33-11-13


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

33/11/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 347 ) / أحكـام السعي / الـواجـب الرابــع مــن واجبــات عمــرة التمتــع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الأمر الثاني:- إن الموجب لثبوت الكفارة هل هو التقليم فقط أو أن الجماع كذلك - إما بنحو الجزئية أو بنحو الاستقلالية - ؟ يعني لو فرض أن الشخص بعد أن نسي بعض أشواط السعي في عمرة التمتع فإذا قلم أظفاره وجبت عليه بقرة كما تقدم ولكن لو أتى أهله بدل التقليم فهل يكفي ذلك لوجوب البقرة ؟ أو لنطرح السؤال بشكل آخر:- وهو أنه هل يجب انضمام الجماع إلى التقليم فالمجموع يصير سبباً واحداً فالتقليم وحده لا يكفي بل لابد وأن ينظم إليه الجماع ؟ وبالجملة:- هل الجماع له دور بنحو الاستقلالية - أي وإن لم يكن هناك تقليم - أو بنحو الجزئية أي ولو لم يكن هناك تقليم أو لا ؟
 والجواب:- جعل للسيد الخوئي(قده) في الطبعة القديمة من المناسك الجماع في عرض التقليم كما قرأت العبارة فيما سبق حيث جاء فيها ( إذا نقص شيء من السعي في عمرة التمتع نسياناً فأتى أهله أو قلّم أظفاره لاعتقاد الفراغ من السعي فالأحوط بل الأظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة ... ) ، إذن في هذه الفقرة قد جعل اتيان الأهل في عرض التقليم.
 ولكن الاشكال على ذلك واضح:- إذ الجماع لم يذكر في صحيحة ابن يسار وإنما المذكور فيها هو التقليم فقط حيث أن عبارتها هكذا ( رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلّم أظفاره وأحلّ ثم ذكر .... ) وقوله ( وأحل ) يعني بسبب تقليم الأظافير . إذن الجماع لم يذكر في هذه الرواية ، نعم هو قد ذكر في رواية ابن مسكان حيث جاء فيها ( سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط .... فذكر بعدما أحل وواقع النساء .. ) فهنا ذكرت مواقعة النساء ولأجل هذا قد يقال تكفي المواقعة في وجوب البقرة كالتقليم.
 ولكن نقول:-
 أولاً:- ان هذه الرواية قد ورد في سندها محمد بن سنان وهو لا يرى وثاقته فهي ساقطة عن الاعتبار.
 وثانياً:- فهو قد ذكر مواقعة النساء بنحو الجزئية لا بنجو الاستقلالية ، يعني لو تنزلنا وقلنا بحجّية الرواية المذكورة سنداً فغاية ما يثبت هو أن البقرة تثبت بالإحلال بقيد مواقعة النساء لا أن المواقعة تكون سبباً مستقلاً كما جعل كذلك في عبارة المناسك من الطبعة القديمة فان مواقعة النساء قد جُعِل في عرض تقليم الأظفار وسبباً مستقلاً.
 وثالثاً:- يمكن أن نقول:- إن الجماع لا دور له حتى بنحو الجزئية فإنه قد ذكر في كلام الراوي ولم يؤخذ كقيد في كلام الإمام حتى يكون له مفهوم ، وحيث إن رواية ابن يسار لم يذكر فيها مواقعة النساء بل ذكر فيها التقليم فقط - أي ذكر في كلام السائل - والإمام أوجب البقرة بالتقليم الذي حصل وحده من دون انضمام إتيان النساء فهذا معناه أن إتيان النساء لا دور له حتى بنحو الجزئية ، ولعله لأجل هذا حذف إتيان النساء في الطبعة الجديدة من المناسك ، وهو المناسب.
 الأمر الثالث:- هل المدار في وجوب البقرة على تقليم الأظفار فقط أو أن قصّ الشعر يكفي أيضاً في ثبوت وجوب البقرة ؟
 قد يقال بادئ ذي بدءٍ:- إنه قد أخذ في صحيحة ابن يسار عنوان التقليم حيث قال السائل ( وقلم أظافيره وأحلّ ) فالمذكور هو التقليم أما قصّ الشعر فلم يذكر فلابد من الاقتصار في وجوب البقرة في خصوص من قلم أظفاره دون من أخذ شيئاً من شعر رأسه أو لحيته.
 والجواب:- صحيح أن الرواية ذكرت التقليم فقط ولكن قالت بعد ذلك ( وأحل ) أي وأحل بسبب التقليم ، فالمدار في ذهن السائل هو على الإحلال وذِكر التقليم هو من باب أنه محقق للإحلال ، وهذا المقدار وحده لا يكفي فانه يكفي لو كان هذا التعبير وارداً في كلام الامام فلو كان الإمام يعبّر هكذا فنفهم من تعبيره أن المدار على الإحلال وبالتالي يكون التقليم لا خصوصية له بل يكفي قصّ الشعر ، ولكن المفروض أن هذا قد ورد في كلام السائل ولا يكون فهم السائل حجّة وإنما الحجّة ما يذكره الإمام عليه السلام فلذلك نحتاج إلى مقدمة لكي نتمم بها المطلب وهي أن نقول:- إن الإمام عليه السلام قد أمضى ما هو المرتكز لدى السائل وفهمه فلو لم يكن المدار على الإحلال بما هو إحلال وإنما كان المدار على تقليم الأظفار بالخصوص - يعني أن يحصل الإحلال بتقليم الاظفار بالخصوص - فلابد وأن ينبه الإمام ويقول ( إن المدار في وجوب البقرة على خصوص التقليم وليس على مطلق الإحلال ) حتى لا يحصل إمضاء لفهم السائل والمفروض أن الإمام منصوب لحفظ الأحكام وبيانها . إذن المدار على الإحلال بما هو إحلال لا على خصوص التقليم.
 ولكن في الطبعة القديمة من المناسك ذكر التقليم بخصوصه حيث قال:- ( فأتى أهله أو قلم أظفاره .. ) فأعطيت في هذه العبارة خصوصية لتقليم الأظفار ، ولكن حذفت هذه الفقرة في الطبعة الجديدة وهو المناسب فالتفت إلى ذلك.
 الأمر الرابع:- هل أن التقليم إذا حصل يوجب كفارة بقرة كيفما اتفق - أي وإن لم يقصد به الإحلال - كما إذا فرض أن شخصاً غفل عن كونه محرماً فقصّ أظافيره فهل هذا يكفي لثبوت البقرة لو التفت بأنه قد أتى بستة أشواط من السعي ونسي واحداً ؟
 قد يقال:- نعم ، باعتبار أن الذي ورد في كلام السائل هو تعبير ( قلم أظفاره) فنتمسك بعدم استفصال الامام.
 ولكن يمكن أن نبرز قرينتين على اعتبار قصد الإحلال بالتقليم:-
  الأولى:- عطف ( وأحلّ ) على فقرة ( قلّم أظفاره ) فانه يفهم من ذلك أن السائل يريد أن يقول ( حصل الإحلال بسبب تقليم الأظفار ) يعني قد قصد به ذلك حتى يحصل به الإحلال وإلّا إذا لم يقصد به ذلك فلا يتحقق الإحلال . إذن المرتكز في ذهن السائل هو أن الإحلال قد حصل بسبب التقليم والإمام عليه السلام قد أمضى هذا الارتكاز وجعل المدار على التقليم الذي قصد به الإحلال ولو كان هذا الارتكاز مرفوضاً لنبّه عليه وقال ( متى ما قلّم كفى ذلك في ثبوت البقرة وإن لم يتحقق بذلك الإحلال كما لو كان غافلا عن إحرامه ) . إذن سكوت الامام عليه السلام عن هذا الارتكاز يعني امضاءه.
 الثانية:- لو قطعنا النظر عن فقرة ( وأحل ) وافترضنا أن الوارد في الرواية هو عبارة ( قلّم أظفاره ) من دون قيد ( وأحل ) فانه مع ذلك يكون المدار على التلقيم الذي قُصد به الإحلال باعتبار أن السائل حينما يذكر تقليم الأظفار فهو يذكره لأجل أنه محقق للإحلال وإلّا فلا خصوصية له عن غيره من المحرمات . إذن ينبغي الاقتصار على التقليم الذي يقصد به الإحلال.
 الأمر الخامس:- هل أن كفارة البقرة واجبة أو مستحبة ؟
 الجواب:- ذهب(قده) - وفاقاً لبعض الفقهاء - إلى الوجوب ببيان:- ان الجاهل أو الناسي وإن لم تكن عليه كفارة في غير الصيد لأجل القاعدة العامة التي جاءت في صحيحة معاوية بن عمار التي مضمونها ( ليس فيما ارتكبه المحرم فداء إذا كان عن جهل ونسيان إلا الصيد ) وحيث أن هذا الحكم ليس حكماً عقلياً لا يقبل التخصيص فالمناسب أن تكون صحيحة ابن يسار مخصصة لتلك القاعدة العامة فيقال إن الناسي ليس عليه كفارة إلا في هذا المورد - وهو ما إذا نسي بعض أشواط السعي وأحل - ومن هنا قال(قده) في عبارة المتن ( فالأحوط بل الأظهر ) ، والفارق بين هذين التعبيرين هو أن الفقيه متى ما استفاد شيئاً من النص واعتمد عليه فيعبر حينئذ بكلمة ( الأظهر ) أو ما شابه ذلك وهكذا تعبير ( أقوى ) ، أما إذا فرض أن استناده لم يكن إلى النص فيعبر حينئذ بـ( الأحواط ) ، وفي المقام حيث أن ثبوت البقرة من المحتمل وجوبه واقعاً فالتعبير بالاحتياط في محلّه ، وحيث إنه يقول بتخصيص صحيحة معاوية التي ذكرت القاعدة العامة بصحيحة ابن يسار فعبّر بـ( الأولى ) ، أما نحن الذين لا نقبل التخصيص باعتبار أن لسان صحيحة معاوية لسان حصر فعلى هذا الأساس لا يمكن التقييد لأن اللسان آب عن التخصيص فتحمل صحيحة ابن يسار على الاستحباب دون الوجوب ويكون من المناسب على هذا الاتجاه أن نقتصر على كلمة ( الأحوط ) من دون كلمة ( الأظهر ) فالتفت إلى هذه النكتة الفنيّة.
 ثم إنه جاء في عبارة المتن ( ويلزمه اتمام السعي على النحو الذي ذكرناه ) ومقصوده الإشارة إلى ما جاء في المسألة السابقة وأنه إذا نسي شوطاً واحداً كفاه الاتيان بذلك الشوط الواحد ، وإذا نسي شوطين أو ثلاثة كفاه الاتيان بهذا المقدار المنسي إذا كان الاتيان بالمباشرة وأما إذا كان بالنيابة فالأحوط أن يأتي بسعيٍ كاملٍ بقصد به الأعم ، وإن كان المنسي أكثر من ثلاثة فالأحوط الاتيان بسعيٍ كاملٍ بقصد به الأعم عم سواء كان بنفسه أو بالنائب ، وأما على ما اخترناه فقد قلنا يكفي الاقتصار على المقدار المنسي في جميع الصور الثلاث.