1440/06/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

ومن خلال هذا كله اتضح أنَّ الاشكالين الأخيرين قابلان للدفع ، ولكن بقي الاشكال الأول على حاله فكيف ندفعه؟والجواب عن الاشكال الأول بجوابين:-

الأول:- أن نقول: إنَّ هذا إشكال مبنائي ، ونحن لا نبني على أن الاجازة بعد الرد باطلة ، بل تقدم أنَّ الاجازة مقبولة حتى بعد الرد.

الثاني:- أن نقول: أنت قلت إن مورد الرواية هو الاجازة بعد الرد ، ونحن نحن نناقش هذه القضية ونقول: إنَّ الرد ليس بموجود ، والمؤشرات الأربعة التي ذكرت على تحقق الرد مدفوعة ، فلا يوجد ردّ ولا إمضاء ، وإنما يوجد شق ثالث وهو أنَّ مولى الوليدة لم يردّ بيع ولده ولم يمضه وإنما أراد أن يمنحه الطرف فرضةً حتى يتأمل ويفكّر ، والمؤشرات الأربعة تتلاءم مع هذا ، فالرواية لا تدل على الردّ حتى تكون الاجازة متحققة بعد الردّ وحتى يأتي الاشكال الأوّل ، فإذاً اندفع بهذا الاشكال الأوّل ، لأنه لم يثبت أن الاجازة في المقام هي بعد الردّ.

أما أنه كيف يمكن دفع المؤشرات الأربعة على كون الرد حاصل قبل الاجازة ؟والجواب:-

أما المؤشر الأول - وهو الخصومة - فنقول:- إنَّ الخصومة لا تدل على الرد ، إذ لعل الخصومة هي أنه لأجل أنه لا أمضي البيع الآن ، فأنا أريد جاريتي الآن حتى أفكّر في الأمر ، فالخصومة كما تلتئم مع الرد تلتئم مع عدم الرد ، فتجتمع الخصومة مع كلا الاحتمالين الرد ومنح الفرضة.

أما المؤشر الثاني - وهو نفس أخذ الوليدة من قبل المولى الأول - فنقول:- إنَّ هذا يلتئم أيضاً مع طلب منح الفرصة للتأمّل ، فأخذ الجارية وابنها لا يدل على أنه قد ردّ البيع ، بل لعله يريد فرضةً حتى يتأمل.

أما المؤشر الثالث - وهو حكم الامام عليه السلام بأخذ الجارية وابنها من دون تعليق على الرد ولم يقل خذ الوليدة وابنها إن ردَّ فيتبين ان الرد مفروغ عنه - فجوابه نفس ما أشرنا إليه:- فلعل المقصود هو أنه ( خذ الوليدة وابنها وتأمل في الأمر ) فهذا يجتمع من الفرصة والتأمل ولا يلازم الرد ، فكما يلتئم مع الرد يلتئم مع طلب منح الفرصة لأجل أن يتأمل ويلاحظ كيف يكون الأمر.

أما المؤشر الرابع - وهو مناشدة المشتري الامام عليه السلام في أنه ليجد له طريقة لإرجاع ابنه المتولّد من الوليدة - فنقول:- لعله كان يحذر من المولى الأول ، فصحيح هو الآن يريد أن يتأمّل ولكن المشتري يحذر أن ينتهي أمر مولى الوليدة إلى الرد ، فطلب المشتري من المقام طريقةً حتى لا ينتهي المقام إلى الرد فعلّمه الامام عليه السلام هذه الوسيلة ، فإذاً المناشدة تلتئم مع كلا الاحتمالين.

وبهذا اتضح أنَّ الرواية لا يمكن أن نجزم أنَّ موردها هو الاجازة بعد الرد حتى يقال على مبنى الشيخ(قده) إنه لا يمكن ذلك ، وإنما تلتئم مع كون هذه الاجازة ليست بعد الردّ وإنما قصد من هذه المؤشرات منح الفرصة لا أكثر.فإذاً الاشكال الأول مندفع من أساسه.

إن قلت:- ما المقصود من الرد ؟ إنَّ فيه اجتمالين ، فيحتمل أن يراد منه ابراز الكراهة ، كما ويحتمل أن يراد منه فسخ العقد ، فإن كان المقصود ابراز الكراهة فالكراهة قد ابرزت من خلال الخصومة وغيرها ، فعلى هذا الأساس الرد بهذا المعنى متحقق والخصومة وغيرها من المؤشرات قد تحققت ، وإن كان المقصود من الرد هو الفسخ فالفسخ لا يمكن أن يصدر من مولى الجارية ، لأنه ليس طرفاً في العقد ، والذي يصح له الفسخ هو من كان طرفاً في العقد ومولى الوليدة خارج عن العقد.

إذاً الرد بالمعنى الثاني لا يمكن أن يراد لبطلانه في حدّ نفسه ، والرد بالمعنى الأول متحقق ، فعلى هذا الأساس يبقى الاشكال مستحكماً ، إذ أنَّ الرد قد تحقق ، إذ يراد منه ابراز الكراهة وابراز الكراهة متحقق فالردّ إذاً متحقق.

قلت:- نحن نقول في المقام يوجد احتمال ثالث وهو أن يكون مولى الوليدة لم يبرز الكراهة ولم يفسخ ، وإنما أراد فرصةً للتأمل والتفكّر ، فبالتالي المتحقق هو هذا المقدار فقط ، وهذا معناه بعبارة أخرى أنَّ الرد بمعنى ابراز الكراهة وإن كان احتمالاً صحيحاً ولكن دعوى أنَّ ابراز الكراهة متحقق لا نسلّمه ، بل لم تبرز الكراهة وإنما قصد طلب الفرصة للتأمل والتدبّر ، وهذا شقٌّ ثالث غير الفسخ وغير ابراز الكراهة.

إذاً نحن لا نسلّم بأنَّ الأمر دائر بين الاحتمالين ، وإنما يوجد احتمال ثالث وهو أن يكون أقصى ما صدر هو طلب الفرصة للتأمل ، لا ابراز الكراهة ولا الفسخ.أو نقول بعبارة أخرى:- نحن نسلّم بالاحتمال الأوّل وهو تفسير الرد بإبراز الكراهة ولكن نمنع تحقق براز الكراهة ، فإنه كما يحتمل ابراز الكراهة يحتمل ارادة الفرصة لأجل التأمل.

والخلاصة:- إنَّ جميع الاشكالات الثلاثة مندفعة ، أما الاشكالان الأخيران فلما تقدم ، وأما الاشكال الأول فنمنع المبنى أولاً ، ولو سلّمنا بالمبنى نقول إنَّ هذه المؤشرات الأربعة كما تلتئم مع الرد بمعنى ابراز الكراهة تلتئم أيضاً مع طلب منح الفرصة لأجل التأمل والتدبّر.

وبهذا نفرغ من الكلام حول دلالة الرواية المذكورة واتضح أنها تامة.