقل لا ينفع شيئاً فكيف نثبت الأمر بالأقل ؟ ويظهر أن صاحب الكفاية وقع في حيص وبيص من هذه الناحية - والمفروض أن حديث الرفع هو حديث رفع لا إثبات - إذن كيف نثبت الأمر بالأقل ؟
 أجاب بهذا الجواب:- ان نسبة حديث الرفع نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه.
 ومقصوده (قده) هو:- انه عندنا الدليل الأولي الذي يدل على وجوب الأجزاء أي دليل ( تجب الصلاة ) الذي مرجعة هو أنه تجب التكبيرة والقراءة والركوع وغيرها من الاجزاء الأخرى فحديث الرفع يأتي بمثابة الاستثناء وستثني السورة من أدلة وجوب الأجزاء ويقول ( بما أنك لا تعلم بجزئية السورة فانا أرفع الجزئية ) إذن حديث الرفع يرفع الجزئية المشكوكة فقط أما بقية الاجزاء فهي ثابتة بدليلها الأولي لأن نسبة حديث الرفع إلى الدليل الأوَّلى نسبة المستثنى إلى المستثنى منه.
 ونحن علقنا هناك وقلنا:- صحيح سلمنا أن نسبته نسبة المستثنى ولكن بالتالي هو لا يستثني الجزئية المشكوكة فقط وإنما الطريق لنفي الجزئية المشكوكة فهو قد رفع الأمر بالكل الشامل لهذا الجزء المشكوك كما قلنا فعادت المشكلة من جديد.
 وبكلمة أخرى:- لو كانت الاجزاء واجبة بوجوب نفسي يعني أن كل جزء واجب بوجوب نفسي خاصٍ فيه لتم ما ذكره صاحب الكفاية(قده) فيأتي حديث الرفع ليستثني هذا الوجوب النفسي فترتفع الجزئية المشكوكة ، ولكن هذا خلف الفرض فانا قد فرضنا أن هذه أجزاءٌ ولازم الجزئية هو أن الأمر لا يكون نفسياً بكل جزءٍ وإنما هناك أمر واحد متعلق بالمجموع بما هو مجموع فرفع الجزئية المشكوكة يكون برفع ذلك الأمر النفسي المتعلق بالكل وبذلك عاد الإشكال وهو أنه كيف نثبت أمراً نفسياً آخر بالأقل . هذا ما عرفناه في الكفاية . إذن هذا الجواب الذي أفاده صاحب الكفاية(قده) قابل للمناقشة.
 والمناسب في الجواب أن يقال:- تارة يفترض احتمال ارتفاع وجوب بقية الأجزاء عند ارتفاع جزئية الجزء المشكوك وأخرى لا نحتمل ذلك ، فان احتملنا أنه يرتفع وجوب بقية الاجزاء واقعاً وفي علم الله برفع هذه الجزئية المشكوكة فالإشكال ستقر ولا دافع له ، من قبيل فاقد الطهورين - أي من تعذر عليه الوضوء والتيمم معاً - فانا نحتمل أن وجوب الصلاة يسقط في مثل هذه الحالة إذا رفعنا الأمر المتعلق بما يشمل الوضوء والتيمم لأجل تعذرهما فلا يعود هناك مثبت لوجوب الباقي وتكون الشبهة مستقرة في ذلك ، فإذا طبقنا حديث ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه ) فاني مضطر إلى ترك الوضوء والتيمم ففي مثل هذه الحالة ماذا أفعل فاني مضطر إلى ترك هذا الشرط فحينئذ أحتمل أن بارتفاعه يرتفع الأمر بالكل ، هنا تكون الشبهة والإشكال تاماً.
 وأما إذا فرض أنا لا نحتمل ارتفاع بقية الاجزاء برفع مشكوك الجزئية بل أن بقيَّة الاجزاء واجبة جزماً كما هو الحال في مثال السورة التي نشك في جزئيتها فإننا نجزم من الخارج بأن بقية الاجزاء واجبة جزماً وذلك شيء لا شك فيه ولو بسبب أن الذمة مشغولة بها جزماً - أي بالتسعة الأقل - باعتبار أنه إذا كان الواجب هو عشرة فقد اشتغلت الذمة بالتسعة أيضاً وإذا كان الواجب هو التسعة فالأمر أوضح ، إذن على كلا التقديرين نجزم باشتغال العهدة ولا نحتمل أنه لا وجوب لذلك عند عدم الإتيان بالسورة ، انه في مثل ذلك إذا رفعنا وجوب السورة بحديث الرفع لا نحتاج إلى مثبت لوجوب بقية الاجزاء إذ قد فرضنا من البداية أنا نعلم بوجوب بقية الاجزاء علماً جزمياً لاشتغال الذمة بذلك ، وهكذا بالسبة إلى بقية الأجزاء الأخرى كالنجاسة ممثلاً فالذي تعذَّر عليه أن يصلي في الطاهر لا نحتمل سقوط وجوب بقية الاجزاء في حقه فان الصلاة لا تسقط بحال وهذا شيء واضح ، وإذا كان شيئاً واضحاً فعلى هذا الأساس نرفع شرطية الطهارة بحديث رفع ( عن أمتي ما اضطروا إليه ) مثلاً أو غيره وأما وجوب بقية الأجزاء فهو ثابت من الخارج بقطع النظر عن حديث الرفع ، فانا نجزم بأن الصلاة لا يسقط وجوبها عند تعذر الطهارة ، فعلى هذا الأساس لا نحتاج إلى مثبتٍ للوجوب حتى يأتي صاحب الكفاية(قده) ويبحث عن المثبت من خلال فكرة الاستثناء ، كلا إذ المفروض أن لنا علماً من الخارج بوجوب بقية الاجزاء . هذا ما ذكرناه هناك.
 وما أفاده الشيخ التبريزي(قده) في المقام هو نفس إشكال صاحب الكفاية(قده) وليس شيئاً جديداً فصاحب الكفاية قال ان حديث الرفع يرفع الجزئية المشكوكة ولا يثبت وجوب الباقي والشيخ التبريزي(قده) أيضاً ذكر هذا وهو ان قاعدة نفي الحرج التي مستندها ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) هي تنفي وجوب الطواف في الثوب الطاهر لفرض تعذره ولكن لا تثبت كفاية الطواف في الثوب النجس ، ان هذا نفس كلام صاحب الكفاية وما ذكرناه من جواب هناك يأتي هنا فنقول:- نحن نعلم من الخارج بأن وجوب بقية الاجزاء لا يزول بتعذر الطواف في الطاهر أفهل تحتمل أيها المتشرع أن وجوب الحج يسقط مادمت لم تتمكن من الطواف في الطاهر ؟! ان هذا شيء لا يحتمله الفقيه وما دام لا يحتمله الفقيه أو على الأقل ببيان أن الذمة هي مشغولة به جزماً ، ففي مثل هذه الحالة لا نحتاج إلى مثبتٍ لوجوب بقية الأجزاء بعد وجود هذا العلم من الخارج.
 نعم يتم ما أفاده(قده) في مثل من تعذر عليه الطواف مع الطهارة المائية والطهارة الترابية معاً فهنا قد يحتمل سقوط وجوب الحج فتبقى المشكلة ، ولذلك يمكن أن نقول في هذه الحالة بسقوط بقية الاجزاء والحج ليس بواجب ، وهذا بخلاف الطهارة من الخبث فان أمرها ليس كذلك ، وعليه يكون وجوب الباقي ثابتاً بالدليل الخارجي.
 والخلاصة:- لابد من التفرقة بين الأجزاء المتعذرة أو المشكوكة فهي على نحوين فبعضها حينما يتعذر نحتمل أن وجوب الباقي يسقط وبعضها الآخر لا نحتمل فيه ذلك ، والإشكال يتم إذا كان المقام من القبيل الأول وأما إذا كان من القبيل الثاني فلا يتم.
 وهذا كله لو لم نرد التعامل مع النبوي الذي يقول ( الطواف بالبيت صلاة ) وأما إذا أردنا أن نأخذه بعين الاعتبار فهو يكفينا مؤونة كل هذا الكلام إذ قد ثبت في باب الصلاة أن دم الجروح والقروح - لروايات خاصة - إذا شق تطهيره جاز أداؤها معها أي مع النجاسة ومقتضى إطلاق التنزيل أن يكون الطواف كذلك ، بيد أن المفروض أنا لا نقبل هذا الحديث فلذلك احتجنا إلى التمسك إما بفكرة القصور في المقتضي أو بقاعدة نفي الحرج.