34-07-29


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- الواجب الخامس من واجبات حج التمتع - وهو الثاني من أعمال منى في اليوم العاشر- ( الذبح أو النحر في منى ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وثانياً [1] :- إنه ذكر أن الحلق وإن كان مترتباً على الذبح والترتيب شرطٌ ولكن هو مترتب عليه حالة كون الذبح مأموراً به والذبح في المقام ليس مأموراً به ، ونحن نقول من أين لك هذا القيد - أعني أن الحلق مترتب على الذبح المقيد ذلك الذبح بكونه مأموراً به - ؟ كلّا إنه لم يؤخذ في لسان هذه الرواية ولا في غيرها ومقتضى الاطلاق الذي دائرته وسيعة عنده هو أن المناسب حينئذ التمسك بالإطلاق في المقام ونتيجة ذلك تصير هي أنه مادام الذبح لا يمكن الاتيان به في اليوم العاشر فالحلق أيضاً يلزم تأخيره لأنه يعتبر أن يقع بعد الذبح فيلزم تأخير الحلق أيضاً فإما أن نقول هكذا لأجل أن تحصل شرطيّة الترتيب أو نقول إنه يجوز له أن يعجِّل بالذبح في اليوم العاشر وبالتالي يصح منه الحلق ونحافظ على شرطيّة الترتيب.
 وبالجملة:- لا وجه إذن لرفع اليد عن اطلاق شرطيّة الترتيب والحكم بأنه يجوز له أن يحلق الآن ويحلّ ولكن يؤخّر الذبح ، إن هذا على خلاف اطلاق دليل شرطية الترتيب.
 ولعل البعض يساعد السيد الخوئي(قده) ويقول:- إن صحيحة حريز دلت على أن فاقد الهدي مع وجود الثمن يحلق ويؤخّر الذبح وهذا معناه أن شرطية الترتيب هي شرطيّة عند فرض القدرة على الاتيان بالذبح في وقته المأمور به - يعني في اليوم العاشر - ولعل عبارته(قده) تلمِّح إلى ذلك.
 وجوابه:- إن هذه واردة في مورد خاص - أعني من فقد الهدي - لا من وجده وتعذّر عليه الذبح في منى فكيف نتعدى من موردها إلى موردنا ؟! اللهم إلا أن ندّعي الجزم بعدم الفرق من هذه الناحية وعهدة ذلك على مدّعيه.
 وثالثاً:- ذكر(قده) أنه يؤخّر الذبح وما يترتب عليه - أعني الطواف والسعي - ونحن نسأل ونقول:- من أين ثبت ترتّب الطواف والسعي على الذبح ؟ وإنما المناسب هو ترتبهما على الحلق الذي قد فرض أنه أتى به فهما ليسا مترتبين على الذبح حتى يلزم تأخيرهما وهو(قده) قد أفتى بذلك في مسألة ( 410 ) حيث قال:-( يجب تأخير الطواف عن الحلق أو التقصير ) ولم يقل ( يجب تأخيره عن الذبح أو عن الذبح والحلق ) بل ذكر أنه يلزم تأخيره عن الحلق ، وهذا التعبير ليس مهمّا لنا فلعله وقعت فيه مسامحة ، أو يقول إن مقصودي ذلك - يعني يجب تأخيره عن الحلق الذي يلزم تأخيره عن الذبح فبالتالي يلزم تأخير الطواف عنهما - فنحن لا نريد أن نتمسك بالعبارة فهي ليست مهمة لنا وإنما مستندنا في ذلك هو عدم الدليل على ترتّب الطواف على الذبح بل هو مترتّب على الحلق فانظر إلى صحيحة جميل المتقدمة حيث جاء فيها:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق قال:- لا ينبغي إلا أن يكون ناسياً ) [2] فإنها دلت على أن زيارة البيت الذي هو كناية عن الطواف والسعي لا يجوز قبل الحلق ، إن غاية ما دلتّ عليه هو هذا - أي قبل الحلق لا يجوز - لا أنه قبل الذبح لا يجوز ، وصحيحة علي بن يقطين:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام:- عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصِّر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ما حالها وما حال الرجل إذا فعل ذلك ؟ قال:- لا بأس به يقصِّر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد أحلَّ من كلِّ شيء ) [3] ، وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام:- ( رجل زار البيت قبل أن يحلق ، فقال:- إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لا ينبغي له فإن عليه دم شاة ) [4] .
 وبالجملة:- غاية ما دلّت عليه هذه الروايات هو أن زيارة البيت لا تجوز قبل الحلق أما أنه لا تجوز قبل الذبح فهذا لم يثبت وبالتالي يجري أصل البراءة من هذه الناحية مادام لا يوجد دليل على ذلك ، عليه لو جوّز(قده) التعجيل بالحلق فمن المناسب أن يجوِّز الطواف والسعي أيضاً.
 ورابعاً:- إن كل هذا التطويل الذي سلكه(قده) كان بالإمكان أن يختصر وذلك بالأخذ بصحيحة حريز ، ولا أقل أن يقول لديَّ بيانان على النتيجة التي أريد أن أنتهي إليها أحدهما ما تقدم - وهذا كلامٌ فنّي وإن علقانا عليه - وثانيهما مختصر وذلك بأن يقال إن صحيحة حريز بعد إلغاء خصوصية المورد - والمفروض أنه تمسك بها أيضاً في مقامنا وهذا يعني أنه يميل إلى إلغاء خصوصية المورد - فهي توصلنا إلى المدّعى من دون هذا البيان حيث دلت على أنه يعجِّل بالحلق أو التقصير ويحلّ ويؤخّر الذبح فهي قد دلّت على ذلك من دون حاجة إلى ما أفاده(قده) ، ولا نريد إن نقول إنما أفاده خطأ بل نقول إنه كان من المناسب فنيّاً أن يقول إن هذا بيان وهذا بيان . نعم لو أراد أن يتمسك بهذه الصحيحة فسوف تكون ردّاً على بعض المدّعى الذي ادعاه فإنه ادعى أنه يؤخّر الذبح وهذا يتناغم ويتفاعل مع الرواية وليس ضدّاً لها ولكنه قال ( يؤخر الطواف والسعي ) والحال أن المستفاد من الصحيحة المذكورة هو أنه يعجّلهما وذلك بالإطلاق المقامي فإن الامام عليه السلام قال ( يودع الثمن ويذهب إلى بلاده ) بعد المفروغيّة عن الإتيان بالطواف والسعي وإلا فلا يحتمل أنه يذهب إلى بلاده من دون طوافٍ وسعيٍ فسكوت الإمام عليه السلام على ذلك يدلّ على أنه لا يلزم تأخير الطواف والسعي.
 إذن هذه الصحيحة تصلح أن تكون بياناً مستقلاً لما أراد وفي نفس الوقت تصير ردّاً عليه في بعض المدعى.
 وخامساً:- إنه ذكر أن الذبح يؤخّره إلى نهاية ذي الحجّة ، ويمكن أن يقال:- إنه توجد روايات معارضة لذلك فنسلّم أن صحيحة حريز دلّت على أنه يؤخّر الهدي ويدع ثمنه عند شخصٍ ولكن هناك روايات أخرى معارضة قد دلّت على أنه مادام انتهى اليوم الثالث عشر فعليه آنذاك الصوم مادام لا يمكن الهدي فينتقل إلى الصوم لا أنه يؤخّر الهدي إلى نهاية ذي الحجَّة فإن أيام الذبح قد انتهت بانتهاء اليوم الثالث عشر ، وعلى هذا الأساس كيف نقول إنه يوجد له المجال في التأخير إلى نهاية ذي الحجّة والحال أنه توجد روايات معارضة تدلّ على أنه لا يجوز ؟!


[1] ملاحظة:- أود أن ألفت نظر الاخوة الطلبة الافاضل أعزهم الله تعالى بأن سماحة الشيخ الاستاذ قد أجرى تصحيحاً لعبارة الاستدراك الثاني الوارد في درس يوم الأربعاء 18 / رجب / 1434هـ ق حيث أصبحت هكذا:- (( الاستدراك الثاني:- ذكرنا سابقاً أنه ينبغي التفصيل بين ليلة العاشر وبين بقيّة الليالي ففي ليلة العاشر لا يجوز الذبح وفي بقيّة الليالي يجوز لعدم وجود مانعٍ ، والآن نستدرك ونقول:- ينبغي أن يكون التفصل هكذا:- وهو أنه لا يجوز الذبح في ليلة العاشر ويجوز في ليلة الحادي عشر من دون أن نصعد إلى ليلة الثاني عشر وذلك لما ذكرناه سابقاً من أن الأحوط وجوباً الاقتصار في الذبح على اليوم العاشر - في مقابل الذبح في اليوم الحادي عشر - ومادام الاحتياط هو الاقتصار على اليوم العاشر وعدم جوازه في اليوم الحادي عشر فتبعاً لهذا الاحتياط لابد هنا من أن نحتاط كذلك فنقول إن الذبح في نهار الحادي عشر لا يجوز وأما في بقية الليالي والأيام التالية لا يجوز أيضاً من باب الاحتياط تبعاً لذلك الاحتياط )). / ........ المقرر.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص155، ب39 من أبواب الذبح، ح4، آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص217، ب4 من أبواب الحلق والتقصير، ح1، آل البيت .
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص215، ب2 من أبواب الحلق والتقصير، ح1، آل البيت.