38/12/21


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 39 ) حكم جوائز الظالم – المكاسب المحرّمة.

وفي هذا المنجال نقول:-

أما بالنسبة إلى المشكلة الأولى:- فيمكن أن يقال: صحيح أن مسألة الخطوط مسألة حدسية ولكنها قريبة من الحس وليست حدسية محضة ، فنحن الآن لعلنا نعرف خطوط أصدقائنا وأقربائنا والعقلاء والسيرة قد جرت على قبول الشهادة بكون هذا الخط لفلان أو لفلان ، فالعقلاء يأخذون بهذا الشيء ، فمن هذه لناحية يمكن تجاوز المشكلة فإن هذا الشخص كان معاصراً له وحينئذٍ يشهد بأنَّ الخط هو خط فلان فمن هذه الناحية لا مشكلة.

نعم تبقى المشكلة هي أنه من قال إنَّ حمد بن إبراهيم قد كتب كل ما أملاه الحسين بن روح من دون تغيير فإنه لم تثبت وثاقته ولم يثبت أنه قد اتخذه كاتباً خاصاً ، إلا أن يستظهر شخص ذلك أما إذا لم يستظهر ذلك فيتوقف ، فيقال إنه حينما يشهد ابن داود الذي هو رجل ثقة ويقول أني وجدت بخط فلان واملاء فلان كأنه يريد أن يقول إني أشهد لكم بأنَّ الاملاء كان من الحسين بن روح حتماً ، فهو يشهد بالإملاء ويشهد بأنَّ هذا الكاتب قد كتب كلّ ما أملاه الحسين بن روح ، فإذا كانت شهادةً والمفروض أنَّ المعاصرة كانت موجودة فالكلّ يعيش في زمانٍ واحد فإذا فهمنا هذا من كلام ابن داود فحينئذٍ يسهل الأمر في هذا التوقيع المبارك ، خصوصاً - ولعله أوضح - يتأكد ما أقول أكثر لو لاحظنا عبارة أخرى للشيخ الطوسي(قده) في كتاب الغيبة حيث قال:- ( وقال ابن نوح:- أوّل من حدّثنا بهذا التوقيع أبو الحسن محمد بن علي بن تمام وذكر أنه كتبه من ظهر الدَّرج[1] الذي عند أبي الحسن بن داود فلما قدم أبو الحسن بن داود قرأته عليه وذكر أن هذا الدرج بعينه كتب به أهل قم إلى الشيخ أبي القاسم وفيه مسائل فأجابهم على ظهره بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي ) ، وهذه العبارة يشهد فيها ابن داود حيث قال إنَّ هذا التوقيع الطويل هو الذي كتبه أهل قم يعني الحميري - فإنَّ الحميري يسكن قم وإن كان عربياً ولكن هجّر مثل الأشعريين الذين هجّرهم معاوية لعنة الله عليه فالأشعريون كانوا في قم والحميري كذلك فلابد أنه كان في قم - فبالتالي يصير تعبير ( كتبه أهل قم ) أو ( كتبه الحميري ) واحداً ، فـتعبير ( وذكر أنّ هذا الدرج بعينه كتب به اهل قم إلى الشيخ ابي القاسم وفيه مسائل فأجابهم على ظهره بخط فلان ) لعلّه أوضح في أنَّ ابن داود يشهد بأنَّ هذا هو التوقيع الذي أرسله أهل قم - يعني الحميري - وهو الذي بخط فلان وملاء فلان ، فهذه العبارة تكون أوضح في الشهادة بذلك.

كما أنه من الواضح أنَّه في البداية قال ( قال ابن نوح ) وهو أبو العباس السيرافي الذي هو شيخ للنجاشي وقد عبّر عنه النجاشي بقوله:- ( أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي نزيل البصرة كان ثقة في حديثه متقناً لما يرويه فقيها بصيراً بالحديث والرواية وهو استاذنا وشيخنا ومن استفدنا منه )[2] ، ومن الذي قال ( قال ابن نوح ) ؟ هو الشيخ الطوسي(قده) لأنه كان معاصراً لابن نوح حيث قال ( وقال ابن نوح:- أوّل من حدّثنا بهذا التوقيع أبو الحسن محمد بن علي بن تمام ) ، فإذن ابن نوح لا إشكال فيه ، ما محمد بن علي بن تمام فهو ثقة أيضاً حيث قال عنه النجاشي:- ( محمد بن علي بن الفضل بن تمام ..... كان ثقة عيناً )[3] .

إذن الشيخ الطوسي(قده) يحدّث عن ابن نوح وابن نوح يقول أوّل من حدّثنا ابن تمام وذكر أنه كتبه من ظهر الدَّرج الموجود عند ابن داود الذي هو من الثقات أيضاً ، ثم قال ( فلما قدم ابو الحسن ابن داود وقال هذا هو الذي أرسلة أهل قم ... ),

فإذن جميع السلسة التي ذكرها الشيخ الطوسي(قده) هم من الثقات ولا مشكلة فيها ، وقد قلنا إنَّ هذا الكلام قد تكون فيه دلالة أكثر بأنَّ هذا يشهد بذلك وأنَّ هذا بخط فلان واملاء فلان ، ومن الواضح أنَّ ابن داود الذي يشهد بهذه الشهادة كان معاصراً للحسين بن روح ، فإن الحسين بن روح(قده) على ما ذكر الشيخ الطوسي(قده ) كانت وفاته سنة ( 326 ) وابو الحسن بن داود الذي يوجد عنده هذا التوقيع ويشهد بأنه بخط فلان واملاء فلان وفاته كانت سنة ( 368 ) ، يعني أن الفاصل بينهما ( 42 ) سنة وقد دفن في مقابر قريش على ما قيل في ترجمته ، فإذن المعاصرة ممكنة وهو يشهد بأنَّ هذا التوقيع وجدته بخط فلان واملاء فلان فيوجد مجال بأن نقول إنَّ هذا التوقيع أمره من حيث السند لا بأس به ، وقد اتضح إلى هنا أنَّ الدلالة لا بأس بها والحديث يرتبط بالصورة الأولى وليس مرتبطاً بالصورة الثالثة خلافاً للسيد اليزدي وأن سنده يمكن أن يقال لا بأس به .

وإذا صار سند هذا الحديث ودلالته تامتين فسوف تحدث مشكلة:- وهي أنه بالتالي يلزم في جواز الأخذ من الظالم أن يكون له مال آخر حلال جزماً رغم أن الشبهة بدوية ، وهل تلتزم بذلك ؟

والجواب:- إنه لابد من حمل ذلك على الاستحباب لعدم وجود قائلٍ من الفقهاء بأنه يلزم في جواز الأخذ وجود مالٍ آخر حلال ، فإما أن نقول هو ساقط عن الحجية رأساً - يعني هذه الفقرة - أو نقول هو محمول على الاستحباب دون اللزوم.

فإذن عادت النتيجة كما ذهب إليه الفقهاء ولكن بسبب عدم التزام الفقهاء بمضمون الحديث ، وإلا فهو من حيث الدلالة والسند لا بأس به كما عرفنا.

هذا كلّه بالنسبة إلى الصورة الأولى.


[1] والدرج:- عبارة عن الكتاب وهي ورقة كبيرة تلف وتوضع في ظرف خاص.، يعني مدرج يعين ملفوف فهو أجاب على ظهر هذه الورقة فالرسالة هي اسئلة من هذا الجانب والأجوبة مكتوبة على ظهرها.