39/05/09


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ عدم جواز نقل الخمس الى الذمّة/ خمس ارباح المكاسب /كتاب الخمس

مسألة (78): ليس للمالك ان ينقل الخمس الى ذمته ثم التصرف فيه, كما اشرنا اليه. نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم. وحينئذٍ فيجوز له التصرف فيه, ولا حصة له من الربح اذا اتجر به. ولو فرض تجدد مؤن له في اثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح (1).

1)تقدّم في مسألة (75) عدم ولاية المالك على نقل الخمس من العين الى الذمّة ليتصرف فيه بعد ذلك واما الحاكم الشرعي فهل يجوز له المصالحة لنقل خمس العين الى ذمّة المكلّف؟

والجواب: يجوز للحاكم الشرعي ذلك, وذلك:

اولاً: لمصلحة أصحاب الخمس فهو الوالي والحاكم فيصالح على حقّه وحقّ قبيله لأنه وليُّ عليهم بالولاية العامة أو بولايته الخاصة الحسبية, فان الحاكم لو لم يسهّل على المالك فعندئذٍ لا يدفع مَن عليه الخمس الخمس فمصالحة الحاكم لصاحب الملك ليكون ضامناً لحقّ اصحاب الخمس وتحصيل خمسهم.

ثانياً: ان الحاكم ولي من يعطي الخمس, فاذا رأى مصلحته تقتضي ان ينقل خمسه الى ذمته فله ان يفعل ذلك ويجب ان يفعل ذلك اذا رُوجع واطّلع على ذلك الأمر.

وحينئذٍ اذا صالح الحاكم الشرعي مالك الربح ونقل الخمس من العين الى الذمّة, وتصرّف المالك في ربحه فيكون الربح كله له ولا حصّة للخمس من الارباح, لأنّ الخمس قد انتقل الى ذمّة المالك, فالاعيان صارت كلها للمالك, فالربح الحاصل من التجارة بالاعيان له ايضاً.

وكأن صاحب العروة قدس سره: يتكلّم في التصرّف في الربح الذي فيه خمس بعد الحول «لأنه قبل الحول يجوز للمالك التصرّف في الربح بلا حاجة الى اذن الحاكم الشرعي ولا حاجة الى تحويل الخمس الى الذمّة» وحينئذٍ لا يجوز له التصرّف الاّ بالمصالحة مع ولي اصحاب الخمس وهو الحاكم الشرعي اذا وجد مصلحة في ذلك.

ولكن صاحب العروة قدس سره ذكر اخيراً «تجدد المؤن اثناء الحول» وهذا ينافي كلامه السابق بعد انقضاء الحول اذ بعد انقضائه, كيف تتجدد المؤن في الحول؟!!

ولذا فقد قال السيد الخوئي قدس سره: انّ هذا سهو من قلمه الشريف[1] .

اقول: ما ذكره صاحب العروة قدس سره ليس سهواً, بل هو ينظر في هذه المسألة الى المسألة السابقة والى كلام صاحب الجواهر قدس سره فيها من الفتوى أو الاحتياط الوجوبي خلافاً لصاحب العروة قدس سره والشيخ الانصاري قدس

سره وغيرهما فلو كان شخص قد ارتأى رأي صاحب الجواهر قدس سره أو كان مقلّداً لصاحب الجواهر قدس سره الذي يقول: اذا تصرّف المكلّف في الربح الحاصل في اثناء السنة وربح بقدر الربح فالإمام له حصته من الربح الثاني كالربح الاول ويجب على المالك ان يخمّس الربح الثاني كما تقدّم, فاذا اراد ان يتصالح ويحصل المكلّف على الارباح لنفسه كلها حتى على رأي صاحب العروة قدس سره فيمكنه ان ينقل الخمس (من العين الى الذمّة في نفس ربح السنة) بمراجعة الحاكم الشرعي, فهو يقول: ان تعلّق الخمس بالأرباح وهذا أمر قطعي. ويمكن التعجيل بإخراج الخمس وهو امر قطعي, اذن فليصالح الحاكم الشرعي بنقل الخمس من العين الى الذمّة, ثم ليعمل في العين بعد المصالحة فحينئذٍ سيكون الربح الحاصل من العمل بالعين والتجارة فيها له على كلّ المباني وحينئذٍ اذا تجددت مؤنة في اثناء السنة كشف ذلك عن فساد الصلح, حيث لا موضوع له, لأن تعلّق الخمس مشروط بعدم الصرف في المؤنة الى آخر السنة.

اذن هذه المسألة ليس كما تصوره البعض ومنهم السيد الخوئي قدس سره انها ناظرة الى تصرّف المالك بالربح الذي فيه الخمس بعد تمام السنة, بل هي في المصالحة مع الحاكم الشرعي بنقل الخمس الى ذمّته في اثناء السنة لأجل ان يكون الخمس قد انتقل الى الذمّة, فاذا اشتغل بالمال الذي هو ربح يكون الربح كلّه له على جميع المباني حتى على رأي صاحب العروة قدس سره والدليل على ذلك انه ذكر تجدد المؤن (بعد المصالحة) في اثناء الحول فيكشف عن فساد المصالحة مع الحاكم الشرعي وانتقال الخمس الى الذمّة, وهذا لا يكون الاّ ان تكون المصالحة مع الحاكم الشرعي في نقل الخمس من العين اثناء الحول الى الذمّة, فلاحظ.

وهنا نقول: (كمناقشة لصاحب العروة قدس سره الذي قال: لو فرض تجدّد مؤن له في اثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح) انّ المصالحة على نوعين:

النوع الاول: مصالحة على ان يضمن المالك مقدار الخمس في ذمّته بالمصالحة ابتداءً.

فهنا اذا تبيّن ان مؤنته بقدر ربحه, فينكشف ان المصالحة باطلة, لأنّ الربح الذي صُولح عليه لم يكن موجوداً, فالمصالحة باطلة.

النوع الثاني: مصالحة تكون على قبض الحاكم الشرعي الخمس من المالك ثم يقرضه للمالك في سنة الربح فهنا تكون المصالحة صحيحة, فالخمس قد قبضه الحاكم الشرعي ثم اقرضه, وحينئذٍ اذا جاءت مؤنة زائدة على المالك لم تفسد المصالحة السابقة الحقيقية, ولا ينكشف بطلانها, لأن الأمر بإخراج الخمس موجود وقد إمتثله فيقع صحيحاً ولا ينكشف بطلانه.

 


[1] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي قدس سره 25: 267.