1440/10/11


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/10/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: البیع /شروط المتقاعدین /الغاصب مالک او لا

وأما بمقتضى القاعدة فقد أجاب الشيخ الأعظم(قده) وقال:- إن الغاصب يبني على أنه مالك للمبيع ، وبعد بنائه على كونه مالكاً له يتحقق إنشاء وقصد المعاوضة ، فالغاصب يخرِج من ملكه شيئاً وهو المبيع - لأنَّ الغاصب قد بنى على أنه ملكه - ويدخله في ملك المشتري ، كما أنَّ الغاصب يدخل الثمن في ملكه فتحقق قصد المعاوضة وانشاء المعاوضة والبيع بعدما بنى هذا الغاصب على كونه مالكاً وإن كان هذا البناء زوراً وكذباً ، ولكن بالتالي حينما بنى على كونه مالكاً فلا تقل لم يحصل قصد المعاوضة والبيع وإنما حصل قصد المعاوضة والبيع ، وبعدما حصل قصد المعاوضة فلا مشكلة والمالك حينئذٍ يجيز ، ولكن اجازة المالك ليست مهمة لنا الآن ، بل المهم هو إشكالنا ، وهو أنه لم تكن هناك معوضة حتى تتعلّق بها الاجازة وإنما تبيّن أنَّ هذه معاوضة ، قال(قده):- ( والجواب عن ذلك - مع اختصاصه ببيع الغاصب - أن قصد المعاوضة الحقيقية مبني على جعل الغاصب نفسه مالكاً حقيقياً وإن كان هذا الجعل لا حقيقة له لكن المعاوضة المبنية على هذا الأمر غير الحقيقي حقيقية ) [1]

ونذكر قضية جانبية:- وهي أنَّ الغاصب كيف يبني على أنه مالك والمعاوضة يحققها عن المالك ؟

إنه يمكن أن يتحقق بأنحاء ثلاثة:-

النحو الأوّل:- أن يفترض أنَّ الغاصب يبيع عن المالك وينشئ المعاوضة عن المالك ولكن يطبّق عنوان المالك على نفسه - يعني يعتقد أنه مالك - ولكن الذي يُباع عنه ليس هو الغاصب نفسه وإنما هو المالك الواقعي ولكن الغاصب يطبق عنوان المالك على نفسه.

النحو الثاني:- أن يبيع عن المالك الذي هو الغاصب ، فالغاصب يبيع عن المالك الذي هو الغاصب ، فبالتالي كأنه هو يبيع عن نفسه ، فصحيح هو يبيع عن المالك ولكن المالك هنا هو الغاصب ، أي المالك المقيّد.

النحو الثالث:- أن يبيع الغاصب عن نفسه ولكن يبيع عن نفسه لأنه هو المالك ، فحيثية أنه مالك ليست هي الذي يباع عنه وإنما الذي يباع عنه هو الغاصب ولكن يبيع عن نفسه بما أنه هو المالك ، فالبيع هنا لا يصير عن المالك وإنما يصير البيع عن نفس الغاصب ولكن لأجل أنه مالك.

والظاهر أنَّ كلّ هذه الأنحاء مجدية ونافعة ولا ترجيح لبعضها على البعض الآخر ، ولربما توجد أنحاء أخرى ، وقد قلنا إنَّ هذا ليس مطلباً دخيلاً في جواب الاشكال الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده) وإنما هو بيانٌ لمطب جانبي ليس بالمهم.

وأشكل الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) على جواب الشيخ الأعظم(قده):- حيث ذكر أنَّ المعاوضة المبنية على أمرٍ ليس بالحقيقي وإنما هو مجرد ادّعاء لا تكون حقيقيةً ، وكيف يتولد الأمر الحقيقي من الادّعاء ؟!! فإنَّ الادّعاء لا يولد إلا ادّعاءً ولا يولد حقيقة فإذاً لا توجد معاملة حقيقية في البين

ثم قال:- نعم إذا كان يبيع عن المالك ولكن يطبّق عنوان المالك على نفسه - وكأنه يشير بهذا إلى النحو الأول من الأنحاء الثلاثة التي أشرنا إليها - فهنا يمكن أن يقال إنه قصد المعاوضة عن المالك فتكون المعاوضة آنذاك حقيقة أنه تكون عن المالك.

ولكن هذا المطلب ليس بالمهم وإنما المهم في كلامه هو قوله أن الادّعاء لا يولد حقيقة فمجرد أن يدّعي الغاصب أنه هو المالك ويبيع عن نفسه هذا لا يولّد معاوضة حقيقية ، قال(قده):- ( كيف تكون المعاوضة المبنية على أمرٍ غير حقيقي حقيقيةً وهل يزيد الفرع على أصله ، ولعمري أن هذه الدعم من المصنف رحمه الله في غير محلّها. نعم إذا اشترى[2] للمالك الواقعي ثم ادّعى أنه هو هو ليتملك الثمن كانت معاوضة حقيقية لكن هذه المعاملة تكون مبنية على الدعوى )[3] ، فهو يريد أن يقول إذا ادخلنا عنصر الادّعاء في البين فالمعاوضة المبنية على الادعاء لا تكون حقيقية بل ادعائية وإذا لم ندخل عنصر الادّعاء - وعنصر الادّعاء لا ندخله في حالة ما إذا كان يعقد عن المالك الواقعي فهنا لا يحتاج إلى ادّعاء ولكنه يبني على أنه مالك - فهذا ليس مبنياً على الادّعاء لأنه يبيع عن المالك الواقعي ولكنه يبني على كونه هو المالك.

وقد قلنا إن هذا الشق الثاني ليس بهم ، بل المهم في كلامه هو أنَّ المبني على الادّعاء لا يكون حقيقة وإنما يكون ادّعاءً.

ولنا كلامان مع الشيخ الأعظم والميرزا علي الايرواني:-

أما كلامنا مع الميرزا علي الايرواني(قده) فنقول:- نحن ماذا نريد ؟ نحن نريد قصد المعاوضة ، يعني نريد أن نقول إنَّ الغاصب لا يمكنه أن يقصد المعاوضة - لأنَّ الاشكال هو هذا - فنحن وراء تحقيق قصد المعاوضة وكيف نحقق قصد المعاوضة من الغاصب ، وإذا كان كلامنا هنا فقصد المعاوضة يتحقق حقيقية بعدما بنى الغاصب على أنه مالك ولو ادّعاءً فيمكنه حقيقةً أن يقصد المعاضة لأنه بانٍ على أنه مالك.

نعم إذا كنّا نريد معاضة حقيقية لا قصد المعاوضة فهنا يمكن الاشكال ولكن كلامنا هو في قصد المعاوضة وقصد المعاوضة كما قلنا يتحقق مادام الغاصب يبني على أنه هو مالك فهذا المقدار كافياً ، نعم بعدما قصد المعاوضة وأجاز المالك الواقعي تتحقق آنذاك المعاوضة الحقيقية وتتحقق حقيقةً آنذاك بعدما يشملها عموم ﴿ أوفوا ﴾ فالمشكلة.

فإذاً لا مشكلة في البين فنحن لا نريد من بناء الفضولي على أنه مالك لا نريد أن نثبت المعاوضة الحقيقية ابتداءً بل نريد أن نثبت إمكانية تحقق قصد المعاوضة فإذا قصدت المعاوضة والعمومات شملتها حينئذٍ تتحقق المعاوضة الحقيقية فإنَّ المعاوضة الحقيقية فرع الامضاء الشرعي والامضاء الشرعي يتحقق حينئذٍ إذا كانت يوجد اجازة بعد فرض كون الغاصب قصد للمعاوضة حقيقةً فإذا قصد المعاوضة حقيقية بعد البناء على أنه مالك وأجاز المالك الحقيقي فالعموم يشمل فتتحقق المعاوضة الحقيقية فاين المشكلة حينئذٍ ؟!! ، فكانه حصل خلط بين ما يتعلق به الاجازة فإنَّ الاجازة تتعلق بالبيع والمعاوضة المتوقف على الانشاء والقصد وعلى ما يكون نتيجة للإجازة والامضاء وهو المعاوضة الحقيقية.

وأما ما يرتبط بالشيخ الأعظم(قده) فعبارته فيها ارتباك ، فمرة يريد أن يقول إنَّ الغاصب يبني على أن أنه مالك وبعد بنائه على أنه مالكاً قال في صدر العبارة يتحقق منه قصد المعاوضة فيتبين أنَّ المشكلة في قصد المعاوضة وأنه كيف يقصد الغاصب المعاوضة فهو يقول إنه يتحقق منه القصد بعدما بنى على أنه مالك ، وأما ذيل العبارة يتبين أن المشكلة في المعاملة الحقيقية ، فيوجد ارتباك في عبارته وهذا ليس إشكالاً على الشيخ الأعظم وإنما هو اشكال على الاضطراب في بيان المطلب، قال(قده):- ( والجواب عن ذلك مع اختصاصه ببيع الغاصب أن قصد المعاوضة الحقيقية مبني على جعل الغاصب نفسه مالكاً حقيقيا وإن كان هذا الجعل لا حقيقة له ، لكن المعاوضة الحقيقية المبنية على هذا الأمر الحقيقي حقيقية ) [4] ، والمناسب هو الأول دون الثاني لأننا قلنا إنَّ المعاوضة الحقيقية تتحقق بعد إنشاء الغاصب واجازة المالك وإمضاء الشارع بسب العمومات فآنذاك تتحقق المعاوضة الحقيقية ، فالكلام ليس في المعاوضة الحقيقية وإنما في قصدها ، فحصل نحوٌ من ا

 


[2] المناسب أن يقول ( إذا اشترى ) أو ( إذا شرى ) بمعنى باع.
[3] حاشية المكاسب، الميرزا علي الايرواني، ج2، 239.