39/05/16


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ وحدة الخمس في ما تعدد عنوانه من الربح/ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

القول الثاني: وهو قول ذهب اليه جماعة منهم صاحب العروة والسيد الخوئي قدس الله اسرارهم[1] يقول: يكفيه خمس واحد اولاً, وذلك:

اولاً: لأن القاعدة تقول بوجوب الخمس على العنوان, وهو هنا واحد وهو الفائدة والغنيمة, واما عنوان الكسب فلم يرد في شيء من الاخبار «وإنْ عبّر به الفقهاء», بل الوارد في الأدلة هو عنوان «ما افاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس» [2] او الوارد هو عنوان الغنيمة «بناء على شمول الآية للمقام»[3] .

اذن الموضوع لوجوب الخمس هو مطلق الفائدة, وعنوان الغوص والمعدن من أحد مصاديق الفائدة, بحيث لو لم يرد فيها دليل بالخصوص لقلنا فيها بوجوب الخمس لأنها من مصاديق الفائدة ففي صحيحة علي بن مهزيار الطويلة التي جاء فيها: «..... والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها, والجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر...» [4]

نعم: الادلّة قالت بالوجوب الفوري في الغوص والمعدن كما هو مقتضى اطلاق قوله: «ما افاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس»[5] الاّ أنّ هذا الاطلاق قد خرجنا عنه بالأدلّة الخارجية وقيّدنا الوجوب بعدم الصرف في مؤونة السنة حيث دلّت الأدلّة على جواز اخراج مؤنة السنة من التجارات والزراعات والصناعات وامثالها.

وعلى هذا لا يكون عندنا عنوان متكرر ليتكرر الخمس.

ثانياً: قال السيد الخوئي قدس سره: لو تنازلنا وقلنا بوجود عنوانين «الكسب والغوص» وان النسبة بينهما هي

العموم والخصوص من وجه, ولكن الالتزام بخمسين, خمس اوّل عند الغوص والاستخراج, وخمس ثانٍ عند ظهور الربح

«وان جاز تأخيره الى آخر السنة» بشرط عدم الصرف في المؤونة فان هذا القول مناف لظاهر النصوص الوردة في الغوص والمعدن: لأن ظاهرهما انه بعد التخميس تكون الأربعة أخماس له, بل صُرِّح بذلك في بعض النصوص, فلو كان عليه خمس آخر, فمعناه ان ثلاثة اخماس له وليست اربعة اخماس, وهو خلاف ظاهر الأدلّة[6] .

اقول: لو قلنا بوجود عنوانين «الكسب والغوص» وكان قد حصل المحترف للغوص على ما يخضع للخمس في

آخر السنة فهو يعني انه له ثلاثة اخماس وشيء وهو اثنان من عشرة, اي يكون له ثلاثة اخماس وخمس الخمس له, لا الاربعة اخماس لأنه لو حصل على ما قيمته عشرون ديناراً بعد استخراج ما بذله في الغوص فخمسه اربعة, ثم الباقي هو ربح لمهنته وهو ستة عشر فان كان قد حصل في آخر السنة فخمسه هو ثلاثة واثنان من العشرة وليس خمس العشرين, واما اذا كان قبل آخر السنة فسوف يستخرج منه مؤنة الايام الباقية فيكون الخمس أقل من ذلك[7]

وعلى كل حال: ان هذا الاشكال على تعبير السيد الخوئي قدس سره ليس بمعنى ردّ الدليل الثاني للقول الثاني.

ثالثاً: جواب نقضي على القول الأوّل, وهو: انّ لازم من يقول بوجوب خمس في الغوص وخمس في التكسّب «اي وجوب خمسين على العنوانين» يلزمه ان يقول بوجوب خمسين حتى اذا لم يكن الغوص مكسباً له كما اذا غاص اتّفاقاً فأخرج اللؤلؤ, وهذا مقطوع البطلان. وحينئذٍ لا تعدّد في الخمس فيما اذا كان الغوص مكسباً له, لأنّ الكسب لا خصوصية له, بل هو من اجل انه فائدة, إذن ليس في البين الاّ خمس واحد. ولعلّ هذا يكون واضحاً اذا غاص فاخرج معدناً فلا يجب الاّ خمس واحد, بينما اذا قلنا ان تعدّد العنوان يوجب تعدد الخمس فيجب هنا أن:

1ـ يخمّس المستخرج بعنوان المعدن.

2ـ يخمّس المستخرج بعنوان الغوص.

3ـ يخمّس الباقي بعد انتهاء السنة, وهذا الكلام لا قائل به فيما اعلم.

ملحوظة: ان القاعدة في باب الاحكام الوضعية هي التداخل خلافاً للأحكام التكليفية وذلك: لو قلنا بوجود عنوانين:

الاول: خمس الفائدة المعدنية لله وللرسول.......الخ.

الثاني: خمس الفائدة الكسبية لله وللرسول......الخ.

وهذان العنوانان يمكن انطباقهما على مال واحد, فيكون مثل اغسل يدك من البول, واغسل يدك من الدم, فاذا لاقت اليد الدم والبول فمقتضى اطلاق دليل الغسل هو كفاية غسل واحد لكلتا النجاستين لأنهما يرشدان الى

تنجّس اليد فيكفي غسل واحد.

وبعبارة أُخرى: ان التعدد في قوله اذا حصلت على معدن فخمّس, واذا حصلت على فائدة كسبيّة فخمّسها يحتاج الى مؤنة زائدة, لأن الخمس حكم وضعي وهو تملّك صاحب الخمس لشيء في اموال المالك, ولا توجد مؤونة زائدة تدلّ على التكرار.

بل المتفاهم هو عدم التكرار اذا لاحظنا ان الضريبة قد جعلت بملاك الفائدة التي حصل عليها الانسان سواء

كانت الفائدة هبة من الله كالمعدن أو حصلت بالتكسب, فتعدّد الحيثيات في المال الواحد لا يعدّد الفائدة, وانما هي فائدة واحدة متّصفة بصفتين فنتّبع أشدّ الملاكين وهو خمسها فوراً من دون استثناء مؤنة السنة.

ثم اننا يمكن ان ندّعي وجود سيرة عمليّة قطعية على عدم تعدّد الخمس هنا, فلاحظ.

استثناءان:

الاول: المال الحلال المختلط بالحرام يخمس اولاً فيكون الخمس أدَاءً لمظالم لعباد وليس خمساً اصطلاحياً. ثم الباقي اذا بقي بعد السنة وهو مال حلال وربح فيجب تخميسه مرّة ثانية على المكلّف, فالخمس الاول كما نطقت به الروايات هو رضا الشارع بتقدير الحرام بالخمس في صورة علمه انه ليس له ولا يعرف صاحبه ولا قدره. وعلى مبنى المشهور انه خمس فيكون استثناءاً متصلاً. امّا على مبنانا فهو استثناء منقطع لأنه ليس بخمس اصطلاحي كما عرفت.

الثاني: ارض المسلم التي اشتراها الذمّي فيجب تخميسها ثم الاربعة اخماس الباقية اذا كان على الكافر الخمس كما هو الصحيح – اي هو مكلف بالفروع – فيجب تخميسها مرّة ثانية, هذا بناءً على رأي المشهور امّا على مبنانا فالخمس الاول هو عبارة عن عُشْرَينِ العشر الاول اجرة الارض الزراعية والعشر الثاني هو الجزية فلا ربط له بالخمس فيكون استثناء منقطعاً ايضاً.

 


[1] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي قدس سره، ج25، ص305.
[3] اقول: وقد خالف الشيخ الاستاذ في ذلك فهو يرى ان معنى الغنيمة في الآية واسع لكل غنيمة عدا المكاسب. المقرر.
[6] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي قدس سره، ج25، ص305.
[7] فلو كان الباقي بعد تخميسه ستة عشر ثم كانت مؤنته ستّة . فالباقي عشرة هو ربح فلو خمّسه لكان عبارة عن اثنين من عشرة وهو عشر العشرين وليس خمس العشرين فلا يكون عليه خمس من العشرين كما قال السيد الخوئي قدس سره. من الاستاذ حفظه الله.