1440/11/03


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اختلاف النسخ

والمقصود باختلاف النسخ عندما ترد رواية في الكافي مثلا والناقلون عن الكافي يختلفون فبعضهم ينقلها بشكل والأخر ينقلها بشكل اخر فالقاعدة فيها تقتضي التساقط، والكلام في انه هل يمكن ان نستثني من هذه القاعدة حالة معينة وهي حالة ما لو كانت روايتان متعارضتان ولكن احدى الروايتين وقع فيها اختلاف النسخ فهل يمكن اخراج تلك الرواية التي لم يقع الاختلاف في طريقها عن التعارض

ومثاله رواية ذريح المحاربي حيث وردت في التهذيب (إذا نش العصير او غلا حرم) فمفادها انه يكفي في الحرمة أحد الامرين اما النشيش او الغليان، وصاحب الوسائل ينقلها عن الشيخ الكليني بالواو بينما صاحب البحار ينقلها ب(أو) والكلام في انه هل يمكن اخراج ما رواه الشيخ الطوسي عن المعارضة فبعد تعارض النقلان عن الشيخ الكليني يتساقط النقلان وحينئذ يصار الى رواية الشيخ الطوسي فانه لا معارض لها.

وفي قبال هذا يقال بان رواية الشيخ الطوسي (قده) طرف في المعارضة فلابد ان تتساقط الروايات الثلاث في عرض واحد.

وذكر السيد الشهيد (قده) بان اختيار احد الاحتمالين في هذه المسالة مبني على تحديد تصورنا عن حجية الخبر مع الواسطة، فان المعروف بين الاصحاب البناء على ان حجية الخبر مع الواسطة يكون بتطبيق دليل الحجية على المخبر المباشر فان اخبار المخبر المباشر بإخبار غيره له يكون مشمولا لدليل الحجية كما لو اخبرنا زيدا بإخبار عمرو له، وشمول دليل الحجية للمخبر الأول يثبت به اخبار الثاني له، واذا كان عمرو يخبر عن بكر فبشمول دليل الحجية لخبر عمرو يثبت اخبار بكر له، وهكذا بشمول دليل الحجية لكل خبر متأخر يثبت به الخبر المتقدم فيشمله دليل الحجية ويثبت به الخبر الذي بعده وهكذا الى ان نصل الى المخبر المباشر عن الامام فان شمول دليل الحجية لمن قبله يثبت ان هذا اخبر عن الامام فيكون اخباره حجة وبه يثبت قول الامام والحكم الشرعي الذي هو مفاد قول الامام، وبناءً على هذا التصور المعروف يمكن الالتزام بخروج نقل الشيخ الطوسي (قده) للرواية عن المعارضة وينحصر التعارض بين النسختين اللتين تنقلان الخبر عن الكافي فاذا سقطتا بالمعارضة يسلم نقل الشيخ الطوسي عن المعارض، باعتبار اننا طبقنا الفكرة على المخبر المباشر لنا وبشمول دليل الحجية له ثبت خبر عمرو وبشمول دليل الحجية له يثبت خبر بكر وهكذا الى ان نصل الى صاحب الوسائل وهو أيضا يخبر عن من قبله في ان ما قاله ذريح المحاربي كان العطف فيه بالواو وبإخباره يثبت خبر من قبله وبشمول دليل الحجية لخبر من قبله يثبت به الخبر الاخر وهكذا الى ان نصل الى الشيخ الكليني، هذا من جهة ومن جهة أخرى فان شمول دليل الحجية لخبر صاحب البحار يثبت به خبر من قبله وهكذا الى ان نصل الى الكافي، وحينئذ سنجد ان التعارض يقع في هذه المرحلة أي قبل الوصول الى خبر ذريح المحاربي فاحدهما يقول ان الشيخ الكليني حدّث عن من نقل عنه ان الرواية كانت باو والأخر يقول انه حدّث انها كانت بالواو.

وبعبارة أخرى: لا يمكن ان نطبق دليل الحجية على كل من النقلين فهما ينقلان عن الشيخ الكليني فيقع التعارض بين نقل صاحب البحار ونقل صاحب الوسائل عندما تصل سلسلة السند الى الشيخ الكليني وهذا تعارض بين النقلين قبل ان تصل السلسلة الى ما ينقله ذريح وهذا يوجب التعارض بينهما وتساقطهما وحينئذ يمكن الرجوع الى نقل الشيخ الطوسي في التهذيب لهذه الرواية فليس له معارض فلا يعارضه نقل الشيخ الكليني لانه لم يثبت لدينا ما ينقله الشيخ الكليني فلعله نقل ب(أو) فيوافق ما نقله في التهذيب كما ان صاحب البحار نقلها ب(أو) كما هو في التهذيب واما ما نقله في الوسائل فهو لا يصلح للمعارضة باعتبار امكان صدق الاثنان معا فلا علم لنا بكذب احدهما حتى تتحقق المعارضة لان الشيخ الطوسي يقول انا انقل عن فلان عن فلان عن ... ان ذريحاً نطق ب(او)، وصاحب الوسائل يقول انا انقل عن فلان عن فلان عن .... ان الكليني أخبر بان المحاربي نطق بالواو فيمكن ان يكون كلا النقلين صادقا، وبهذا يثبت امكان الاخذ بنقل الشيخ الطوسي في التهذيب لعدم وجود ما يعارضه.

ولكنه (قده) لم يوافق على هذا التصور واقترح طريقاً اخر لتطبيق دليل الحجية على الخبر مع الواسطة يبدأ من المخبر المباشر عن الامام (عليه السلام) باعتبار ان الذي ينقل عن الامام مباشرة ينقل حكما واقعياً وهذا النقل للحكم الواقعي يقع موضوعاً للحجية فيكون كلامه حجة وهذا الحكم الظاهري ينجز الحكم الواقعي الذي اخبرنا به ذريح المحاربي فتتنجز الحرمة على المكلف لان نقل ذريح المحاربي حجة، واما الناقل عن الناقل المباشر فهو ينقل لنا موضوع الحكم الظاهري بان يقول ان ذريحاً نقل عن الامام وهذا النقل الجديد مشمول لدليل الحجية ويكون بنفسه موضوعاً للحكم الظاهري المنجز للواقع وهو الحجية، وهكذا الناقل عن الناقل عن ذريح عن الامام فهو ينقل لنا خبراً اخبره به السابق فيكون مشمولاً لأدلة الحجية ويقع موضوعا للحكم الظاهري المنجز للواقع وهو الحجية، وبناءً على هذا التصور لا يمكن عزل نقل الشيخ الطوسي في التهذيب عن المعارضة بل يدخل طرفاً في المعارضة ويصيبه ما يصيب الأطراف الأخرى من التساقط؛ باعتبار انه بناءً على هذا التصور يقع التعارض بين نقل الشيخ الطوسي في التهذيب وبين نقل صاحب الوسائل عن الشيخ الكليني لان الشيخ الطوسي في التهذيب ينقل موضوعا لحكم ظاهري يكون منجزا للحرمة عند حصول النشيش من دون غليان، وبنقل صاحب الوسائل يحصل التعذير عن الحرمة عند حصول النشيش من دون غليان، وهذان امران متعارضان لا يمكن الجمع بينهما، غاية الامر ان ما ينقله صاحب الوسائل له معارضان احدهما ما نقله الشيخ الطوسي والأخر ما نقله صاحب البحار.