35/08/09


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم.
تقدم الكلام في ان مبطلية الوضوء في الروايات المتقدمة محمولة على نفي الكمال وبوحدة السياق في الروايات نحمل النقض والمبطلية على نفي الكمال في الصوم ايضا, وعدم ارادة الظهور الاولي, فوحدة السياق قرينة تمنع من الاستدلال على فساد الصوم , واذا لم نقل بأن وحدة السياق قرينة ظاهرة فعلى الاقل بأنها توجب الاجمال ولا يمكن القول بأن هذا الدليل ظاهر في البطلان الحقيقي بالنسبة الى الصوم , فإذا جعلنا وحدة السياق قرينة واستظهرنا ذلك كما هو غير بعيد فلابد من القول بأن الدليل ظاهر في نفي الكمال في الصوم , ومع عدم الاستظهار يكون ذلك موجبا للأجمال ولا يمكن الاستدلال بها على البطلان الحقيقي في محل الكلام .
ومن هنا يظهر ان هذا الجواب غير تام وان المناقشة باقية على حالها .
الجواب الثاني : (كما ذكره السيد الخوئي)[1] يقول بأنه سلمنا ان اقتران الوضوء بالصوم يوجب على الاقل اختلال الظهور لكن هذا يتم في الروايات التي فيها هذا القرن ووحدة السياق الا ان هناك روايات لم يذكر فيها الا الصوم فيمكن التمسك بها والاستدلال على المبطلية في محل الكلام , ومثال تلك الروايات موثقة ابي بصير(أبي عبد الله عليه السلام إن الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السلام يفطر الصائم .)[2]
والاجمال الموجود في غير هذه الرواية لا يسري اليها .
وهذا الجواب يبتني على افتراض تعدد روايات ابي بصير لكي نقول ان بعض الروايات فيها اجمال والبعض الاخر ليس فيه اجمال, اما على القول بإتحاد روايات ابي بصير وانه جميع الروايات عبارة عن رواية واحدة فأن هذا الامر لا يتم فأنه يدخل مسألة دوران الامر بين الزيادة والنقيصة أي ان الذي لدينا رواية واحدة وهي اما ان تشتمل على نقض الوضوء واما ان لا تشتمل على ذلك , وقد بنوا على اثبات الزيادة في حال دوران الامر بين الزيادة والنقصان , بأعتبار ان احتمال النقيصة في الروايات غير المشتملة على الزيادة ارجح واقوى بكثير من احتمال الزيادة في الروايات المشتملة على الزيادة , لأن النقيصة في الروايات غير المشتملة على الزيادة لا تعني الا سقوط جزء من الكلام , بينما تعني الزيادة ان الرواية غير مشتملة عليها واضيفت الى الرواية من قبل الراوي مثلا , واحتمال سقوط جزء من الرواية اقوى من احتمال اضافة شيء اليها , لأن احتمال سقوط جزء من الرواية له احتمالات كثيرة كما لو غفل عنها النظر او سقطت بالاستنساخ او ان الناقل لم يكن يهتم في الوضوء مثلا في محل كلامنا وكان اهتمامه بالصوم خاصة, اما ان لا تكون هناك زيادة ذكرت في الروايات المشتملة على الزيادة فهذا يعني احتمال اضافة متعمدة من الراوي وهو احتمال ضعيف, والمهم هو ان ما ذكره (قد) مبتني على تعدد روايات ابي بصير .
اما الكلام في روايات ابي بصير فهناك احتمال في اتحاد الحديث الثاني والحديث الرابع[3] بأعتبار اتحاد الراوي واتحاد الامام عليه السلام واتحاد من يروي عن الراوي عن الامام مباشرة , فالحديث الثاني[4] ... منصور بن يونس عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام وهكذا في الحديث الرابع .
وهذا ما يمكن ان يُجعل قرائن على اتحاد هاتين الروايتين ومن هنا بناءا على هذا الاتحاد يكون الاختلاف بين العبارات في الروايتين ناشئا من النقل بالمعنى.
بل قد يقال اكثر من هذا وهو اتحاد هاتين الروايتين مع الرواية الثالثة لأبي بصير[5] بأعتبار ان ابا بصير هو نفس الراوي عن الامام عليه السلام وان كان منصور بن يونس لم يروي عنه في هذه الرواية .
وعند تثبيت الاتحاد لا يأتي الكلام المتقدم من ان الاجمال في الرواية التي ذكر فيها نقض الوضوء لا يسري الى الرواية الاخرى التي لم يذكر فيها ذلك لأنه على هذا الفرض فأن الموجود رواية واحدة لا روايات متعددة.
لكن عندما لا يثبت الاتحاد هل يبقى احتمال كون هذه الروايات رواية واحدة ؟ ومع بقاء الاحتمال هل يمكن الاستدلال بها على المبطلية في محل الكلام ؟
الظاهر ان وجود الاحتمال المعتد به وله ما يبرره على ان الروايات متحدة فأنه يمنع من الاستدلال على فساد الصوم في محل الكلام , فأن الاستدلال بالرواية مبني على افتراض ان هناك ظهور واضح يقتضي بطلان الصوم عند الكذب على الله ورسوله , ومع احتمال وحدة الرواية لا يتحقق هذا الظهور .
هذا بالنسبة الى روايات ابي بصير اما بالنسبة الى روايات سماعة ففي الحديث الاول[6] لم يذكر الوضوء وفي الحديث الثالث[7] ذكر الوضوء مقترنا بالصوم .
ونفس الكلام المتقدم يأتي في المقام ولهذا كان بإمكان السيد الخوئي ان يضيف الى الاستدلال برواية ابي بصير الخالية من الوضوء موثقة سماعة الخالية من الوضوء ايضا , لكنه لم يذكر ذلك لأنه صرح بأن روايات سماعة عبارة عن رواية واحدة , والاستدلال مبني على التعدد لا الوحدة .
والذي يظهر ان احتمال الاتحاد في روايتي سماعة اقوى منه في روايات ابي بصير ,لأشتراكهما في كثير من الامور كالسند وكثير من المتن , وعليه فلا يمكن الاستدلال بها على محل الكلام .
نعم هناك كلام ذكر في كلمات بعضهم لأثبات ان موثقة سماعة خالية من الزيادة وانما هذه الزيادة ذكرت اشتباها على اساس ان موثقة سماعة الاولى تقول (سألته عن رجل كذب في رمضان ؟ فقال : قد أفطر وعليه قضاؤه، فقلت فما كذبته ؟ قال: يكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله) والثانية تقول(سألته عن رجل كذب في شهر رمضان، فقال: قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضي صومه ووضوئه إذا تعمد) والذيل في الرواية الثانية يختلف بعبارة (وهو صائم يقضي صومه ووضوئه إذا تعمد) والمحاولة تريد ان تقول ان الرواية ليس فيها الوضوء وانما هذا الذيل ذُكر هنا اشتباها ومنشأ الاشتباه ان هذا الذيل نفسه موجود في رواية ابي بصير , وبناءا على ذلك يمكن الاستدلال بهذه الرواية وان كانت واحدة لعدم ذكر نقض الوضوء فيها .
والموجود في رواية ابي بصير (نقض وضوءه) بينما في رواية سماعة (يقضي) والظاهر ان اختلاف الكلمة ناتج من تصحيفٍ اثناء النقل والا فلا معنى لقضاء الوضوء .
وكل ما يقال في هذا الاشتباه لا يزيد عن كونه احتمالا , ولا دليل واضح عليه , نعم قد يقال ان الملجأ لهذا الاحتمال ان موثقة سماعة فيها اضطراب في المتن من جهتين الاولى الذي ذكروه واصروا عليه وهو وجود التنافي حيث ان الرواية من جهة تقول (قد افطر) ومن جهة اخرى تقول (وهو صائم) ولا يمكن الجمع بين كون الشخص مفطرا وصائما, والجهة الثانية هي تكرار القضاء في الرواية حيث قال (وعليه قضاؤه) ثم قال (يقضي صومه) فهذا يؤيد ان هذا الذيل غير موجود في الرواية فالموجود هو (وعليه قضاؤه) وهذا الاضطراب في المتن قد يكون هو المبرر لهذه المحاولة , لكن رفع الاضطراب لا ينحصر بهذه المحاولة وانما ذكروا وجوها متعددة لرفعه .