1440/03/11


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: أقسام الصوم المكروه/ صوم الضيف – صوم الولد من دون إذن والده

 

وصل الكلام إلى الإشكال على كلام السيد الخوئي (قده) في حل التعارض بناءً على دلالة الوصف على المفهوم بنحو السلب الجزئي، حيث ذهب إلى ثبوت الحكم بالنسبة إلى القدر المتيقن من الروايتين، أما في غيره فيتمسك إلى إطلاق دليله الخاص - الذي هو عام فوقاني بالنسبة إليهما – فيثبت عدم ثبوت الحكم فيه.

 

حاصل الإشكال: أن صحيحة الفضيل تدل على إعتبار الإذن في جميع أقسام الصوم بإطلاقها، أما معتبرة هشام فتدل بمنطوقها على إعتبار الإذن في الصوم التطوعي فقط، وبمفهومها تنفي إعتباره عن بعض أقسام الصوم غير التطوعي من غير تعيينه. ثم نعلم من الخارج أن صوم الواجب المضيق لا يعتبر فيه الإذن، فيكون خارجاً من إطلاق الصحيحة، ويكون أيضاً هو المتعين من مفهوم المعتبرة من نفي الحكم. وهذا المقدار يكون كافياً لرفع المحذور اللغوية الذي لأجله قلنا بالمفهوم على نحو السلب الجزئي. فتحصّل إلى الآن أن الصحيحة تثبت الحكم للصوم التطوعي والصوم الواجب الموسع، والمعتبرة تثبته للصوم التطوعي وتنفيه عن الصوم الواجب المضيق، و نشك في شمول مفهوم المعتبرة للصوم الواجب الموسع، والمحكّم فيه هو إطلاق الصحيحة، ولا نرجع إلى إطلاق دليل الواجب الموسع، لأخصية الصحيحة منه، لأنها تدل على إعتبار الإذن في الصوم الواجب الموسع، بينما دليله الخاص يدل على مشروعيته سواء أذن فيه المضيف أم لا. ونتيجة ذلك هي إعتبار الإذن في الصوم الواجب الموسع وهذا عكس ما وصل إليه السيد الخوئي (قده).

 

بل يمكن أن يقال بعدم وجود التعارض بينهما، لأنه بعد العلم بعدم إعتبار الإذن في الصوم الواجب المضيق، نشك في دلالة مفهوم المعتبرة على الصوم الواجب الموسع وأنها هل تنفي الحكم عنه أم لا؟ ومن الواضح أن مجرد الشك في دخول فرد تحت مفهوم المعتبرة لا يعني حصول التعارض بين مفهومها وإطلاق الصحيحة.

 

فالظاهر يتعين الأخذ بصحيحة الفضيل بن يسار، فيشمل الحكم الصوم الواجب الموسع، ولا ضير من الإلتزام بالشمول، لأن الصوم الواجب الموسع من جهة كونه موسعاً يكون أشبه بالصوم التطوعي في عدم الإلزام بصومهما في يوم معين. نعم، إذا ثبت وجود إجماع على الإختصاص فيمنعنا من الفتوى بالشمول ونتنزل إلى الإحتياط.

 

قال السيد الماتن:

ومنها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصا مع النهي، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه.

 

ذهب إلى الكراهة جماعة منهم المحقق في الشرائع والعلامة في جملة من كتبة وكثير من المتأخرين، وهل هي الكراهة بمعنى قلة الثواب التي لا تنافي قصد التقرب بالفعل وبالتالي صحته؟ أو الكراهة الاصطلاحية التي تعبر عن منقصة ومبغوضية في الفعل تنافي قصد التقرب؟ لم يظهر احد المعنيين من كلاهم.

ويستدل على الكراهة بمعتبرة هشام المتقدمة حيث ورد فيها (.....ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا باذن أبويه وأمرهما ، ..... ، وكان الولد عاقا) ورواية العلل المتقدمة وفيها اضافة غير مذكورة في الفقيه والكافي (ومن بر الولد أن لا يصوم تطوعا ولا يحج تطوعا ولا يصلي تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما وإلا كان الضيف جاهلا، والمرأة عاصية وكان العبد فاسدا عاصيا غاشا، وكان الولد عاقا قاطعا للرحم.).

هذه المعتبرة استدل بها باعتبار وجود القرائن الدالة على الكراهة في نفس الرواية،

القرينة الاولى : اشتراط الأمر، فإنه لا يلتزم احد بحرمة الصوم من دون امر الوالد، وقد صرحت الرواية بذلك، فلابد من حمله على الكراهة.

القرنية الثانية: ان الرواية اعتبرت صوم الولد بإذن والده من البر، مع انه لا دليل على وجوب بر الوالدين، وإنما هو مستحب موكد، ومن هنا ( اعتبار صوم الولد بإذن والده من البر) يظهر من الرواية استحباب الاذن لا وجوبه.

القرينة الثالثة: ما ورد في رواية العلل اذ ورد فيها مضافاً لما تقدم قوله عليه السلام (ولا يحج تطوعا ولا يصلي تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما) ولا قائل بالحرمة في هذين الموردين.

وعدم الالتزام بالحرمة في هذين الموردين يشكل قرينة على عدم كون الحكم الزامي بالنسبة إلى الصوم ايضاً، ولهذه القرائن حملوا الرواية على الكراهة، وفي المقابل التزم جماعة بالتحريم كالمحقق في النافع والشهيد في الدروس وغيرهما، وقد استدلوا بذيل معتبرة هشام (وكان الولد عاقا) ولا اشكال في حرمة العقوق، فيحرم سببه الذي هو الصوم في المقام.

وظاهر هذه العبارة عقوق الولد لوالده، لكن فيها احتمالان:-

الاحتمال الاول: ما ذكره السيد الخوئي (قد) من المبالغة في هذه العناوين لغرض التربية والتعليم، لعدم امكان الالتزام بتحقق العقوق بمجرد عدم الاذن، خصوصاً مع عدم علم الوالد، وحينئذ لابد من حمل العقوق على معنى آخر وهو المبالغة، وهي تناسب الحكم غير الالزامي.

الاحتمال الثاني : هو ان الشارع قدحكم عليه بانه عاق عندما يصوم من دون اذن والده فانه حتى لو سلمنا ان العقوق له مفهوم عرفي لا يصدق بمجرد عدم الاذن لكن الشارع استطراقا الى اثبات الحرمة _لان من احكام العقوق الحرمة_ اعتبره عاقا و هذا ليس غريبا ونظيره ما ورد في الادلة من ان الطواف صلاة مع انه ليس بصلاة حقيقة لكن الشارع اعتبره صلاة لغرض ترتيب احكام الصلاة عليه

فلا منافاة بين الالتزام بالحرمة بهذا البيان و بين افتراض وجود مفهوم عرفي للعقوق لا يصدق بمجرد عدم الاذن

و الاقرب من هذين الاحتمالين هو الاول و القرينة على ترجيح هذا الاحتمال هى ما ورد ورد في الصدر و هو (من بر الولد بأبويه ان لا يصوم تطوعا الا باذن ابويه ) بناء على ان البر بالوالدين ليس واجبا _و انما يحرم ايذائهما _ حيث يظهر من ذلك ان قوله في ذيل الرواية (و الا كان الولد عاقا ) يراد به العقوق من جهة عدم بره بهما و ترك البر _ بناء على عدم وجوبه_ لا يوجب العقوق بالمعنى المحرم .