1440/02/04


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

40/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حجية خبر الواحد.

والجواب:- إنَّ ما ذكره لو تم يلزم ثبوت المفهوم للوصف ، والحال أنه ذهب الأصوليون وكذلك هو(قده) إلى أن الصوف ليس له مفهوم ، أما بناء على ما ذكره يلزم أن يكون الوصف له مفهوم ، يعني حينما تقول ( أكرم الرجل العادل ) فهذا يدل على أنَّ الحيثية التي تقتضي وجوب الاكرام هي العدالة وأما حيثية كونه رجلاً بما هو رجل فلا تقتضي وجوب الاكرام ، وهذا لا يلتزم به حتى هو(قده) ، والحال أن ما ذكره يأتي في الوصف بنفس البيان حيث يقال: إنَّ حيثية الرجل بما هي هي إذا كانت هي تقتضي وجوب الاكرام فيلزم اثبات وجوب الاكرام للرجل لا للرجل العالم ، فحينما ذكر وصف العالم الذي هو وصف عرضي فذلك يدل على أنَّ الوجوب يدور مدار الوصف العرضي لا مدار الوصف الذاتي ، إذ لو كان الوصف الذاتي يقتضي وجوب الاكرام للزم أن يقول المولى أكرم الرجل لا أن يقول أكرم الرجل العالم ، فقوله أكرم الرجل العالم يدل على أنَّ العلّة هي الوصف العرضي ، وبالتالي سوف يثبت المفهوم وهو أنَّ غير العالم لا يجب اكرامه ، ولا نقول هو حرام ، وإنما نقول الوجوب ليس بثابت وإلا يلزم ثبوت الوجوب لحيثية الرجل فليقل أكرم الرجل ، ولكن حينما قال الرجل العالم فهذا معناه أنَّ الوصف العرضي وهي حيثية العلم هي التي تقتضي وجوب الاكرام دون غيرها ، يعني حيثية الرجولية لا تقتضي ذلك ، فيلزم أن تلتزم بالمفهوم وما تذكره من جوابٍ هناك للتخلّص من هذا نفسه يأتي جواباً هنا ، لأنَّ هذا الاشكال موجود أيضاً في باب مفهوم الوصف وهو أنه لماذا قيّد بالعالم ؟ تذكر هناك احتمالات وأجوبة متعدّدة كأن لمزيد الاهتمام مثلاً أو غير ذلك ، فنفس تلك الأجوبة تأتي في محل كلامنا.

التقريب الخامس:- ما ذكره الشيخ الأصفهاني(قده)[1] :- وهو نفس ما ذكره الشيخ الأنصاري(قده) ، فالروح واحدة لكن امع اختلاف الصياغة حيث قال:- إنَّ الاحتمالات في المقام أربعة ، على اثنين منها يثبت المفهوم في المقام للآية الكريمة ونحصل على المقصود وهو اثبات المفهوم وحجية خبر العادل ، وعلى اثنين منها لا يثبت المفهوم ، ولكن هذين الاحتمالين الأخيرين نبطلهما ، فإذا بطلا تعيّن الأوّلان وبناءً عليهما يثبت المفهوم:-

الاحتمال الأول:- أن يكون العلة لوجوب التبيّن هو الوصف العرضي - أي فسق المخبر - لا غير ، وبناءً عليه سوف يثبت المفهوم ، يعني إذا كان هناك نبأ ولكن لم يكن هناك فسق فحينئذٍ الحجية ثابتة وليست منتفية فلا يجب التبين وهذا معناه أنه حجة.

الاحتمال الثاني:- أن يكونا معاً علّة ، يعني هما يشكلان العلة يعني أن العلة مركبة من جزأين من خبز زائداً فسق المخبر فالخبرية هو العلة - أي المجموع - ، وبناءً عليه يثبت المفهوم ، أي يثبت أنه إذا كان هناك إخبار ولكن الفسق لم يكن موجوداً فالعلة لوجوب التبيّن قد انتفت ، فإذا انتفت فهذا معناه أنَّ هذا حجة.

الاحتمال الثالث:- أن يكون الوصف الذاتي هو العلة لا غير ، يعني حيثية الخبر هي العلة والفسق ليست له مدخلية ، وبناءً على هذا الخبر مطلقاً لفاسق أو لعادل سوف لا يكون حجة.

ولكن هذا الاحتمال باطل ، لأنه عليه ألغينا الدور لعنوان الفسق والحال أنَّ الآية الكريمة أعطت دوراً لعنوان الفسق والفاسق وقالت ﴿ إن جاءكم فاسق بنبأ ﴾ ، وبناءً على هذا سوف يصير الدور للنبأ وأما الفاسق فمن المناسب حذفة والحال أن الآية الكريمة ذكرته ، فهذا يدل على أنَّ العلة ليست هي الوصف الذاتي من دون مدخلية الوصف العرضي ، فإذاً بناءً على هذا الاحتمال لا يثبت المفهوم ولكنه باطل كما ذكرنا.

الاحتمال الرابع:- أن يكون كل واحد منهما علّة تامة مستقلة وحدها ، يعني أنَّ حيثية الخبرية علّة لوجوب التبيّن وحيثية فسق المخبر أيضاً هي حيثية موجبة لوجوب التبيّن ، وبناءً عليه لا يثبت المفهوم ، لأنه حتى إذا جاءنا عادل فنحن نقول له إنَّ حيثية الخبرية موجودة وهي علّة مستقلة تقتضي وجوب التبيّن ، فلا يثبت المفهوم حينئذٍ.

ولكن هذا الاحتمال باطل ، لأنه لماذا ذكرت حيثية الفسق فإنه لا داعي إلى ذكرها ؟!! ، يعني يكفي الاقتصار على حيثية الخبرية التي هي الوصف الذاتي من دون حاجة إلى ضمّ الوصف العرضي إليه ، فهنا يلزم لغوية التعليل بالوصف العرضي بعدما كان الوصف الذاتي صالح لأن يكون علّة لوجوب التبيّن.وبهذا اتضح أنَّه على الاحتمالين الأوّلين يثبت المفهوم ولا نافي لهما ، وعلى الأخيرين لا يثبت المفهوم ولكن يوجد ما ينفيهما ، فتكون النتيجة هي أنَّ الآية الكريمة تدل على ثبوت المفهوم وأنَّ خبر العادل لا يجب التبيّن عنه ، وبهذا نحصل على المطلوب.

ثم التفت وقال:- رب قائل يقول: إنه يوجد احتمال خامس ، وهو أن نفترض أنَّ حيثية الفسق علّة ، وهناك حيثية ثانية لوجوب التبيّن ليست هي الخبرية وإنما هي وصف عرضي ثانٍ ككون الخبر على خلاف المشهور مثلاً ، وهذا الاحتمال ثابت ولا يوجد ما يبطله ، لأنَّ العلة الثانية ليست هي الخبرية حتى يقال إذا كانت الخبرية هي العلّة فلا حاجة إذاً إلى ذكر الفسق ، وإنما العلّة الأخرى هي وصف عرضي ثانٍ فكيف تنفيه ؟

هنا استعان بالفلسفة وقال:- إنه إذا افترضنا وجود علّة ثانية فهل العلّة هو كل واحدٍ منهما بعنوانه ؟ وهذا يلزم صدور الواحد من الكثير - والواحد هو وجوب التبيّن ، والكثير هو وصف الفسق ووصف كونه خلاف المشهور -.

وإذا فرض أنَّ العلة هو الجامع بينهما ، فلا يلزم صدور الواحد من الكثير.فنجيب ونقول:- إنَّ هذا معناه أنَّ عنوان الفسق ليست له خصوصية والحال أنَّ الآية الكريمة ذكرت عنوان الفسق بخصوصه لا بجامعه ، فيدل على أنَّ عنوان الفاسق هو المؤثر لا بجامعه بل بما هو هو.