36/04/14


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, المفطر التاسع , الاحتقان .
تقدم الكلام عن الاشكال في كيفية استفادة الحرمة التكليفية والوضعية من دليل واحد (الذي يقول لا يجوز الاحتقان للصائم ) فهو اما ان يفسر بالحرمة التكليفية فلا يدل على الفساد, واما ان يفسر بالحرمة الوضعية فلا يدل على الحرمة التكليفية , وبعبارة اخرى اما ان نقول بأن هذا النهي تجرد عن ظهوره الاولي (النهي التكليفي) وانقلب الى ظهور ثانوي (الارشاد الى الفساد ) واما ان نقول بأنه باقٍ على ظهوره الاولي , فعلى القول بعدم انقلابه فأنه يدل على الحرمة التكليفية فقط, وعلى القول بالانقلاب فأنه يدل على الحرمة الوضعية فقط , فالجمع بينهما يواجه اشكال .
نعم في حالة واحدة يمكن ذلك وهو فيما لو فرضنا وجود جامع _ ولو جامعا عرفيا _بين الحالتين يكون اللفظ في هذه الروايات مستعملا فيه , الا ان هكذا جامع غير موجود .
والذي نقوله هو ان هذا الاشكال وارد على اثبات كلتا الحرمتين من هذه ا لروايات (أي استفادة الحرمتين من دليل واحد) وليس اشكالا على الالتزام بالحرمة الوضعية والحرمة التكليفية لا من دليل واحد , فأن هذا لا اشكال فيه وقد نلتزم به , بمعنى ان الصحيح في محل الكلام هو ان هذه الروايات ظاهرة في الارشاد الى الفساد أي ان النهي تجرد عن الظهور الاولي وانعقد له ظهور ثانوي وهو الارشاد الى الفساد والمفطرية ( وهذا هو ظهور النهي عن شيء في المركبات ) .
اما الحرمة التكليفية فيمكن الاستدلال عليها بشيء اخر وهو انه بعد فرض الفساد وفرض ان الاحتقان بالمائع يفسد الصوم نقول بأن افساد الصوم محرم اذا كان واجبا معينا , نعم في الصوم غير المعين والصوم المندوب لا يحرم افساده تكليفا .


الكلام فيما وقع من الخلاف _ على تقدير الالتزام بالفساد_ في ان الاحتقان بالمائع هل يوجب الكفارة ؟ او لا ؟

ذكرنا سابقا ان صاحب الجواهر قوّى وجوب الكفارة ان لم ينعقد الاجماع على خلافه, ويُستدل على وجوب الكفارة في محل الكلام ما اشرنا اليه من اندراجه ودخوله في الادلة الواردة بعنوان من افطر متعمدا وجبت عليه الكفارة _كما سيأتي التعرض الى هذه الروايات _ فيقال بأن هذا الذي يحتقن في شهر رمضان عالما مع افتراض ان الاحتقان مفسد للصوم يصدق عليه ان هذا افطر عامدا , والروايات تقول من افطر عامدا في شهر رمضان تجب عليه الكفارة.
وقد نوقش في هذا الدليل _بكلام طويل سيأتي التعرض اليه ان شاء الله _ بدعوى انصراف الافطار الى خصوص الاكل والشرب , فعندما يقال ان فلانا افطر في شهر رمضان يعني اكل او شرب ؛ اما المفطرات الاخرى فهي وان كانت مفسدة للصوم الا انها لا تجب فيها الكفارة لعدم دخولها في هذا العنوان , الا اذا قام دليل خاص على وجوبها كما في الجماع .
وهذه الدعوى ليست بالدعوى البعيدة بحيث يمكن استهجانها, بأعتبار ان الظاهر ان المراد بالإفطار في اللغة هو الاكل والشرب ومنه الفطور في مقابل السحور وهو يختص بالأكل والشرب , ولذا لا يقال لمن افسد صومه بالرياء او بالأخلال بالنية انه افطر وانما يقال انه افسد صومه .
لكن في المقابل يمكن ان يقال بأن النصوص العديدة اطلقت الافطار على غير الاكل والشرب من مفسدات الصوم, وهذا قد يستكشف منه وجود حقيقة شرعية للإفطار غير الحقيقة اللغوية , فيكون الافطار بالمعنى الشرعي هو مطلق ما يفسد الصوم , وحينئذ ينزل الدليل المتقدم _ من افطر متعمدا وجبت عليه الكفارة _ على الحقيقة الشرعية , وحينئذ يمكن التمسك به لأثبات وجوب الكفارة في محل الكلام .
لكن هناك نصوص ظاهرة في خلاف ذلك حيث تقول مثلا ( من جامع او افطر) ومنه يفهم ان الافطار لا يراد به مطلق ما يفسد الصوم والا فلا داعي للعطف.
وعلى كل حال فالمسألة يأتي بحثها مفصلا في باب الكفارات ان شاء الله .