35/06/22


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات مسألة 2, مسألة3
واما الكلام في التفصيلات فأن السيد الماتن اشار الى حالتين الاولى الكثرة وقلنا لعل المقصود بها الكثرة غير المتعارفة من البصاق , والحالة الثانية ان نفترض ان اجتماعه في الفم كان بفعل ما يوجبه عامدا وقد احتاط الماتن في هاتين الحالتين احتياطا استحبابيا, واحتاط غيره احتياطا وجوبيا او في خصوص الحالة الثانية, والظاهر ان منشأ الاحتياط هو دعوى ان الادلة السابقة التي اُستدل بها على عدم مفطرية ابتلاع البصاق لا تجري في هاتين الحالتين او يشكك في جريانها.
والكلام في تمامية الادلة في هاتين الحالتين.
فالانصراف اذا تم في غير الحالتين قد يقال انه يمنع من الانصراف في محل الكلام(الحالتين) .
واما السيرة والاجماع فأنهما دليلان لبيان فإذا دلا على عدم مفطرية ابتلاع البصاق في غير هاتين الحالتين فأن ذلك هو القدر المتيقن, واما في هاتين الحالتين فلا نحرز وجود السيرة على جواز ابتلاعه ولا انعقاد الاجماع على عدم مفطريته ومن هنا يشكك فيه .
واما اذا قلنا ان احد الادلة على منع مفطرية ابتلاع البصاق هو الحرج الذي يقع فيه ولو نوعا , فهذا الدليل قد يشكك ايضا في جريانه في هاتين الحالتين, فأن البصاق الذي يتجمع في فم الانسان بفعل ما يوجبه مثلا غير معلوم بوجود الحرج في تجنب ابتلاعه, لكن الظاهر انه لا داعي لهذا التشكيك لجريان بعض الادلة المتقدمة كالدليل الثاني وهو ان مفطرية الاكل والشرب ليس لها اطلاق بحيث يشمل محل الكلام او على الاقل من وجود التشكيك , واذا شككنا في الشمول وعدمه نقتصر في ذلك على القدر المتيقن, لأن الدليل يكون مجملا من هذه الناحية , والقدر المتيقن من ادلة مفطرية الاكل والشرب هو غير البصاق , فتجري البراءة في جواز ابتلاع البصاق وتجري البراءة ايضا في هاتين الحالتين .
كما ان الدليل الثالث (السيرة) فقد يُدّعى انها قائمة حتى في المقام فالجزم بعدم انعقاد السيرة غير واضح فيمكن ان يُدّعى ان سيرة المشرعة قائمة على عدم تجنيه (البصاق الكثير) .
الدليل الرابع (ان مفطرية البصاق تحتاج الى دليل خاص ولا يكتفى بالأدلة العامة) ايضا نفس الكلام يقال ان البصاق الكثير داخل في محل الابتلاء _ ولا نريد القول ان الابتلاء به كالابتلاء في اصل البصاق من حيث الكثرة وانما نريد القول انه محل ابتلاء ايضا وان كان اصل الابتلاء اكثر _ ويمكن افتراض نوع من الحرج في تجنبه .
واذا ضممنا كثرة الابتلاء به الى افتراض الحرج في تجنبه فأن هذا يستلزم كثرة الاسئلة عنه _ ومع التفريق بالحكم بين اصل البصاق والبصاق الكثير او الكثير الحاصل بفعل الصائم فأن هذا يستلزم الاسئلة اكثر_ خصوصا اننا لاحظنا ان الاسئلة تكثر عن بعض الامور التي ليست محلا للأبتلاء كثيرا, فيمكن القول ان عدم وصول دليل خاص على مفطريته يمكن جعله دليلا على المفطرية في حالةٍ من هذا القبيل, بل يظهر من سكوت الرواة عن السؤال عنه مع كونه محل ابتلاءٍ وجودُ ارتكاز في اذهان المتشرعة على عدم المفطرية .
وعلى كل حال يبدو انه يكفي _لأثبات عدم المفطرية في ابتلاع البصاق مطلقا حتى الحالتين التي ذكرها السيد الماتن وهو الصحيح _في ذلك السيرة ويكفي في ذلك الدليل الثاني ويكفي في ذلك الدليل الرابع وان لم تتم سائر الادلة كالانصراف , نعم في حالة فعل ما يوجب البصاق توقف بعضهم لكن الظاهر ان الادلة السابقة تامة فيه والاحتياط الاستحبابي في محله في خصوص هذا المورد (البصاق المجتمع بفعله عمدا)

مسألة 3 : قال الماتن (لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط وما ينزل من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم، بل الأقوى جواز الجر من الرأس إلى الحلق وإن كان الأحوط تركه، وأما ما وصل منهما إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع)

يقع الكلام في مقامين:-
الاول: فيما اذا لم يصل ما يخرج من الصدر او ما ينزل من الرأس الى فضاء الفم وافتى الماتن بجواز ابتلاعه .
الثاني: فيما اذا وصل الى فضاء الفم .
والذي يبدو ان الحكم في المقامين يرتبط بتحديد معنى الاكل والشرب , والكلام المتقدم كان في شمول الاكل والشرب للذرات القليلة من الطعام مثلا اما الآن فالكلام في شمول الاكل والشرب لهذه الامور( النخامة وما يخرج من الصدر او ما ينزل من الرأس) مع وصوله الى فضاء الفم او مع عدم وصوله فهل يصدق على ذلك الاكل والشرب ؟ او لا يصدق ؟ وهل يصدق مطلقا ؟ او يفصّل بين ما ينزل من الرأس وما يخرج من الصدر؟
ومن الواضح ان الاعضاء التي ترتبط في محل الكلام هي فضاء الفم والحلق والجوف(وهو اعم من المعدة فيشمل المريء مثلا) والمعدة , وهناك احتمالات(ذكروها) لتحديد معنى الاكل والشرب الذي يرتبط في هذا البحث.
الاول : ان صدق الاكل والشرب متقوم بالدخول عن طريق الفم فما يدخل في جوف الانسان (بحسب تعبيراتهم والا فالصحيح هو ما يدخل في معدة الانسان ) عن طريق الفم فهو اكل او شرب والا فلا .
الثاني : دخول الجوف عن طريق الحلق سواء دخل في الحلق عن طريق الفم او عن طريق الانف , فالمهم ان يدخل الجوف عن طريق الحلق.
الثالث : ان يقال بأنه يكفي بالدخول في المعدة وان كان عن طريق غير الحلق .
وبناء على الاحتمال الاول فأن الذي يكون مفطرا هو ما كان خارجا عن جسد الانسان, واما ما كان من جسده ومتكونا في داخله فأنه وان دخل المعدة عن طريق الحلق الا انه لم يدخل عن طريق الفم فلا يكون مفطرا وبناءا على هذا الاحتمال يجوز ابتلاع جميع الامور السابقة سواء كان نازلا من الرأس او خارجا من الصدر .(هذا الحكم بحسب القواعد اذا كان المنع عن الاكل والشرب لا بحسب الدليل الخاص الذي قد يرد فيه المنع في بعض الموارد وان لم يصدق عليها الاكل والشرب)
واما بناء على الثاني فلا بد من الحكم بعدم الجواز فيما اذا وصل الى فضاء الفم, لأنه لا يعتبر في صدق الاكل والشرب ان يكون خارج جسم الانسان, وانما يكفي في صدقهما الدخول في الجوف عن طريق الحلق وان لم يكن داخلا عن طريق الفم, وان لم يكن خارجا عن جسم الانسان , واما اذا لم يخرج الى فضاء الفم اما بالنسبة الى ما يخرج من الصدر فحينئذ لا يصدق عليه الاكل, واما ما يجره من رأسه ويدخله جوفه عن طريق الحلق فالظاهر انه يصدق عليه عنوان الاكل .
واما بناء على الثالث فينبغي الحكم بعدم الجواز في جميع الحالات السابقة بل في غير الحالات السابقة ينبغي ان يحكم بعدم الجواز ايضا(كما لو دخل المعدة شيئا لا عن طريق الحلق).
وقد التزم بعضهم بالاحتمال الثاني فقال بأن المعتبر هو دخول الاكل الجوفَ عن طريق الحلق كما ذكر ذلك السيد الحكيم , لكن هذا القول غير واضح فأن المتبادر من الاكل والشرب الى الذهن هو ما يدخل عن طريق الفم , و بعبارة اخرى ان المتيقن من الاكل والشرب هو هذا المعنى واما ما عداه فيشك في شمول الاكل والشرب له , نعم قد يدّعي شخص ان الغرض من تحريم دخول الاكل والشرب في الجوف عن طريق الفم هو ما يوجب ان يتغذى به الصائم وهذا هو الذي يُفهم عرفا, وحينئذ لا فرق بين ان يدخل الاكل عن طريق الفم او عن طريق الانف او عن اي طريق اخر , فيُجاب ان هذا لا يؤدي الى احتمال صدق الاكل والشرب عليه, فأنه يوجد فرق بين صدق الاكل والشرب وبين المقام , نعم يمكن التعدي الى هذا المورد والحكم بمفطريته لكن لا من باب صدق الاكل والشرب عليه, وانما بأعتبار هذه الخصوصية , والا فالظاهر ان الاكل والشرب لا يصدق الا على ما يدخل في معدة الانسان عن طريق الفم, وهذا هو المفهوم عرفا , وهذا لا يمنع من ان نلتزم بمفطرية اشياء اخرى لا تدخل عن طريق الفم لكن تشترك معه في الغرض, ولا نمنع من الالتزام بأشياء دل الدليل الخاص على مفطريتها , فيكون الالتزام بمفطريتها لا على انها اكل او شرب وانما نلتزم بمفطريتها تعبدا كما لو كان هناك عنوان اخر كالارتماس .