38/05/06


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

كان كلامنا حول موثقة اسحاق ابن عمار ، وفي هذه الموثقة قد ورد ان العائلة اذا لم يكن مالكا الا صاع من المال من الحنطة او الشعير او ما شاكل ذلك فقد دلت هذه الموثقة على انه يترددونه بين افراد العائلة بان يعطي الزوج هذا الصاع بعنوان فطرته لزوجته الفقيرة وزوجته تعطي بعنوان فطرتها الى ولده وهو يعطيها بعنوان فطرته لأخيه او اخته الى ان ينتهي الدور ثم من في آخر السلسلة والدور له ان يعطي هذا الصاع بعنوان فطرته للمصدق الاول وهو الزوج وهو رئيس العائلة او يعطي بعنوان فطرته للأجنبي ، وفي هذه الموثقة جهات.

الجهة الاولى: قد ورد في ذيلها ان فطرت هذه العائلة جميعا فطرة واحدة فيكون عنهم جميعا ، فهل هذه الجملة ظاهرة في ان من كان في اخر السلسة يعطي فطرته للأجنبي او يجوز له ان يعطي فطرته للمصدق الاول وهو ابوه؟

الجواب: الظاهر ان هذه الجملة مطلقة ولا مانع من ان يعطي من وقع في اخر السلسلة فطرته للأجنبي او يعطي فطرته للمصدق الاول باعتبار انه فقير فعلى كلا التقديرين يصدق انه للجميع فطرة واحدة سواء اعطى من في اخر السلسلة وفي اخر الدور للأجنبي او اعطى للمصدق الاول فعلى كلا التقديرين فالفطرة فطرة واحدة لجميع العائلة.

واما الماتن (قدس الله نفسه) فقد حكم بالجواز ولكنه قال والاحوط الاولى ان يعطي للأجنبي لا للمصدق الاول.

ولكن الظاهر انه لا وجه لهذا الاحتياط وإن كان هذا الاحتياط احتياط استحبابي ولكن لا وجه له فان صدق فطرة الواحدة للجميع يصدق سواء اعطى من في اخر السلسلة فطرته للأجنبي او اعطى للمصدق الاول فيصدق في كلتا الصورتين ان لجميع العائلة فطرة واحدة.

ودعوى الانصراف الى اعطائه للأجنبي لا وجه لها ولا انصرف في هذه الجملة ، اذن هذه الجملة لا تدل على اعطائه فطرته للأجنبي بل هو مخير بين ان يدفع فطرته للأجنبي او يدفع فطرته للمصدق الاول ويصرفها على العائلة.

الجهة الثانية: ان هذه الروايات ظاهرها وجوب هذا الاخراج وهذا الدور بين العائلة.

ولكن لا يمكن الالتزام بالوجوب لوجود قرائن على عدم الوجوب.

اولاً: ان هذه الروايات وان كانت ظاهرة في الوجوب ولكن في مقابلها روايات ناصة في عدم الوجوب فحينئذ لابد من رفع اليد عن ظهور هذه الروايات في الوجوب وحملها على الاستحباب فانه من احد موارد الجمع الدلالي العرفي.

ثانياً: انه لو كان المصدق غنيا يجب عليه ان يعطي كل فطرة كل فرد من افراد العائلة ، فجعل فطرة واحدة للجميع قرينة على انه ليس بغني وهو فقير فاذا كان فقيرا فلا محالة تكون فطرة واحدة أمر مستحب وليس امرا واجبا.

ثالثاً: ان تردده بين الافراد بان يعطي الزوج فطرته الى الزوجة والزوجة تعطي فطرتها له أي الى زوجها الفقير وهو يعطي الى زوجته الفقيرة وهكذا الى ان تنتهي السلسلة وينتهي الدور هذا بنفسه قرينة على ان هذا امر مستحب وليس امرا واجبا.

الجهة الثالثة: ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ان هذه الموثقة انما تنطبق على صورتين.

الاولى: فيما اذا كان افراد العائلة كلهم كبار وليس فيهم من الصغار فان الزوج يعطي فطرته لزوجته وهي تعطي فطرتها لابنها الكبير وهو يعطي فطرته لأخته الكبيرة او لأخيه الكبير وهكذا الى تنتهي السلسلة فحينئذ ينطبق هذه الموثقة على هذه الصورة أي فيما اذا كان العوائل كلهم كبار.

الثانية: فيما اذا كان فيهم صغير واحد كما اذا فرضنا ان للزوج والزوجة ولد صغير واحد فحينئذ تنطبق عليه هذه الموثقة فان الزوج يعطي فطرته لزوجته وهي بعدما ملكة الفطرة تدفع فطرتها لزوجها الفقير وزوجها يعطي هذه الفطرة من قبل ابنه الصغير لزوجته الفقيرة وهي في اخر السلسلة.

واما اذا كان عنده صغيران او احدهما صغير والاخر مجنون فيشكل تطبيق هذه الموثقة عليه فان الزوج يعطي فطرته لزوجته وزوجته تعطي فطرتها لزوجها الفقير وبعد ان ملك الزوج فطرة زوجته بالقبض يدفع فطرة ابنه الصغير لزوجته واما ابنه الاخر الصغير او المجنون فلا يمكن ان يستلم هذه الفطرة من الزوجة بعنوان فطرتها لفرض ان الزوجة دفعت فطرتها وليس عليها فطرة ، وكذا لا يمكن استلامها بعنوان الهدية والعارية لأنه خلاف الموثقة فان الوارد في الموثقة يترددون بين الفراد العائلة الفطرة لا العارية ولا الهدية فالموثقة لا تدل على تردد العارية او الهدية وانما تدل على تردد الفطرة بين افراد العائلة ولهذا لا يمكن تطبيق الموثقة على هذه الصورة.

ولكن من دفع هذا الاشكال بان يقال ان هذه الصحيحة التي تدل على ان الفطرة يتردد بين افراد العائلة واطلاق هذه الموثقة يدل على ذلك ويشمله فانه قالت (يترددون الفطرة بين افراد العائلة) فالزوج يعطي فطرته لزوجته الفقيرة وهي تعطي فطرة ابنه الصغير لزوجها والزوج يعطي فطرة ابنه الصغير الاخر او المجنون لزوجته وبذلك تنتهي السلسلة وينتهي الدور فان الظاهر ان هذه الموثقة بإطلاقها يشمل هذا الفرض ايضا.

قد يقال: انه يوجد طريق آخر وهو ان الزوج بما انه ولي على الصغير وولي على المجنون فله ان يأخذ الفطرة للصغير ويأخذ الفطرة للمجنون ويعطي فطرة الصغير لشخص اخر ولفقير اخر.

ولكن قد يستشكل على ذلك بان الولي وهو الزوج اذا اخذ الفطرة للصغير فالصغير مالك لهذه الفطرة واذا كان مالكا لا يجوز اتلافها حتى للولي فمال الصغير انما يجوز اتلافه اذا كان فيه مصلحة للصغير ولا مصلحة في المقام فان الصغير مالك لهذه الفطرة ولا يجوز للولي ان يعطي هذه الفطرة فطرة عنه لشخص اخر والمفروض عدم وجوب الفطرة على الصغير , اذن صرف هذا المال الذي هو ملك للصغير واتلافه غير جائز حتى من الولي اذ ليس له ولاية على صرف امواله اذا لم يكن فيه مصلحة للصغير.

ولكن مع ذلك لا باس بالتمسك باطلاق هذه الرواية فان مقتضى اطلاق هذه الموثقة جواز ذلك أي يجوز للولي ان يأخذ زكاة الفطرة للصغير ثم يعطي هذه الفطرة عنه من شخص اخر , فان مقتضى اطلاق هذه الموثقة يشمل هذه الصورة ايضا فان هذه الموثقة تدل على للولي هذه الولاية في مثل هذه الموارد , بقي شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.