1440/03/09


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/03/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام الصوم المكروه/ صوم الضيف

 

ملاحظة ترتبط بالبحث السابق و هي أننا قلنا أن الرواية الثانية معتبرة حسب نقل الشيخ الكليني، أما السيد الخوئي فقد إعتمد على نقل الشيخ الصدوق لها في العلل ، وأشكلنا عليه أن الراوي عن الإمام (عليه السلام) فيها هو (الحكم بياع الكرابيس) وهو مجهول، لكن ظهر لنا حصول إشتباه في ذلك، حيث أن (بياع الكرابيس) هو من ألقاب (هشام بن الحكم)، كما أشار إلى ذلك الشيخ الصدوق في المشيخة في طريقه إلى (هشام بن الحكم)[1] . فبقرينة مجهولية (الحكم بياع الكرابيس)، ورواية (نشيط بن صالح) عن (هشام بن الحكم) نقول بوجود سقط في سند الرواية حسب نقل العلل، والصحيح هو (هشام بن الحكم بياع الكرابيس). فما ذكره السيد الخوئي تام.

 

دلالتها:

أما من حيث الدلالة فقد ذكر السيد الخوئي[2] أن ظاهر الرواية مما لا يمكن التصديق به ولا يمكن قبوله للقطع بعدم عصيان المرأة اذا صامت من دون اذن الزوج و عدم فسق العبد اذا صام من دون اذن السيد و عدم صيرورة الولد عاقا اذا فعل ذلك من دون اذن الوالد ولم يقل بذلك أحد. فلابد من التصرف في الرواية.

ثم نقل أن المحقق الحلي تصرف فيها وحملها على صورة النهي لكى تتحقق الامور السابقة فيكون المقصود من عدم الإذن هو النهي عن الصوم، فمع نهي المضيف لا يجوز للضيف أن يصوم وإلا كان جاهلاً، أي يكون جاهلاً بالوظيفة الشرعية التي تجب عليه من رعاية حق المضيف اذا نهاه عن الصوم.

ثم ناقش فيه و قال لا يتعيّن الحمل على صورة النهي، إذ من الممكن أن نحمل عصيان المرأة وفسق العبد على صورة ما إذا كان صومهما منافياً لحقّ الزوج أو المولى، فإنّه يحرم حينئذٍ حتّى مع عدم النهي. ونحمل عقوق الولد على ما إذا تأذّى الأب من صومه، فيحرم حينئذٍ وإن لم ينه عنه. ومن هنا لا يصح التفصيل بين النهي وعدم الإذن

أما السيد الخوئي

فيرى ان المتحصل من سياقها المبالغة في تحقق ما اشتملت عليه من الاوصاف (العصيان والعقوق والفسق) والمبالغة في هذه الامور تناسب الكراهة لا التحريم، فالمستفاد منها الكراهة دون التحريم، وبناءً على ذلك يكون الصوم مكروهاً، نعم يُلتزم بالتحريم اذا استلزم الصوم تحقق الايذاء المحرم أو تفويت الحق، لكن المفروض عدم تحقق ذلك.

اقول: ان فقرة الاستدلال هي (من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه........ وإلا كان الضيف جاهلا) وليس فيها دلالة على التحريم، بل صدرها (من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه) ان لم يكن له ظهور في الكراهة فليس له ظهور في التحريم، والظاهر من (الجهل) في ذيلها (وإلا كان الضيف جاهلا) الجهل بمراعاة الآداب الاجتماعية والعرفية التي تعطي حقاً للمضيف بأن لا يصوم الضيف الا بإذنه، وهذا المعنى لا يناسب التحريم، وليس المراد بالجهل (الجهل بالحكم الشرعي الالزامي) كما نسب ذلك السيد الخوئي (قد) إلى المحقق الحلي فان ارادة هذا المعنى من الجهل خلاف الظاهر، لأنه يتوقف على ثبوت حكم شرعي الزامي قبل ذلك، والانسب من ذلك ان يقال انه جاهل بالحكم المذكور في صدر الرواية وهو جهله بان من فقه الضيف ان لا يصوم الا بإذن مضيفه، فاذا صام من دون إذن فهو جاهل بهذا الامر، وقلنا بعدم ظهور صدر الرواية في الحكم الالزامي.

ومن هنا يمكن القول بهذا الأمر في سائر الفقرات باعتبار كون الرواية في مقام بيان حقوقٍ[3] ، مع ضميمة ما ذكره السيد الخوئي (قد) بان هناك مبالغة في العناوين التي اشتملت عليها الرواية بلحاظ الفقرات الاخرى.

و الحاصل ان عدم التحريم بالنسبة إلى فقرة الاستدلال واضح لا غبار عليه من حيث الصدر والذيل، اما الفقرات الاخرى فتوجد مشكلة في ذيلها فاذا حمل على المبالغة _كما هو المتعارف في الاداب حتى انه قد يعبر بالكفر في بعض الموارد بينما لا يراد بذلك الكفر الحقيقي بل يراد به معنى مناسب لكون الحكم غير الزامي_ ناسب ذلك عدم التحريم.

 

الرواية الثالثة : رواية الزهري [4]

محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الزهري، عن علي بن الحسين عليهما السلام - في حديث - قال: وأما صوم الاذن فان المرأة لا تصوم تطوعا إلا باذن زوجها، والعبد لا يصوم تطوعا إلا باذن سيده والضيف لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ومن نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم.

هذه الرواية و ان كان من الممكن استفادة التحريم منها _اذ لسانها غير لسان الروايتين السابقتين و لا يوجد فيها ما يستوجب استفادة الكراهة منها _ باعتبار انها تشير الى صوم الاذن [5] و معناه الصوم المشروط بإذن الغير و انه يوجد فيها نهى عن الصوم الا انها تعاني من مشكلة في سندها فلا يمكن الاخذ بها.

يبقى شيء و هو ان الحكم الشرعي في المقام _سواء كان هو الكراهة او استحباب الترك كما هو الاظهر او التحريم او عدم الصحة_ هل يختص بالصوم التطوعي[6] او يشمل حتى غير التطوعي منه اذا كان موسعا [7] ؟

ذكروا ان المشهور ذهب الى الاختصاص لكن هناك رأى اخر منقول عن المتاخرين _الشهيدين و غيرهما_و هو انه من الممكن شمول الحكم للواجب الموسع

اما الادلة فالتام منها الرواية الاولى و الرواية الثانية و الملاحظ ان رواية الفضيل بن يسار لا يوجد فيها قيد التطوع بينما رواية هشام بن الحكم يوجد فيها هذا القيد .


[1] الفقيه ج٤، ص٤٣٧.
[2] موسوعة السيد الخوئي ج٢٢، ص٣٢٤.
[3] حق للمضيف ان لا يصوم الضيف الا بإذنه وحق للزوج بان لا تصوم زوجته الا باذنه وحق للسيد وحق للوالد.
[4] وسائل الشيعة ج١٠ ص٥٣٠ ابواب الصوم المحرم و المكروه ب١٠ ح١ ط ال البيت.
[5] كما يوجد هذا التعبير في كلمات الفقهاء.
[6] اى الصوم المستحب.
[7] فانه اذا كان مضيقا لا اشكال في انه لا يكره الصوم و لا يحرم و يصح من الضيف حتى مع نهى المضيف.