39/02/25


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/02/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ فرق عوض المهر والخلع عن عوض الاجارة/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

قد يقال[1] : ان عوض الخلع والمهر يجب فيهما الخمس لأنهما كإجارة الانسان لعمله أو لبيته, فان الأجرة الحاصلة من عمل الانسان والاجرة الحاصلة من إجارة البيت تكون فائدة وخاضعة للخمس بعد المؤنة فكذا عوض الخلع ومهر الزوجة.

والجواب: يوجد فرق بينهما وذلك:

1ـ فان اجارة الانسان لعمله يصدق عليها انها ربح ونفع وفائدة, لأنه لو لم يعمل للآخرين فان عمله يعدّ تالفاً, لأنه لا معنى ان يكون عمله الذي لم يعمله لنفسه اذ ليس له اعتبار عند العقلاء وكذا اذا آجر البيت فان الأُجرة تعدّ ربحاً ونفعاً وفائدة لأنه لو لم يؤجر البيت للآخرين تُعدّ المنفعة تالفة, لأن المالك للبيت ليس له ان يبقي منفعة الدار لنفسه (اذا لم يؤجرها) وذلك لعدم اعتبار منفعة الدار عند العقلاء.

وحينئذٍ اذا عمل أو آجر الدار, صحّ ان يطلق على الأجرة منهما انها ربح وفائدة.

وهذا بخلاف عوض الخلع فانه لو لم تدفعه الزوجة للزوج يبقى الزوج متسلّطاً وتبقى الزوجة فاقدة للسلطنة على نفسها وتكون تابعة للزوج, وكذا المهر للزوجة, فلو لم يحصل تبقى سلطنة المرأة على نفسها, وهذه السلطنة للزوج ان لم تدفع الزوجة عوض الخلع وسلطنة الزوجة على نفسها لو لم تحصل الزوجية, لها ثبات وبقاء ولها بدل عند الشارع وعند العقلاء, وهو عوض الخلع فانه بدل عن زوال سلطنة الزوج على الزوجة, او المهر فانه بدل عن زوال سلطنة الزوجة على نفسها وتكون تابعة ومطيعة للزوج وحينئذٍ يكون ما يأخذه الزوج من زوجته في الخلع هو بدل لرجوع سلطنة

الزوجة على نفسها أو قل: انّ ما يأخذه الزوج من عوض الخلع هو بدل تهديم الزوجة لبيت الزوجية الذي اوجده الزوج كما قلنا سابقاً.

وما تأخذه الزوجة من الزوج في عقد الزواج من المهر يكون عوضاً عمّا تفقده الزوجة من سلطنتها على نفسها ومنح هذه السلطنة للزوج, فهو مثل تبديل شيء بشيء.

ويرد على هذا: انه فرق غير عرفي, فان العرف يرى ان عوض الخلع هو مال في مقابل زوال سلطنة الزوج على الزوجة, وان المهر هو عوض رضى المرأة في ان يتسلّط عليها الزوج ويكون الأمر أمره في الاستمتاعات والسكن وما شابه ذلك, وكذا عوض العمل والدار, فان الأجير بعمله يفقد ارادته وسلطنته على عمله ويكون العمل مملوكاً للغير وكذا اجارة البيت يكون التسلّط على الدار للمستأجر, وكلّها لها اعواض عند العقلاء فهي تبديل شيء بشيء.

ولكن هذا الايراد صحيح الاّ ان العرف يرى انه لا يصدق الفائدة على الخلع والمهر بينما تصدفَ الفائدة في عوض اجارة العمل والعين فالفرق ليس في كون احدهما عوضاً والآخر ليس عوضاً بل الفرق في صدق العوض ربحاً وعدم صدقه, فلاحظ.

2ـ ان الخمس في عوض اجارة العمل أو البيت منصوص كما في صحيحة ابن مهزيار المتضمنة لوجوب الخمس على الصانع, قلت في ايّ شيء يجب الخمس؟ قال عليه السلام: (في أمتعتهم وصنايعهم. قلت: والتاجر عليه

والصانع بيده؟ فقال عليه السلام: اذا امكنهم بعد مؤنتهم)[2] وكذا ورد النصّ في وجوب الخمس اذا أجر الضيعة.

والخلاصة: ان عوض الخلع والمهر في الزواج لهما اعتبار عند العقلاء ولها مقابل, فلا يصدق عليهما عنوان الفائدة الذي هو موضوع الخمس.

بخلاف الأُجرة للعمل أو للعين اذ ليس لهما عند عدم الأجارة اعتبار عند العقلاء فتكون الأجابة فائدة, ويكفينا النصّ اذا لم نقبل الفرق بين عوض الخلع ومهر الزوجة وبين الاجارة «كما تقدمت المناقشة في الفرق» فانّ النصّ جاء في وجوب الخمس في عوض الاجارة ولم يأت نصّ في وجوب الخمس في عوض الخلع ومهر الزوجة.

ثم انه لم يفت احد بوجوب الخمس في مهر الزوجة ولم يحتط احد احتياطاً وجوبياً فيه الاّ السيد الحكيم[3] وكاشف الغطاء[4] قدس سرهما في خصوص المهر الزائد عن مهر السنّة.

فرع:

اذا اعتدى او حصلت جناية غير عمدّية فأوجبت الديّة للطرف أو اوجبت أرشاً, وكذا اذا كان الواجب ديّة القتل او حصلت المرضع على اجر الرضاعة, أو حصلت المرأة على عوض مبيت الزوج عندها من زوجة اخرى فهل يجب الخمس في هذه الأُمور اذا زادت عن مؤنة السنة؟

والجواب: ان هذه الاموال التي حصلت من هذه الموارد لا تُسمّى فائدة وان ملكها الانسان, فانّ الخمس موضوعه الفائدة وليس الملك فقط.

 


[1] القائل هو السيد الحكيم في المستمسك العروة الوثقى، ج9، ص524 اذ لم يفرّق بين عوض الخلع والمهر وبين الاجارة، اجارة الاعمال أو الاعيان، وكذا صاحب الجواهر قدس سره في رسالته العملية نجاة العباد: اذ عدّ عوض الخلع والمهر ملك الهبة والهدية وغيرها من افراد الفائدة من الاستاذ حفظه الله.