32/10/29


تحمیل

ومما يؤيد ذلك أمران:-

الأمر الأول:- الروايتان السابقتان ، أعني المرسلة ورواية علي بن جعفر ، ونما جعلناهما مؤيدتين لضعف سندهما وهما:-

الاولى:- ما رواه الكليني(قده) عن عدة من أصحابنا عن سهل عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام ( من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد فان الله عز وجل يقول هدياً بالغ الكعبة ) انها استثنت فداء الصيد فقط وما سوى ذلك يجوز ذبحه أينما شاء والعموم المذكور لعله غير قابل للتخصيص لاشتماله على الحصر والحصر قد يقال بإبائه عن التخصيص عرفاً.

الرواية الثانية:- رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام ( لكل شيء خرجت جرحت فعليه فعليك فيه دم تهريقه حيث شئت ) وهذه أيضاً تؤيد ما انتهينا إليه سابقاً

 هذا بالنسبة الى المؤيد الأول.

والمؤيد الثاني:- ان نفس ما دل على أن كفارة جزاء الصيد تكون في مكة بالنسبة الى إحرام العمرة وفي منى بالنسبة الى إحرام الحج نفس هذه الرواية ربما يفهم منها بالمفهوم أن هذه قضية خاصة بجزاء الصيد وإلا غير ذلك يجوز ذبحه أينما شاء إذ لو كان الحكم بلزوم الذبح في مكة ومنى لغير جزاء الصيد فلماذا التخصيص في الرواية بجزاء الصيد حيث قالت صحيحة ابن سنان السابقة ( قال أبو عبد الله عله السلام:- من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم فان كان حاجاً نحر هديه .... ) ان الحكم المذكور لو كان لا يختص بجزاء الصيد لكان من المناسب للإمام ان يعبر هكذا ( من وجب عليه فداء ) من دون تخصيص بالصيد.

 هذا كله بالنسبة الى كفارة التظليل

 وأما بالنسبة الى سائر الكفارات غير كفارة التظليل من قبيل كفارة ترك المبيت في منى وما شاكل ذلك انه يجوز الذبح في أي موضع شاء من دون حاجة الى هذا التطويل المتقدم فانه تكفينا موثقة إسحاق المتقدمة حيث دلت على أن من عليه دم في الحج فيجوز له أن يذبحه عند أهله فانها عامة لكل الكفارات وقد خرجت كفارة الصيد بالمخصص وأما بالنسبة الى كفارة التظليل فقد ذكرنا أنه توجد معارضة وتمسكنا بأصل البراءة بعد المعارضة والتساقط ، أما غير هاتين فإطلاق موثقة إسحاق يشمله بلا معارض وبلا حاجة الى التمسك بأصل البراءة بل يكفينا إطلاق موثقة إسحاق.

 إذن غير الكفارتين المذكورتين يجوز ذبحه في أي موضع تمسكاً بإطلاق موثقة إسحاق وكفارة الصيد خرجت بالمخصص وكفارة التظليل حصلت بلحاظها معارضة بين موثقة إسحاق وبين معتبرتي ابن بزيع وبعد التساقط رجعنا الى البراءة.

 إذن ينبغي الالتفات الى هذه النكتة وهي أن المعارضة والرجوع الى البراءة يختص بكفارة التظليل وأما غير ذلك فيتمسك بموثقة إسحاق بلا معارضة وهذا مطلب واضح.

وقد تقول:- ان موثقة إسحاق قد دلت على جواز الذبح عند أهله أما الذبح في بلاد أخرى - غير مكة ومنى وغير أهله - فلا دليل على الجواز بل لعل الحصر بالأهل في موثقة إسحاق يدل بالمفهوم على عدم الجواز في غير ذلك.

بيد أن هذا تشكيك ووسوسة لا داعي إليهما:- فان العرف لا يفهم الخصوصية للأهل فان كان هناك احتمال خصوصية فهو لمكة أو منى أما الموضع الأخر فلا يحتمل فيه الخصوصية ، وعليه فلا مجال للتوقف من هذه الناحية.

 هذا كله بالنسبة الى الحج.

وأما بالنسبة الى حكم العمرة:- فيمكن أن يستشكل ويقال ان موثقة إسحاق الدالة على جواز ذبح الكفارات عند الأهل هي خاصة بالحج فكيف التعميم للكفارات الثابتة في إحرام العمرة والمفروض أنه توجد في خصوص العمرة روايتان تدلان على أن كفارة العمرة المفردة هي في منى والأفضل أن تكون في مكة كما دلت على ذلك صحيحة منصور وصحيحة معاوية المتقدمتان وبالتالي يلزم أن تكون النتيجة هي أن كفارات الحج يجوز ذبحها عند الأهل لموثقة إسحاق وكفارات العمرة تختص بمنى ومكة للصحيحتين المذكورتين هذا مقتضى الصناعة.

وهل هناك مخلص نتمكن من خلاله إثبات الجواز عند الأهل كما في كفارات الحج ؟

يمكن أن يتمسك بالبيانين التاليين:-

البيان الأول:- ان موثقة إسحاق وان كانت واردة في الحج إلا أنها تشمل عمرة التمتع أيضاً - وأأكد عمرة التمتع - فان الوارد في موثقة إسحاق هكذا ( الرجل يخرج من حجه وعليه شيء يلزمه في فيه دم ) وعنوان ( يخرج من حجه ) يصدق على عمرة التمتع فان من ارتكب ما يوجب الكفارة في عمرة التمتع وقد أنهى حجه يصدق عليه أنه خرج من الحج وعليه شيء يلزمه فيه دم والإمام عليه السلام لم يستفصل ولم يقل هذا الموجب هل حصل في إحرام الحج أو في إحرام عمرة التمتع ؟ وعدم استفصاله دليل على العموم ، فيثبت بذلك أن عمرة التمتع حكمها ذلك أيضاً يعني جواز الذبح عند الأهل ، وإذا ثبت الجواز المذكور بالنسبة الى عمرة التمتع نضم إليه مقدمة أخرى وهي عدم احتمال الفرق بين عمرة التمتع والعمرة المفردة فيثبت آنذاك عموم موثقة إسحاق للحج ولعمرة التمتع بعدم الاستفصال وللعمرة المفردة لعدم احتمال الفرق فتصير دالة على الجواز في الجميع فيأتي آنذاك ما ذكرناه سابقاً من أنها تقع طرفاً للمعارضة مع روايتي العمرة - أي صحيحة منصور وصحيحة معاوية وبعد التساقط نرجع الى أصل البراءة فنصل الى نفس النتيجة السابقة ولكن بعد تعميم موثقة إسحاق لعمرة التمتع وللعمرة المفردة.

 وهذا البيان موقوف على أن نسلم بعدم احتمال الفرق بين العمرة المفردة وعمرة التمتع ، أما إذا أنكرنا ذلك فيقف هذا البيان.

 ولكن ينبغي الالتفات الى أن هذا يتم لو فرض أن الوارد في الرواية التعبير بـ( يخرج من حجه ) حيث يقال الخروج من الحج شامل لعمرة التمتع ، ولكن هناك نسخة ثانية هي نسخة الشيخ الكليني(قده) وكانت مرددة بين ( يخرج ) وبين ( يجترح ) فانه بناءاً على ذلك تصير رواية الكليني هكذا ( الرجل يجترح في حجته شيئاً يلزمه منه دم يجزيه أن يذبحه إذا رجع الى أهله ) وبناءاً على هذا يحتمل اختصاصها بالحج فانه لم يعبر بالخروج حتى نقول ان الخروج صادق على عمرة التمتع أيضاً وإنما عبر بـ( يجترح ) وعليه فاستفادة العموم بضم عدم الاستفصال يصير شيئاً مشكلاً ولذلك يقف هذا البيان من هذه الناحية.

 إلا أن يتمم ويقال صحيح أن النسخة مختلفة في هذه الرواية وبالتالي لا يمكن تطبيق هذا البيان على موثقة إسحاق ولكن إنما لا يمكن تطبيقه بلحاظ ما رواه عن الصادق عليه السلام فسؤاله منه مردد بين احتمالين بين أن يكون بصيغة ( يخرج من حجه ) فينقعنا وبين أن يكون بصيغة ( يجترح ) فلا ينفعنا بيد أن سؤاله من الإمام الكاظم عليه السلام ليس فيه هذا الترديد واختلاف النسخة بل الوارد هكذا ( الرجل يخرج من حجته ما يجب عليه الدم ولا يهريقه .......) فنتمسك بعدم استفصال الإمام ثم نضم قضية عدم الفرق

البيان الثاني:- أن نقول صحيح ان موثقة إسحاق هي واردة في خصوص الحج ولكن نعمم ذلك الى العمرة من باب عدم احتمال الفرق بين ما يرتكب في الحج وما يرتكب في العمرة من دون حاجة الى ضم فكرة عدم استفصال الإمام عليه السلام ، يعني نسلم من البداية أن موثقة إسحاق هي خاصة بالحج ولا نضم فكرة عدم الاستفصال حتى ندخل عمرة التمتع ومن خلال إدخالها ندخل العمرة المفردة بل ابتداءً نقول لا نحتمل الفرق بين الحج والعمرة بل الجواز في العمرة أولى ، فإذا جاز ذبح كفارة الحج عند أهله جاز ذلك في العمرة المفردة بطريق أولى ، فأما هناك عدم احتمال الخصوصية أو هناك أولوية ، فبالتالي سوف تدخل العمرة المفردة وعمرة التمتع أيضاً من باب عدم احتمال الخصوصية بل من باب الأولوية.

 فإذا سلمنا عدم احتمال الفرق أو الأولوية فحينئذ تصير هذه الرواية دالة على الجواز في العمرة المفردة وعمرة التمتع والتخصيص غير ممكن بعدما فرض أن الجواز في العمرة أولى من الجواز في الحج فتصير النتيجة هي الجواز في العمرة أيضاً.