39/04/15


تحمیل

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في أن الواجب بعد فساد الصوم هل هو القضاء والكفارة أو القضاء خاصة؟

النقطة الثانية: في أن الواجب بعد فساد الصوم هل هو القضاء والكفارة أو القضاء خاصة؟

اختلف الاصحاب على قولين:

الأول: وهو المشهور وجوب القضاء والكفارة.

والثاني: ما عن ابن ابى عقيل وهو وجوب القضاء خاصة.

وعن المدارك نسبته الى السيد المرتضى أيضا.

لكن استظهر في الحدائق غفلة صاحب المدارك في هذه النسبة لان المنقول عن السيد المرتضى في المختلف وغيره موافقته لقول المشهور[1] .

وعلى أي حال فقد استدل للأول بالنسبة لوجوب القضاء بالنصوص المتقدمة المستدل بها للقول المشهور:

كصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام: "انه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه"[2] .

وصحيحة البزنطي عن أبى الحسن عليه السلام قال: "سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا؟ قال يتم ذلك اليوم وعليه قضاؤه"[3] .

وموثقة سماعة قال: "سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر؟ فقال عليه أن يتم صومه ويقضى يوما آخر. فقلت إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان؟ قال فليأكل يومه ذلك وليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور"[4] .

واستدل له بالنسبة لوجوب الكفارة:

أولا: بإطلاق النصوص الدالة على وجوب الكفارة على من افطر متعمدا

كصيح ابن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام: "في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، فان لم يقدر تصدق بما يطيق"[5] .

وصحيح البزنطي عن المشرقي، عن أبي الحسن عليه السلام قال: "سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة ؟ فكتب من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم"[6] . وغيرهما.

فان اطلاقهما يقتضي ثبوت الكفارة على من تعمد البقاء على الجنابة الى الصبح.

وثانيا: بالنصوص الواردة في خصوص ما نحن فيه.

كصحيح أبي بصير عنه ع: "في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متابعين، أو يطعم ستين مسكينا قال وقال انه خليق أن لا أراه يدركه ابدا"[7]

قال المحقق في المعتبر بعد نقل هذه الرواية: وبهذا أخذ علماؤنا إلا شاذا.

ومعتبرة سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه: "قال: إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل، ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين، مع صوم ذلك اليوم. ولا يدرك فضل يومه"[8] .

ورواية إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال: "سألته عن احتلام الصائم قال فقال إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتى يغتسل، ومن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلى ساعة حتى يغتسل، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه، ولن يدركه أبدا"[9] .

فان هذه النصوص تدل على لزوم الكفارة على من تعمد الاصباح جنبا.

ويؤيده: ما في الجواهر "بل في الخلاف والغنية وعن ظاهر الانتصار الاجماع عليه"[10] . وما عن المحقق انه قال في المعتبر بعد نقل رواية أبي بصير: "وبهذا أخذ علماؤنا إلا شاذا"[11] . والظاهر انه يعني بالشاذ ابن ابي عقيل فانه لم يثبت موافقة السيد المرتضى له بل المنقول العكس من ذلك فالقول الأول وان عد من المشهور الا ان مدعي الاجماع فيه غير مجازف لان خلاف ابن ابي عقل لا يضر شيئا لو تحقق الاجماع، فتأمل.

وفي المدارك بعد ان نسب القول الأول الى المشهور وجعل مستنده روايات ابي يصير والمروزي وابراهيم بن عبد الحميد قال: " و هذه الروايات كلها ضعيفة السند فيشكل التعويل عليها في إثبات حكم مخالف للأصل. و من هنا يظهر رجحان ما ذهب إليه ابن أبي عقيل والمرتضى- رضي اللّه عنه - من أن الواجب بذلك القضاء دون الكفارة"[12]

ومن الظاهر ان عمل الاصحاب قديما وحديثا بنصوص الكفارة جابر لها فلا يلتفت الى سندها على انها فيها الموثق وغيره وبه الكفاية زائدا على النصوص الدالة على وجوب الكفارة على من افطر متعمدا.

والاشكال بأن اقتصار بعض نصوص المنع على القضاء دون الكفارة موجب لظهورها في عدم وجوب الكفارة.

لا وجه له لان الظهور المدعى يبتني على لزوم بيان كل ما يترتب على فساد الصوم، وهو كما ترى! لأنه لا كلام اهل المحاورة، ولا الروايات ابتنت على ذلك، ولذا اهملت بعض النصوص ذكر القضاء واقتصرت على خصوص الكفارة مع انها لا تثبت الا بفساد الصوم المستلزم للقضاء، كصحيح أبي بصير المتقدم عنه ع: "في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متابعين، أو يطعم ستين مسكينا قال وقال انه خليق أن لا أراه يدركه ابدا". وبالتالي لا تعارض بين نصوص القضاء ونصوص الكفارة كي يدعى ظهور نصوص القضاء بعدم وجوب الكفارة.

والمتحصل لزوم العمل على وفق القول المشهور.